شغلت قضية طلاب دارفور بجامعة بخت الرضا الرأي العام، خاصة وأن خروج الطلاب من الجامعة بعد تقديم استقالاتهم كان مهيباً وذاد الالتفات الى القضية أن الطلاب كانوا يسيرون راجلين حتى الشارع الرئيسي، وتعاطفت معهم قطاعات واسعة من الشعب السوداني بالداخل والخارج. وبعد صعوبة نجحوا في استغلال مركبات عامة (بصات) واتجهوا من الدويم نحو الخرطوم، وكانوا يشتاطون غضباً مشيرين الى أن ما زاد من غضبتم فضلاً عن فصل 14 منهم وتوقيف 9 آخرين قيد التحقيق هو إساءات عنصرية وجهها أحد الأساتذة، وكانت المفاجأة أن السلطات منعتهم في محطة (التفتيش) بجبل أولياء العبور الى الخرطوم، عادوا بحسب ما علمنا وارتكزوا في قرية الشيخ الياقوت ورابطت المركبات معهم حتى الصباح أملاً في السماح للطلاب بالدخول الى عاصمة البلاد، كل هذه الأزمة بتداعياتها المختلفة التي بدأت في مايو الماضي إثر احداث نشبت بين طلاب دارفور المعتصمين بجامعة بخت الرضا والمطالبين بعودة المنبر النقابي وراح نتيجة الاشتباك بهذه الأحداث المؤسفة فردين من الشرطة كما أتلفت بعض المعدات الرياضية. واتخذت الجامعة نتيجة ذلك عدداً من القرارات رفضها الطلاب، (الجريدة) رأت أن تقف على المشهد عن قرب وترصد فصوله من الياقوت التي خرج أهلها يتقدمهم الشيخ الياقوت وإبنه محمد الشيخ الياقوت اللذان منذ أن فتحت (عيونهم) وعلموا أن الطلاب كانوا يلتحفون السماء بالقرب من قريتهم هرعوا وسارعوا لنجدتهم وحمايتهم وإيوائهم وكتبوا بذلك موقفاً سيسجله لهم التاريخ وأكدوا أن المواطنة لفظ لا يفسره إلا أهل القوم.
في التفتيش:
في نقطة التفتيش طلب منا نظاميون التوقف وإبراز هويتنا ورخصة القيادة وترخيص العربة، وسألونا بعد أن علموا أننا صحفيين الى أين وجهتكم وقلنا لهم نحن في طريقنا الى قبة الشيخ الياقوت للقاء نجله محمد الشيخ الياقوت، احتجزونا بعد أن اعتذروا بلطف وطلبوا منا الجلوس حتى يتم الرد، وكأنهم ينتظرون شخصاً ما، ومكثنا حوالي ربع ساعة ليأتي الشخص المنتظر بعربة (بوكس) وقابلنا مبتسماً وقال لنا لا مانع لدينا وحاولوا (لطفوا الجو وما تقولوا ناس الأمن اعتقلونا).
في المسيد:
الطريق الى المسيد للذي لا يعرفه قد يتوه وهو يرى المعالم ماثلة أمامه وقريبة (القبة والمئذنة) دون أن نسأل أحد دلفنا الى أحد الطرق لنتفاجأ أنه من الصعوبة بمكان تجاوزه الى المسيد ومن الملاحظات أن أحد المواطنين كتب على جدار بيته الذي يقع في زقاق (هذا الطريق يصعب أن تمر به السيارات). عدنا الى الشارع الرئيس ووجدنا شابين دلونا على الطريق، وفي المسيد كان المشهد غريباً فقد رأينا عدداً من طلاب الخلاوى ومعظمهم كما تبين لنا من دارفور ومن مناطقها المختلفة، وبعد صلاة الجمعة كان لقاءنا بالشيخ محمد الشيخ الياقوت ليكشف لنا عن تفاصيل وما دار في اليومين الماضيين.
مع الطلاب في الشارع:
الغبار لافحاً والجو ساخناً وكذلك مشوب بالحذر فسيارات الشرطة اتخذت مكاناً قريباً منهم، وكان أفرادها في حالة تأهب واستعداد وكذلك كان مدير أمن كوستي حاضراً ومدير الشرطة، الطلاب جلسوا القرفصاء في مجموعات وبدأ الأرق ظاهراً في الوجوه التي عبثت بها الأتربة وحرارة الشمس اللاحفة كانوا يتهيبون كل من يقترب منهم وهو ليس من الاشخاص الذين عرفوهم في الأيام الفائتة، أبرزنا لهم الهويات الصحفية وطلبنا من بعضهم وكانوا يجلسون بالقرب من بقالة أن يدلونا على اللجنة، فاشاروا الى مجموعة كانت تجلس بالقرب من البصات، ذهبنا إليهم ولكنهم توجسوا ولم يجيبوا على أسئلتنا وقالوا إن الشرطة منعت التجمهرات ولكنهم عادوا واستجابوا بعد إلحاح وكشفوا أن اللجنة في اجتماع داخل المدرسة، وفي الطريق الى المدرسة التقانا مسؤول طلاب جزب المؤتمر الشعبي ـ الحاج ـ وأكد أن اللجنة مجتمعة في داخل المدرسة مع برلمانيين .
اجتماع المدرسة:
دخلنا الى المدرسة ووجدنا ممثل جامعة بخت الرضا ومعه موظفين وسألناهم عن مكان الاجتماع واشاروا إلينا بمكانه ولاحظنا أن هناك طالبات كن يتواجدن بالمدرسة وصلنا مكان الاجتماع وكان بالقرب من مسرح المدرسة ووجدنا النائب محمد علي شوقار وهو رئيس مجلس حركات دارفور والنائبة حياة يفاوضون الطلاب ويحاولون اثنائهم وعدولهم عن رغبتهم للتوجه الى الفاشر ولكن كانت اللجنة مصرة على ذلك وطلبت من شوقار وممثل الجامعة بتأمين رحلتهم فقط دون تدخل من السلطات، دخل شوقار في مكالمة مع شخص وكان يحدثه عن تعنتهم ورفضهم وخسرانهم لقضيتهم حال إصرارهم.
الأوضاع:
كشف أحد أعضاء اللجنة أن يوم أمس شهد توترات ولم يستطع الطلاب تناول وجبة الإفطار إلا بعد المحاولة التي قام بها شيخ محمد والذي قام بتقديم وجبة الإفطار للنظامين أولاً ليتراجعوا عن موقفهم بعدم السماح لأهل الياقوت بتقديم الفطور وقال إن البقالة القريبة من مكان تواجدهم فتحت أبوابها لهم في وقت متأخر وأشار الى أن ليلة أول أمس كادت أن تحدث فيها مواجهات لولا تدخل الشيخ الياقوت والتزام السلطات له بعدم التعرض لهم وقلل من عودة طلاب بمحض إرادتهم الى الجامعة.
ممثل الجامعة:
أكد ممثل الجامعة مسؤول الطلاب الطلاب الوافدين أن ادارة الجامعة وافقت على إسقاط الغرامات واقترحت تشكيل لجنة لعودة الطلاب المفصولين مشدداً بأن المسار القانوني لا تسطيع التدخل فيه ويعني بذلك الطلاب التسع الموقفين قيد التحقيق وقال أن الجامعة ستستمر الدراسة فيها لأن بها أكثر من 10 ألف طالب والطلاب المستقيلين حوالي 536 وإن ذهبوا لن يوثروا على استقرار الجامعة.
القرار الأخير:
قررت اللجنة أن تتوجه البصات الى الفاشر ووافق المسؤولون بحضور قيادات أمنية رفيعة بالسماح لهم وطلبوا منهم بأن يتوزع أعضاء اللجنة الخاصة بهم على البصات ويحمل معهم “المنفستو”. بهذا أسدل ستار المشهد بتمسك الطلاب بإعادة المفصولين وإطلاق سراح الموقفين نظير عودتهم للجامعة، في وقت كشف فيه مصدر أن والي النيل الأبيض عبد الحميد موسى كاشا سيلتقيهم بالدويم.
الشيخ الياقوت: أشرف عبد العزيز: علي الدالي
صحيفة الجريدة