الإمعة ..!!
نواب المجلس التشريعي بولاية الخرطوم، منذ التشكيل الوزاري الأخير و حتى مطلع الأسبوع الفائت، كانوا في (سبات عميق).. وكأن الأمر لايعنيهم، طوال أشهر صخب الإسهالات المائية و صراخ ضحاياها وضجيج اعلامها، لم نسمع لنواب الخرطوم صوتاً قوياً يطالب باقالة زيد من الجهاز التنفيذي أو إستقالة عبيد.. وبالمناسبة، لهم سلطة سحب الثقة عن المسؤولين (غير المسؤولين)..ولكنهم توسدوا العجز و التحفوا الفشل، وظلوا (نياماً)..!!
:: وهم في كهفهم المسمى – مجازاً – بقاعة المجلس ، زارهم النائب الأول لرئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء قبل أسبوع.. وخاطبهم -وحكومتهم – بالنص الناقد : (ما أنجز في الولاية دون الطموح، لاننا نراقب ونلاحظ ونتلقى من المواطنين، وهناك شواهد تشير الى انحسار خدمات المياه، وتدهور البيئة اصبح هاجساً يكشف عن وجود ضعف في التشريع او ضعف في التخطيط اوالمتابعة).. وغادرهم ..!!
:: ويبدو أن الرسالة وصلت سريعاً.. أي بعد أسبوع من نقد رئيس الوزراء لآداء حكومة الخرطوم، انتفض السادة بنواب الخرطوم – يوم الاثنين الفائت – في وجه حكومة الخرطوم، وأسمعوها من النقد و كالوا لها من الهجوم ما عجزت عنهما المعارضة والصحف .. ويقال أن أحد النواب تقدم باستقالته – وتم قبولها في ذات لحظة التقديم – احتجاجاً على واقع الخدمات بالخرطوم .. يا سلام .. إستقالة هذا النائب – الكان نايم – تصلح بأن تكون (فيلماً وثائيقاً)، لأنها من الظواهر النادرة .. !!
:: ما حدث بقاعة مجلس الخرطوم، ذكرني بما حدث – في ذات القاعة – قبل ثلاث سنوات تقريبا.. غادرها مأمون حميدة ةغاضباً قبل أن يعرض تقريره للنواب..أغضبوه، ووصفوه بالمتكبر و المسئ للمجلس والمستخف بعقول نوابه وغيره من أنوع الهجوم الكاسح..ثم إعترضوا – بالضجيج الجماعي – ردوده وتعقيبه على نقاشهم وأسئلتهم وهجومهم، فخاطبهم قائلا بالنص الغاضب : ( لو أصلاً ما عندي سُلطة تعقيب على كلامكم، إتكلم معاكم ليه؟).. وغادر القاعة ..!!
:: ولكن بعد ثلاثة أشهر فقط من هجوم النواب وغضب الوزير، كان الحدث بكافوري تدشين طبي، وفيه مدح رئيس الجمهورية حميدة وأثنى على جهده ونشاطه، وخاطبه أمام الحشد : (أقول لأخونا مامون حميدة إنت بلدوزر، وأنا جبتك عشان توصل الخدمة العلاجية للمواطنين في مواقعهم، وما تسمع أصوات الناس البكوركو ديل)، أوهكذا كانت الرسالة الرئاسية – واضحة جداً- لمن يُغضبون حميدة و لمن يهاجمون آداء وزارته، نواباً كانوا أو صحفاً..!!
:: وسريعاً، وصلت الرسالة الرئاسية ..إذا كانت الجلسة الأولى لمجلس الخرطوم بعد خطاب الرئيس، وكانت ضاجة بالمدح والثناء للوزير حميدة وآداء وزارته.. شكروه ومدحوه، وتحدثوا عن نشاطه وإنجازاته، و طالبوا رئيس الجمهورية بمنحه (وسام الجمهورية)..بل، بلغ المدح مقاماً قال فيه احد النواب : (في الحج بلغني أحد الأطباء بأنه رأى في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبه قائلاً : بلغ سلامي لمأمون حميدة).. هكذا مدح حميدة، وقوبل المدح بسيل من التهليل والتكبير..!!
:: هكذا الوضع الرقابي بالمجلس التشريعي للخرطوم.. (راقبوه)، لتكتشفوا انه يمدح حكومته إذا مدحت الرئاسة وتنتقدها إذا إنتقدت الرئاسة .. واليوم، لو خاطبت الرئاسة حشدا جماهيرياً ومدحت حكومة الخرطوم، سوف يسحب هذا النائب استقالته ثم يصفق النواب لحكومتهم، وربما يخرج أحدهم للناس قائلاً : ( أنا شوفتا نبي الله الخضر عليه السلام، وقال لي بلغ سلامي لعبد الرحيم محمد حسين).. وعليه، نقترح للبرلمان الأب تعديل الدستور و القوانين بحيث يصبح هذا البرلمان الإبن إدارة من إدارات رئاسة الجمهورية..!!
الطاهر ساتي