رفضت المثول أمام البرلمان.. وزيرة التعليم العالي والبرلمان.. صراع (الغلبة) و(العلو)

تلوح في الأفق، نذر مواجهة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، بعد رفض وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، بروفيسور سمية أبوكشوة المثول أمام لجنة التربية والتعليم بالمجلس الوطني. ووقع أكثر من ثلاثين نائباً لصالح استدعاء الوزيرة، للمثول أمام لجنة التربية والتعليم للإدلاء بتوضيحات حول قضية طلاب دارفور بجامعة بخت الرضا، مع مساءلتها عن أسباب ودواعي تزايد أعمال العنف الطلابي بالجامعات السودانية. وكذلك، فإنه طبقاً للطلب الذي قدمه النائب المستقل محمد طاهر عسيل، لرئيس البرلمان مشفوعاً بتوقيع (32) نائباً، فعلى وزيرة التعليم العالي الإجابة على تساؤلات متعلقة بالأزمة من شاكلة من المسؤول عن دخول الأسلحة إلى حرم الجامعات، وكيف يتم دخولها، وأين يتم تخزينها.
أما السؤال الأبرز فكان كالآتي: هل للوزارة سيادة على الجامعات؟.
بين زمنين
يعيد رفض الوزيرة المثول أمام البرلمان إلى الأذهان صورة الصراع الذي كان دائراً بين الجهازين التشريعي والتنفيذي إبان فترة تولي الراحل د. حسن الترابي رئاسة البرلمان وشهدت موجة من الاستدعاء المتكرر للوزراء في البرلمان ومساءلتهم.
وكان من أسباب تصاعد الأزمة بين (القصر والمنشية) وانتهت بإصدار قرار جمهوري بحل البرلمان لإنهاء تلك الازدواجية في إدارة الدولة وصولاً إلى مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في رمضان العام 1999م.
ورغم أن الوضع الحالي مختلف عما هو عليه سابقاً، إلا أن هذه القضية في حد ذاتها قد تفتح باباً للتساؤلات والاستفهامات حول مصير تعديلات أجراها البرلمان على لائحته الداخلية لتنظيم عمله النيابي كفلت لأي عضو بالمجلس توجيه سؤال، واستجواب الوزير بعدد توقيعات ثلاثين عضواً.
دهشة
أعرب عدد من نواب البرلمان استغرابهم من نهج سمية أبوكشوة في رفضها المثول أمام اللجنة البرلمانية، متذرعة بحجة قانونية متعلقة بلائحة الاستدعاء، وهذا ما رفضه عضو البرلمان عن المؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام، معتبراً ذلك بالتبرير غير الكافي، وقال لـ (الصيحة) إن من حق المجلس الوطني أن يستدعي رئيس الوزراء، مضيفاً أنه لو لم يكن في مقدورهم استدعاء وزير فعليهم ساعتئذٍ كنواب الدفع باستقالاتهم من البرلمان، وأن يلزموا منازلهم.
وتساءل عمر، هل يراقب البرلمان الحكومة وفق اختصاصه الدستوري أم يراقبها حينما تتواضع وتتكرم وتقبل مراقبتها وتختار ما تستجيب له من مبادرات رقابية. مذكراً بأنهم يدافعون عن مصالح المواطنين.
بعدها رمى عمر الكرة في ملعب الوزيرة، وقال: هل الوزيرة قانونية أو لها علاقة بالقانون، مشيراً إلى أن ذات أمر المثول طال وزير الإعلام، د. أحمد بلال وهو في ذات موقعها الدستوري نائباً لرئيس الوزراء مذكراً بامتثال الرجل لدعوة البرلمان والمثول أمامه لأن البرلمان له المراقبة والمحاسبة.
اختصاص
وفي منحى ذي صلة، توجه النائب البرلماني، عن الإخوان المسلمين، حسن عبد الحميد، إلى وجهة أخرى، وقال إن استدعاء الوزير لا بد أن يكون عبر اللجنة المختصة وليس عبر الأفراد، وعلى الوزير المختص الحضور والمثول أمام اللجنة متى ما طلب منه ذلك. مشيراً إلى واقعة مماثلة قامت بها لجنة الإعلام في البرلمان قبل أسبوعين لوزير الإعلام د. أحمد بلال لمساءلته حول تصريحات أدلى بها في القاهرة واستجاب حينها.
ووصف كمال عمر رفض وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بروفسور سمية أبوكشوة المثول أمام البرلمان ولجانه بأنها سابقة تعطي مؤشراً غير جيد في تعامل الجهاز التنفيذي مع الجهاز التشريعي، قائلاً إن ما بدر من الوزيرة نهج يخالف لائحة البرلمان التي تلزم كل شخص مهما كان موقعه بالامتثال، مذكراً أيضاً بنص ثانٍ على لائحة المجلس يعطي رئيس اللجنة البرلمانية حق استجواب الوزير.
أما حسن عبد الحميد فأكد أن من حق البرلمان كجهة رقابية متابعة عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية، وفي هذا السياق يأتي استدعاء المسؤولين.
فرصة ذهبية
وعاب عبد الحميد على الوزيرة تفويتها على نفسها فرصة وصفها بالذهبية برفضها المثول أمام لجنة البرلمان لتوضيح الحقائق حول قضية دار حولها كثير من اللغط، ولتحل الحقائق محل الشائعات التي ملأت وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن كمال عمر عاد ونبه إلى أن القضية التي طلب من الوزيرة المثول بشأنها أمام البرلمان ليست بالقضية العادية، ودار حولها كثير من اللغط داخل السودان، وقد تتسبب للبلد في أزمة ومشكلات مع المجتمع الدولي، وقال: هذا برلمان وظيفته مراقبة ومحاسبة الجهاز التنفيذي.
سحب الثقة
في مقابل رفض الوزيرة المثول أمام اللجنة، هدد النواب الذين تقدموا بطلب الاستدعاء بالاتجاه نواحي جمع تواقيع لطرح الثقة عن الوزيرة. في هذا الخصوص قال كمال عمر إنه في حال تخلف الوزير عن الحضور كتابة تقرير ورفعه لرئيس البرلمان بالواقعة، ومن حق رئيس البرلمان أن يدعو البرلمان لجلسة طارئة ويصدر قراراً بحجب الثقة، والذي هو بحسب اللائحة يتخذه البرلمان بكامل عدده لأنه قرار كبير لا يتخذه عضو أو رئيس البرلمان بمفرده، وعقب ذلك يخاطب رئيس البرلمان رئيس الوزراء بالتوصية بإقالة الوزير أو حجب الثقة عنه.
ووصف حسن عبد الحميد إجراءات سحب الثقة بالعملية المعقدة، وقال إن البرلمان كجهة رقابية لا تصدر عنه قرارات سحب الثقة وإنما يوصي الجهاز التنفيذي بسحب الثقة عن المسؤول المعني، ولكنه أشار إلى أن على رئيس الوزراء الاستجابة للبرلمان إن طلب ذلك، لأنه حسب لائحة البرلمان الجديدة فهو مسؤول أمامهم بإنفاذ توصيات النواب.
وعن كيفية طرح الثقة عن الوزيرة بموافقة كامل عضوية البرلمان المنتمية غالبيته المكانيكية لذات حزب الوزيرة، حزب المؤتمر الوطني، قال كمال عمر إن هذه لائحة البرلمان وإن وقف المؤتمر الوطني ضدها وعطلها بالأغلبية تكون كارثة، حيث لا يجوز للمؤتمر الوطني أن يقف ضد القانون وهذه اللائحة تمثل النظام الأساسي للمجلس.

الخرطوم: الطيب محمد خير
الصيحة

Exit mobile version