لم تكن المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس البشير بنائبه السابق علي عثمان محمد طه بعد أن تقدم الأخير باستقالته في نهاية العام 2013م، ولم تخرج تلك اللقاءات عن كونها لقاءات في مناسبات اجتماعية وزيارات خاصة متبادلة بين الطرفين، ولكن ما راج عن أنباء حول لقاء البشير الأخير بطه بحسب الزميلة (التيار)، والذي جرت فيه مشاورات ونقاشات بشأن العلاقات السودانية الأمريكية، بعد أن مضت أيام قليلة على قرار تأجيل رفع العقوبات الأمريكية حتى نهاية أكتوبر وقبيل زيارة الرئيس للسعودية، الأمر الذي يولد العديد من الأسئلة.. هل لا زال طه ذات الكاريزما المدبرة في صنع القرار رغم ابتعاده عن المواقع التنفيذية، ولا زال كونه المرجعية الأساسية في تدبير الأمور. *لا يمكن الاستغناء عنه القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي أكد أن علي عثمان ما يزال محتفظاً بكونه مرجعية من المرجعيات وله كسب كبير وخبرة وله رأيه مثل كثير من القيادات الذين خرجوا، وتعتبر تلك القيادات رصيداً يستفاد منه بحسب خبرتهم السابقة، غير أن القيادات الحالية تعول عليهم كثيراً، وقال عبدالعاطي إن ترك المواقع التنفيذية لا يعني البعد عن إبداء الرأي، وكل ما كانت تلك القيادات متفرغة لإبداء الرأي، كان رأيهم سديداً ولا يمكن الاستغناء عنهم، ووصفه قائلاً (شيخ علي من أهل التذكير) وليس بالضرورة أن يعود بشخصه للمواقع التنفيذية ما دام رأيه موجوداً ويشاور ويؤخذ به، فهو بالضرورة موجود. ومن جانبه قال المحلل السياسي صلاح الدومة إن جميع الطاقم القديم موجود ولهم أثر ودور واضح ويراقبون بدقة ما يجري في مركز صنع القرار ويرجعون إليهم لمشاورتهم في كل صغيرة وكبيرة. *لقاء طبيعي وفي السياق وصف القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبدالرازق اللقاء الذي تم بأنه لقاء طبيعي لعضو داخل الحزب وصاحب خبرة يمكن أن يدلي برأيه في مسألة ما، وأكد أن الرئيس البشير هو الذي يسيطر على مقاليد الأمور إلا من يحب أن يشاور فيه ولا يكون ذلك إلا جزءاً من التشاور، وأن طه سياسي عتيق ولديه من الخبرة ما يكفي ليكون موقعاً للمشاورة والرأي، وواجب على الرئيس أن يشاور أصحاب الخبرات ولا يعني ذلك أن يعود عثمان للصف القيادي ولا يرغب الرئيس في ذلك، فهو تجاوز أبناء الحركة الإسلامية وأصبح حكماً عسكرياً، وقال عبدالرازق إن علي عثمان انزوى بنفسه عن سلطة القيادة، ولكن لا يعني ذلك ابتعاده عن المشاورة وإبداء الرأي. فيما يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري إن تلك اللقاءات إذا كانت منتظمة بين الرئيس وعلي عثمان يكون لها أثرها وإن علي عثمان ما يزال مسيطراً وله دوره الفاعل، وأما إذا كانت اجتماعات فردية يكون أثرها محدوداً. *بعيد عن السياسة كما استنكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيّب زين العابدين تطرق اللقاء لأكثر من قضية ساخنة وهي قضية العلاقات الأمريكية السودانية لكون أن علي ابتعد عن الأضواء لفترة طويلة وبعيد عن العمل السياسي، وأن تلك القضية معقدة ومسؤول منها وزير مؤهل، وأبدى زين العابدين استغرابه من أن الرئيس في لقائه بطه يحدثه عن أكثر قضية معقدة، واستبعد أن يكون اللقاء تطرق للقضايا الساخنة والتي قطع فيها شوط كبير لحلها ولا تحتاج لمشاورات جديدة خاصة وأن فترة المهلة قصيرة، وأوضح أن المرحلة لا تستدعي السودان أن يغير اتجاهه ولا يأتي بمشاورات جديدة. *إيجاد حل واستبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية راشد التيجاني عودة علي عثمان للعمل التنفيذي مرة أخرى وقال إن آراء علي عثمان وخبرته في العمل السياسي ووزارة الخارجية سابقاً وعلاقاته، كلها عوامل تؤهله ليكون له دور يساعد في إيجاد حل للعلاقات الأمريكية. اللقاء يؤكد حديث مراقبين وسياسيين إبان إقالة طه، بأنه خرج من القصر نعم، ولكن سيظل مرجعاً ومكان استشارة في كيفية إدارة الحكم بالبلاد.
تقرير:ناهد عباس
اخر لحظة