هذا لم يحدث من قبل .. أحمد موسى، رجل أعمال وصاحب فندق بالخرطوم، يعقد مؤتمراً صحفياً في قلب الخرطوم، ويتهم من وصفهم بأقارب النافذين بالسعي لإغلاق فندقه رغم أنف التصاديق والمستندات الرسمية التي تكفل للفندق مزاولة العمل، ثم يقول موسى بالنص لكل صحف الخرطوم : (لم يستند القرار الصادر عن وزارة السياحة بالخرطوم باغلاق الفندق على أي مخالفات بالفندق، ولم يوضح أسباب الإخلاء والإغلاق، ولا استبعد أن يكون وراء هذا الأمر أمر أقرباء أحد النافذين )..!!
:: وما لم يحدث من قبل ليس تعطيل وتدمير إستثمارات المستثمرين، فان هذا دائماً ما يحدث .. بالجزيرة، باعت حكومتها مباني وأرض وزارة الأشغال لمستثمر عربي قبل سنوات، وإستلمت قيمة الأرض على ( داير المليم)، بحيث يُشيد عليها أول فندق خمس نجوم خارج ولاية الخرطوم .. ولكن عندما ذهب وكيل المستثمر لإستلام أرض ومباني الوزارة وقد تحولت إلى ( زريبة بقر)، فسأل عن مصدر الأبقار وصاحبها، فخرج إليها صاحبها بمستندات تثبت ملكيته لأرض الوزارة..وهنا لم يجد المستثمر حلا لأزمته غير أن يفاوض ليشتري أرض ومباني الوزارة الحكومية من هذا المواطن أيضا، بعد أن قلبت له حكومة الولاية ظهر المجن بنهج إتصرف معاهو )، وعجز عن ذلك..ثم هرب بجلده ..!!
:: وبالخرطوم، عندما كان المتعافي والياً، ذهب مستثمر سوداني إلى محافظة جبل أولياء، وأشترى من سلطات أراضي الخرطوم أفدنة حجرية غير صالحة للزرع بغرض لإنشاء أكبر مزرعة أسماك في الخرطوم ..وإستلم شهادة البحث، ودفع قيمتها على (داير المليم )، ثم إستجلب عدة المشروع وكوادره..ولكن عند التنفيذ، أصدر والي الخرطوم قراراً بنزع تلك الأفدنة الحجرية، ورفض المستثمر تنفيذ الأمر..ثم تقاضيا وكسب المستثمر كل مراحل التقاضي..ورغم ذلك، إنتصرعليه الوالي ونزع الأرض بموجب قرار إستصدره من رئاسة الجمهورية.. وهنا لم يكن أمام المستثمر غير الإستسلام ثم القبول بقضاء الله وقدره، وباع عدة المشروع و سرًح كوادره..ثم هرب بجلده ..!!
:: عفواً، لو كتبت الصحف عن نماذج القُبح التي تضج بها دهاليز الإستثمار، فلن تجد القضايا الأخرى مساحة ..وكلها نماذج تعكس (بؤس المؤسسية ووهن القوانين)، بحيث بطل كل مأسأة يقول لبطل المأساة الأخرى (ها، أخير إنت )..وقائع مقززة، تعكس بكل وضوح بأن أمر الإستثمار لا يدار بمؤسسية تتحكم عليها مؤسسات الدولة وأجهزتها وقوانينها، بل مراكز القوى – ولو على المستوى المحلي – هي التي بيدها القرار النهائي.. إن إتفقت معك تلك المراكز و رضت عنك، تستثمر كما تشاء و أينما تشاء ..وإن إتتفق عليك وأدارت لك ظهرها، فماعليك إلا أن ( تشيل بقجتك وتتخارج بأقل خسائر )،أي كما الذين توافدوا علينا بعد البترول ونيفاشا .. !!
:: للأسف، ما يحدث لموسى ليس بجديد.. ولكن ما لم يحدث من قبل هو هذا الخروج الشجاع إلى الرأي العام بمؤتمر صحفي يجب أن يُخضع للرصد بغرض التحري والمحاسبة وليس الإطلاع والتجاهل .. فالرجل اتهم من أسماهم بأقارب بعض النافذين بالسعي إلى إغلاق فندقه رغم أنف القانون ..ولم ترد وزارة السياحة على هذا الاتهام المهدد للأمن الاقتصادي.. ويجب ألا يصبح صمت وزارة السياحة نهج السلطات الأخرى، وخاصة الأمنية والنيابية والعدلية .. والشاهد أن رئيس مجلس الوزراء كان قد وعد قبل أسابيع باصلاح الدولة ومكافحة الفساد، وعليه نتناسى كل القضايا السابقة ونتكئ على ظهر هذه القضية الواضحة المعالم، ونقول لمن وعد بالإصلاح والمكافحة ( أها، قول واحد)..!!
الطاهر ساتي