مهما قال الناس في أمر المستشفيات الحكومية في منطقة الخليج، فستظل صروحا طبيةً جديرة بالاحترام والثقة، وقد يلجأ كثيرون إلى العيادات الخاصة كسبًا للوقت في أمور صحية بسيطة أو روتينية، ولكن »ساعة الجد« لا بد من »مستشفى حكومي«، ففيه تجد الرعاية الصحية الشاملة الخالية من الاستهبال، و، نعم، هناك أشياء تعكنن وتسبب ارتفاع ضغط الدم في هذه المستشفيات، ولكن دلوني على منشأة عربية مبرأة من القصور الإداري، فرغم أن التعامل مع المستشفى الحكومي يعرضك للتلتلة والجرجرة، بسبب روتين التسجيل وحجز المواعيد، إلا أنك وفور جلوسك أمام طبيب فيه تحس بأنك في أيدٍ أمينة.
هناك واحد من أشهر وأميز المستشفيات في الجزيرة العربية والخليج، ألجأ إليه مستعينا بـ»الواسطة« كلما احتجت أو احتاج أحد أفراد عائلتي رعاية طبية مميزة، ولكنني حريص على عدم دخول قسم أشعة إكس فيه مهما كلفني ذلك من جهد، ورغم إدراكي أن الخدمات الطبية في ذلك المستشفى ممتازة، فعندما يطلب من الأطباء تصوير هيكلي العظمي، فإنني ألجأ إلى مختبرات التصوير الخاصة! والسبب؟ صونا لشرفي وسمعتي!! كيف؟ سؤال يكشف عن أن القارئ تعرض للطعن في شرفه من دون أن يدري، إذا كان قد خضع للتصوير الإشعاعي في ذلك المستشفى، ففي مداخل قسم الأشعة فيه وأبواب كل غرفة فيه تجد تنبيها بالعربية يقول: يرجى إبلاغ الفني بأنك حامل أو ربما تكون حامل )الصحيح »ربما تكون حاملاً« لأنها خبر كان( المهم تلك العبارة تجعل رجولتك في »خبر كان«.
لم تفهم كيف يكون ذلك؟ الله يكون في عونك ولحسن حظك فأبو الجعافر في خدمتك وخدمة المجتمع. التنبيه ذلك مكتوب بالإنجليزية على النحو الصحيح وفيه كلمة »إف«.. if يعني تبلغ الفني في قسم الأشعة بأنك حامل »إذا« كنت حاملاً، أما بحسب النص العربي فعلى شخص مثلي أن يدخل القسم وقبل أن يخلع ملابسه يقول للفني: اسمي جعفر عباس وكما يوحي شكلي الخارجي فأنا رجل وأقسم بالله ثلاثا أنني فعلاً رجل ولكن حسب التعليمات الموجودة على باب هذه الغرفة علي أن أخبرك بأني حامل.. أو ربما أكون حاملاً.. أظن أنك لم تفهم ما أقول جيدًا.. أرجع إلى العبارة التي ذكرت أنها مكتوبة بالعربية على مداخل غرف الأشعة وستكتشف أن مسألة كونك حاملاً أو احتمال أن تكون حاملاً مسألة محسومة وعليك أن تختار فقط بين أن تعلن أنك حامل بالتأكيد أو »ربما«، وشخص مثلي عنده عيال لا يمكن أن يطعن في شرف نفسه بأن يجعل نفسه موضع شبهات من أجل صورة أشعة… كل ذلك لأن المترجم نسي كلمة »إذا« ربما استخفافا بها لكونها كلمة هزيلة الشكل تتألف من أحرف ثلاثة.
»إذا كنت حاملاً أو هناك احتمال أن تكوني حاملاً يرجى إبلاغ فني الأشعة بذلك« وخلاص، فـ»إذا وحدها لا تكفي بل لا بد أن تكون صيغة مخاطبة المؤنث واضحة! ضعوا هذا التنبيه في أبواب غرف الأشعة حتى لا تطعنوا في شرف رجل«.
قبل أيام قرأت خبرًا مفاده أن رجلا قارب التسعين في راجستان في الهند رزق بمولود، وأنه عزا فحولته وخصوبته لشرب حليب الإبل، وأن أهل الإقليم يقولون أن ذلك الحليب يقوم مقام الفياغرا، ولست اختصاصيًا في المسالك البولية أو الأمراض التناسلية ولكنني أعلن بقلب جامد أن حليب الناقة هو نقيض الفياغرا.. وما لم تكن بدويًا أصيلا فإن ذلك الحليب يسبب لك إسهالاً يؤدي إلى نقلك إلى قسم طوارئ مستشفى، لعلاجك من الجفاف الذي يسبب بدوره تقوس الفقرات السفلى من الظهر، ما يتطلب نقلك إلى قسم الأشعة في »ذلك المستشفى« لتحلق شنبك وتعلن أنك حامل.
زاوية غائمة
جعفر عباس