أصبح عسل “مانوكا” واحدا من الصادرات النيوزيلندية الأكثر تميزا على مدار العقد الأخير بسبب فوائده الصحية المزعومة والتي يؤيدها مصادقات من المشاهير والاتجاه نحو الأغذية الممتازة.
ورغم عدم وجود إحصاءات رسمية لحجم الإنتاج من عسل مانوكا ، إلا أن كارين كوس المدير التنفيذي لشركة أبيكولتشر تقول إن إجمالى قيمة صادرات العسل النيوزيلندي ارتفعت بشكل عام من 36 مليون دولار نيوزيلندي (26.4 مليون دولار أمريكي) في عام 2006 إلى 315 مليون دولار في عام 2016 .
ومع ذلك ، فإنه ليس هناك شك في أن عسل مانوكا يقف وراء ارتفاع قيمة صادرات العسل النيوزيلندية خلال هذه الفترة. وفي حين كان النحالون يحصلون على ما بين 9.5 دولار إلى 13 دولارا مقابل الكيلوجرام الواحد من عسل زهرة البرسيم في عام 2016، إلا أن زيارة النحل الذي يربونه لأزهار مانوكا يحقق لهم مكاسب كبيرة ، حيث كانوا يحصلون على 12 إلى 148 دولارا مقابل الكيلوجرام من العسل.
ولكن ما السبب وراء استعداد العملاء في أنحاء العالم لدفع الكثير من الأموال للحصول على عبوة صغيرة من هذا المنتج اللزج حلو المذاق؟ .
هناك مجموعة متزايدة من البحوث تقول إن عسل مانوكا مفيد للشفاء من الكثير من الأمراض- كل شيء بداية من الضمادات والمساعدة على الهضم حتى تعزيز المناعة وتهدئة التهاب الحلق.
إن مصادقات المشاهير لا تؤذي : فمثلا الممثلة سكارليت يوهانسن تستخدم العسل على بشرتها ، في حين طلب المغني إد شيران الحصول على جرعة من العسل في إحدى حفلاته لعلاج حلقه.
ويرى خبراء العسل أيضا إنه يمكن رصد الاختلافات في المذاق، وهنا يقول جون راوكليف، وهو متحدث باسم رابطة “يونيك مانوكا فاكتور هاني اسوسيشن” لمنتجي عسل مانوكا :”مثل الخمور ، هناك اختلافات في المذاق بين العسل العادي، وعسل مانوكا”.
ويضيف :”يختلف مذاق عسل مانوكا بحسب مناطق انتاجه في نيوزيلندا”.
ويتميز عسل مانوكا بمذاق متفرد قوي ولاذع، بل مر إلى حد ما، ويكاد يخلو من السكر، كما أنه لونه غامق بدرجة كبيرة، يتراوح بين الكريمى الغامق، والبني الغامق. ويقول كوس إن رائحة عسل مانوكا تشبه تلك المنبعثة من الأرض الرطبة.
ولإنتاج عسل مانوكا ، ينقل النحالون خلاياهم ،باستخدام المروحيات في كثير من الأحيان، إلى تلال نائية ، التي تنتشر فيها شجيرات المانوكا بصورة كبيرة، وذلك قبيل بدء إزهارها .
وفي هذه الظروف تكون فرص الحصول على عسل مانوكا نقي نسبيا أكبر، وذلك لأن أنواع النباتات الأخرى التي تمثل مصادر جيدة للرحيق عادة ما تزهر قبل أو بعد شجيرات المانوكا.
ومع ذلك، من المستحيل الحصول على عسل مانوكا نقي بنسبة مئة بالمئة من أي خلية نحل، وفقا لشركة “بيز آند تريز” او”النحل والاشجار” لإنتاج العسل .
وتقول الشركة :”حتما سوف يكون هناك دائما سعي من النحل لامتصاص بعض الرحيق السابق أو التالي لرحيق المانوكا. ومع أنها مخلوقات ذكية بشكل لا يصدق ،إلا أن النحل لا يتبع التعليمات البشرية بشكل جيد.لا يمكنك أن تأمره بالتعامل فقط مع أزهار المانوكا”.
ومما يضاعف معضلة نقاء العسل أن المزورين قد حاولوا تحقيق مكاسب من وراء شهرة عسل مانوكا عن طريق وضع بياناته على أصناف العسل الأخرى، ونتيجة لذلك ، طورت المنظمات المعنية بإنتاج العسل نظما للتصنيف ، مدعومة بالبحث، لتضمن للمستهلكين أصالة ونقاء “الذهب السائل”.
وقد طورت رابطة “يونيك مانوكا فاكتور هاني اسوسيشن” ،التي تمثل نحو 75% تقريبا من النحالين المنتجين لعسل مانوكا في نيوزيلندا، نظام “يونيك مانوكا فاكتور” لتصنيف العسل.
ويقول راوكليف :”يتم فحص العسل الذي ينتجه أعضاء الرابطة وتصنيفه وفقا للمعايير الشاملة للرابطة، والتي تشمل الفحص للتأكد من وجود المكونات الأساسية ، وخاصة مادة /ليبتوسبيرين/، التي تؤكد أن المنتج هو عسل مانوكا أصلي”.
ويمكن للمستهلكين العثور على عسل مانوكا بتصنيفات مختلفة من الرابطة، وبأسعار مختلفة بشكل واضح. ويقول راوكليف :”الفرق (في التصنيفات) يرجع إلى وفرة أو مستوى المكونات المميزة التي تم العثور عليها في عسل مانوكا عند اختباره”.
وبعد ما انتشر في وسائل الإعلام بأن الكثير من العسل الذي يباع في الخارج على أنه مميز من نيوزيلندا هو عسل مزيف، بدأت وزارة الصناعات الأولية في نيوزيلندا تطوير أسلوب للاختبار ووضع تعريف علمي له في عام 2014 .
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية ، قامت الوزارة بتشغيل برنامج يهدف إلى تطوير معايير لتمييز عسل مانوكا.
وتم جمع الرحيق والأوراق وحبوب اللقاح من أكثر من 700 نبات، تمثل 29 نوعا نباتيا من 12 منطقة في نيوزيلندا وخمس ولايات في أستراليا. كما قام العلماء بتحليل أكثر من 800 عينة من العسل، تمثل أكثر من 20 نوعا مختلفا من العسل، من 120 من النحالين داخل نيوزيلندا لتحديد الصفات التي ينفرد بها نبات مانوكا، وتنتقل إلى العسل المستخلص من رحيقه.
وبعد نشر تعريف ما يثبت أصالة وجودة عسل مانوكا في وقت سابق من هذا العام، تسعى الحكومة حاليا للحصول على ردود الفعل على شروط التصدير المقترحة بشأن العسل، بما في ذلك التعريف.
وبمجرد الانتهاء من هذا العمل ، سوف يتطلب الأمر خضوع العسل للفحوص العلمية قبل أن يحصل على بيانات التصنيف، التي تقول إنه عسل مانوكا نيوزيلندي.
ويمكن للمستهلكين في البلدان المستوردة في ذلك الوقت أن يثقوا بأن المنتج الذي ينفقون مبالغ كبيرة طائلة من أجل الحصول عليه يمثل صفقة حقيقية، في كل مرة.
صحيفة المرصد