# قد تبدو السعادة في حياتنا سراباً نراه من بعيد، فنركض نحوه دون فائدة! ونخطط للوصول إليه ولكن عبثاً نفعل! فنشعر – أحياناً بالإحباط والتعاسة، لأن كل ما حلمنا به كغاية لبلوغ الإحساس المطلق بالسعادة قد ذهب أدراج الريح، ونستكين إلى اعتقاد جازم بأننا لا نعرف سبيل السعادة أو ربما لا تعرف هي سبيلها إلينا، فهل السعادة قيمة موجودة حقاً؟ أم أنها مجرد وهم نحرص على إبقائه حياً حتى نشعر بأن لحياتنا معنى ونعطيها هدفاً؟!
من أحاجي جدتي التي لا تزال تنبض في ذاكرتي، أن امرأة قصدت عطاراً لشراء عقار السعادة، بعد أن فقدت ابنها الوحيد، فطلب منها العطار بعض المواد لصناعة العقار السحري الذي تريده، شريطة أن تجمع تلك المواد من بيوت الحي، وفي البيت الأول سمعت صوت نواح، وأخبروها أن صاحب البيت مات للتو، فمضت مسرعة لحال سبيلها، وفي البيت الثاني سمعت امرأة تصرخ من ضرب زوجها فخجلت من طرق الباب ومشت إلى حال سبيلها، ولم تكد تصل إلى البيت الثالث حتى أوقفتها جنازة صغيرة، فسألت: لمن؟ فأخبروها، لقد مات الطفل الذي أنجبته صاحبة البيت منذ يومين، فبكت المرأة ومضت بعيداً، وهكذا.. عادت للعطار بخفي حنين، وعندما سألها عن المواد المطلوبة لعقار السعادة أجابته بحدة: “عن أي سعادة تتحدث؟! لم أعد أنشدها يا سيدي”.
# إذن.. السعادة وهمٌ نؤمن به فنحقق لأنفسنا السعادة المرجوة وكل ما يترتب عليها من انعكاسات إيجابية على حياتنا، فنحن الذين نحقق لأنفسنا ما يعرف بالسعادة، فقط حين نرضى بنصيبنا من الدنيا ونحتفي بحظنا ونتذكر الموت ولا ننسى أن الحياة الدنيا مطية الآخرة.
إن كل الساخطين التعساء ساهموا بطريقة ما في بلوغهم هذا الحد من التعاسة والأحزان، فهم الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت فبدأوا يبحثون عن أسباب ومبررات لفشلهم في أمور بعضها قد لا يستحق أن نجعله مقياساً نهائياً لإحساسنا بعدم السعادة، فهل يكفي ضيق ذات اليد أو الإخفاق الأكاديمي أو الإصابة بالمرض بمختلف درجاته أو الفشل في تحقيق أمنية عزيزة أو غاية معنية كسبب جازم لنطلق عبارات الاستياء ونكيل الاتهامات لكل ما حولنا ومن حولنا على اعتبار أنهم قد عرقلوا سعادتنا فتعثرت في طريقها إلينا.. بهم؟
# إنك يا عزيزي القارئ.. من تحقق السعادة لنفسك وشعورك بها نابع من هدوئك الداخلي وقناعتك بما أنت عليه من نصيب كتبه لك الله منذ الأزل، بعيداً عن الهواجس والقلق والخوف من المجهول، فصوت السعادة لا يخنقه إلا حنجرة الخوف، ونحن قادرون دائماً على تحقيق سعادتنا العملية والزوجية في سائر مراحل حياتنا حتى نصل المرحلة التي نستمد بها سعادتنا من سعادة الآخرين من أبناء وأحفاد وأحباب وأصدقاء. ويعرف علماء النفس السعادة بأنها: «شعور وجداني يخص الإحساس والعاطفة، وهي من العمليات العقلية العليا، بحيث تشترط وجود القناعة الشخصية لما يملكه الإنسان من ظروف وأحوال بجانب إحساس الاستمتاع».. هذا بشكل عام، ولكن من الناحية الفردية: «فكل شخص يستطيع أن يعرف أو يقول شيئاً عن السعادة من موقعه في الحياة وظروفه الخاصة».. علماً بأن خلو الفرد من العوارض النفسية والتوترات المزمنة والمستمرة أساس للإحساس بالسعادة، لكن هذا لا يعني أن وجود مثل هذه العوارض المؤقتة يمنع الإحساس بها. فدعونا نمنح أنفسنا السعادة ولا ننتظرها من الغير.
{ تلويح:
لا تبحثوا عن السعادة.. ولكن كونوا مستعدين دائماً لتكونوا سعداء.
إندياح – صحيفة اليوم التالي