كان الوقت حوالي الساعة 11ونص صباحاً وبلغ الجوع مني مبلغا رغم اني اتناول افطاري دائما مبكرا بعد صحياني من النوم مباشرة وهذه عادة من قبل اربعين عاما تقريبا..المهم حاولت أن اجد مكانا اتناول فيه شئ اسد به رمقي وكنت مارا بشارع البلدية غربا المتفرع من شارع المك نمر الخرطوم ..فدلفت جنوبا بإتجاه المجلس الثقافي البريطاني علني اجد متكأ يريحني من صراخ الجوع ..
صادفت بقالة بها نفر غفير يقتاتون من الفول.. حبيب الشعب.. في الكورنر شمال شرق المجلس واوقفت سيارتي وجلت ب عيني علني اجد شخص او اشخاص يشاركونني فيما اقدم عليه من شراء وتجهيز لأفطار (عادة لا أحب الأكل لوحدي خاصة خارج المنزل وأطلب من الناس بحرارة وإلحاح ان يشاركوني ما اتناوله من طعام إلا اذا رفضو )..
انتظرت قليلا ورأيت الفرج قادما…شلة من الطلبة بزي موحد (عرفت لاحقا انهم يدرسون بمعهد للطيران بالقرب من المكان)..
ما إن اقترب الطلبة مني حتى اقتحمتهم قائلا…(السلام عليكم ابنائي …انا عمكم انور وداير اشارككم ف الفطور لو جايين تفطرو وبدفع الشيرنق بتاعي او خلو الفطور علي لأنو ما بقدر آكل براي)..
وقف الطلاب مندهشين وبعد هنيهة من الصمت بادرني احدهم قائلا…(مافي مشكلة ياعمو مرحب بيك ..طوالي تفطر معانا ونحن بندفع وما دايرين شيرنق منك والله) وهمهم البقية مؤيدين حديثه..وحاولت جاهدا دفع الشيرنق وازيد ورفضو..
المهم..اجلسوني ع صندوق بيبسي فارغ واتحدث معهم عندما ذهب ثلاثة منهم لاعداد الفطور ..وأحضرو الفطور..
في اثناء تناولي الطعام معهم شعرت بأن عددهم اصبح أكبر ف في كل مرة ينادون لأحد زملائهم القادم ويجلس ويمد يده معنا لصحن الفول..ولاحظت أن الصحن بدأ يتناقص بسرعة والفول قد شارف ع الانتهاء..فقلت ف نفسي حان دورك يا انور لشراء مزيد من الفول لهؤلاء الابناء الذين اكرموك ليكفيهم الطعام ..
وهل تصدقو ماذا حدث؟؟؟
والله على ما أقول شهيد هذا ما حدث…
عند الانتهاء من تفكيري بجلب مزيد من الطعام إنبرى علينا فجأة شاب يحمل صحنا كبيرا مملؤءا من الفول المصلح مخاطبا لنا(يا شباب ..والله انا ظبطت فول تمام وكتير وكان مفروض يجو جماعة يفطرو معاي ولكنهم اعتذرو ..هل ممكن تكبو باقي صحنكم دا ف صحني وناكل سوا؟) وفعلا رحب به الطلاب وجلس بصحنه وسكبنا باقي فولنا ف صحنه وتناولنا معه جميعا حتى ما بعد الاشباع…
وانا صامت افكر في هذه القدرة الالهية وهذه الصدف التي بعثت لنا الشاب بالصحن الكبير لينجدنا ويرزق ويكرم هؤلاء الطلاب عوضا عن كرمهم وترحابهم بي وبزملائهم الآخرين ..أليس كذالك اخوتي واصدقائي …شئ عجيب حقا…
شكرتهم والزمتهم by force أن يشربو حاجة باردة ع حسابي ..وادرت سيارتي فرحا بمثل هولاء الابناء..
بقلم
د. أنور أحمد عثمان