منذ سقوط نظام القذافي تحولت ليبيا الي مايشبه مسرح للعمليات العسكرية والمطامع الدولية وقبلة للتنظيمات الاسلامية المتطرفة بل ان هذا الصراع امتد الي مكونات تلك الدولة حتي اقتسم كل كيان جزءا من ليبيا واصبح له حكومة وراية يقف تحتها هذا الوضع اغرى جميع الحركات المتمردة والمسلحة في الاقليم بالذهاب الي هناك اولا لجلب السلاح ثانيا استغلال الموارد ثالثا العمل كمرتزقة للفئة التي تدفع اكثر بل ان تجار البشر جعلوا من موانئ ليبيا منصة الي الانطلاق الي اوربا .
علي الرغم من دعم وتضامن السودان الكامل مع الشعب الليبي لاستعادة الأمن والاستقرار من خلال دعوته للفرقاء الليبيين الي ضرورة الوقف الفوري للعمليات المسلحة الا ان ذلك لم يشفع له من الاتهامات المتكررة بأنه داعم للارهاب واخر هذه التصريحات ماصدر امس الاول حيث فاجأت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب الليبي المنتخب التابع للواء المتقاعد خليفة حفتر في مدينة البيضاء» باغلاق القنصلية السودانية متهمة موظفي القنصلية بانهم يقومون بأعمال تتنافي مع الوضعية التي حددتها الاتفاقيات الدولية لموظفي البعثات الدبلوماسية والقنصليات والتي تصب في خانة المساس بالأمن القومي الليبي» .
اتهامات سابقة
في وقت سابق اتهم احد منسوبي قوات حفتر في بعض وسائل الاعلام السودان بدعم الجماعات «الاسلامية » المتطرفة وان السودان ارسل مقاتلين للقتال الي جانب جماعة اسلامية «متطرفة» تقاتل الحكومة، وقتها استدعت الخارجية القائم باعمال سفارة ليبيا بالخرطوم ،حيث ابلغه وكيل وزارة الخارجية في ذلك الوقت عبدالله حمد الأزرق رسميا احتجاج السودان علي التصريحات التي ادلي بها احد منسوبي قوات حفتر، واوضح الوكيل ان السودان يقف موقف الحياد ازاء ما يجري في ليبيا وان السودان يقف علي مسافة واحدة من جميع الاطراف في ليبيا مع استعداده للعب دور الوسيط ومواصلة دوره الايجابي الداعم لارادة الشعب الليبي منذ ثورة 17 فبراير 2011
وفي ذات السياق اتهم رئيس الوزراء الليبي فى حك ومة حفتر عبد الله الثني السودان بارسال طائرة محملة بالاسلحة والذخائر الى مطار مدينة الكفره. لكن السودان نفى الامر واشار الي ان الطائرة تحمل مؤنا وذخائر للقوات المشتركة السودانية الليبية التي تحرس الحدود بين البلدين.
وفي الشهر الماضي اتهم المتحدث باسم قوات حفتر العقيد أحمد المسماري قطر وإيران والسودان بدعم «جماعات إرهابية» في بلاده، مضيفا أن السودان «يدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا ويوفر لهم التدريب والسلاح الذي تحصلت عليه تلك الجماعات من قطر وإيران عبر ممرات وفرتها حكومة الخرطوم.
اتهامات غير مؤسسة
بعد سيل الاتهامات التي ظلت تدفع به حكومة حفتر علي السودان قررت اول امس وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة المؤقتة ،المنبثقة عن مجلس النواب الليبي المنتخب في مدينة البيضاء شرقي البلاد، عن إغلاق القنصلية السودانية في مدينة الكفرة «جنوب شرق ليبيا»، و طالبت البعثة السودانية بمغادرة البلاد في غضون 72 ساعة.
وقال وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي، سليمان عوض، لـ»بوابة الوسط»، «تم استدعاء القنصل العام لجمهورية السودان لدى ليبيا، بحضور مدير إدارة الشؤون العربية بالوزارة، خليفة الرحيبي، وتم إبلاغه بقرار السلطات الليبية بإغلاق القنصلية ومغادرة البعثة الدبلوماسية السودانية الأراضي الليبية في غضون 72 ساعة» .
وأوضح عوض أن قرار السلطات الليبية بإغلاق القنصلية السودانية بمدينة الكفرة يأتي»بسبب الممارسات التي يقوم بها موظفو القنصلية، والتي تتنافى مع الوضعية التي حددتها الاتفاقيات الدولية لموظفي البعثات الدبلوماسية والقنصليات والتي تصب في خانة المساس بالأمن القومي الليبي»، دون مزيد من التوضيح .
رفض دبلوماسي
تأسفت الحكومة السودانية، على قرار الحكومة الليبية المؤقتة بإغلاق قنصليتها في الكفرة ، وإبعاد طاقمها، وقالت إن الخطوة اتخذت بناء على «اتهامات غير مؤسسة» وأعلنت الشروع في اتصالات مع الجانب الليبي لمزيد من التحقق».
وقالت الخارجية السودانية، على لسان متحدثها الرسمي قريب الله خضر « إنها تأسف لما تضمنه البيان الذي أعلنته الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبدالله الثني بإغلاق القنصلية السودانية بالكفرة بناء علي اتهامات غير مؤسسة وتفتقر للأدلة علي تجاوز بعض طاقم القنصلية لمهامهم الطبيعية» .
وأشار المتحدث باسم الخارجية الى أن القنصلية ومنذ إنشائها في عام 2003 ظلت تُمارس مهامها وفقاً لاتفاقية «فينا» للعلاقات القنصلية ،واتساقاً مع القواعد والتقاليد الدولية المرعية في العمل الدبلوماسي والقنصلي.
وتابع « رغم الظروف الأمنية التي تعيشها المنطقة ، أسهمت القنصلية وما زالت في تعزيز التواصل الاجتماعي والتبادل التجاري عبر حدود البلدين ،الأمر الذي شهدت به قيادات وأعيان الكفرة في مناسبات عديدة» .
وأوضح الخضر أن السودان بذل وما زال يعمل من خلال مساهمته عبر آلية دول جوار ليبيا والآلية رفيعة المستوي التابعة للاتحاد الإفريقي والمساعي الأممية ومن خلال تعاونه الثنائي علي دعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في كافة ربوع ليبيا، وانه عازم على مواصلة ذات الدور.
وأضاف « شرعت وزارة الخارجية في إجراء اتصالات مع حكومة الوفاق الوطني لمزيد من التحقق حول الأمر والتأكد من مدي وفاء الجانب الليبي بكافة الحقوق والامتيازات التي تكفلها معاهدة فينا والمواثيق الدولية ذات الصلة للبعثات الدبلوماسية والقنصلية ،وتحتمها روابط الإخاء وحسن الجوار.
استدعاء واجب
وإستدعت وزارة الخارجية امس القائم بأعمال سفارة دولة ليبيا بالخرطوم علي مفتاح المحروق بشأن البيان الذي أعلنته أول أمس الحكومة الليبية المؤقتة بطبرق بإغلاق قنصلية السودان العامة بالكفرة حيث أبلغه السفير يحيى عبدالجليل مدير عام ادارة المراسم رفض الوزارة للإتهامات والمزاعم في حق القنصلية العامة بالكفرة ،مضيفاً أنها ظلت منذ إنشائها محل احترام وتقدير من كافة أعيان وقيادات وأهل المنطقة الذين تربطهم تبادلات تجارية وثقافية واجتماعية تخدم مصالح أبناء البلدين الشقيقين، داعيا إليّ مراجعة هذا القرار بما يكفل عودة القنصلية لممارسة دورها الطبيعي.
من جانبه أعرب القائم بالأعمال الليبي عن أسفه لهذا الأمر مضيفاً أن حكومة الوفاق الوطني بطرابلس تثمن مواقف السودان الداعمة لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا ،منوهاً للدور الإيجابي الذي تضطلع به قنصلية السودان بالكفرة في خدمة مصالح البلدين ، مشيراً إلي أنها تقع حالياً خارج ولاية سلطات حكومة الوفاق الوطني ،واعداً-رغم ذلك – بنقل هذه الرسالة لرئاسة حكومته في طرابلس.
الخرطوم : هويدا المكي
الصحافة