«1»
نادى وزير المعادن بروفيسور هاشم علي سالم الى «ضرورة مراجعة السياسات الخاصة بعملية شراء وبيع الذهب واقترح تكوين لجنة لدراسة اثر تلك السياسات كما طالب ، في تصريحات صحفية ، بمراجعة لوائح قوانين التعدين ومراجعة الرسوم المفروضة علي المعدنين ، وقال ان وزارته ستعمل للحد من عملية تصدير خام المعادن » ، وتلك بدايات تستحق الوقوف عندها ، خاصة ان الوزير قد عاد من زيارة الي الولاية الشمالية ولمس معاناة المعدنين وناقش هموم الولايات ومطالبها في أمر الذهب ، وتلقي مخاوف البعض من تأثيرات التعدين الاهلي ومن الشركات ومن المصانع ، وعليه فان هذه الرؤية منطلقة من مشاهدة ميدانية ، وبين يدي ذلك لابد من الاشارة الي ان وزارة المعادن اصبحت رهينة الصلة بالذهب ، وكادت ان تتحول الى وزارة الذهب ، حيث انصب الاهتمام بالذهب ونال أغلب اهتمام الوزارة وحتى تقرير الاداء السنوي ونصف السنوي يركز بصورة خاصة على انتاج الذهب واخر تقرير امس يشير بالتفصيل الى انتاجية الذهب دون أي معدن آخر وقد تحققت انتاجية عالية من الذهب فاقت الربط المقدر و بلغ انتاج النصف الاول من العام الحالي «50.22» طن بقيمة «1.6» مليار دولار ، فيما بلغ انتاج التعدين التقليدي «42.6» طن» ، مع ان البرنامج الخماسي اشار بالارقام الي معادن أخري وركز علي رفع انتاجية الحديد من 350 طنا الي 500 طن ، والمنجنيز من 35 ألف طن الي 46 ألف طن والنحاس من 10 الاف طن الي 30 ألف طن وهكذا في بقية المعادن ، ان الوزارة معنية بتوسيع دائرة الاهتمام بالمعادن الاخرى .
«2»
ان واحدة من ملاحظات الاخ الوزير في زيارته للولاية الشمالية هي مراعاة اشكالات المعدنين ، وكان البرنامج الخماسي الاقتصادي قد أوصى بضرورة تقنين نسب الانتاج بين الحكومة والشركات ومراجعة قانون الثروة المعدنية ولائحة التعدين الاهلي وقد بذل جهدا مقدرا في ارساء المعايير في هذا المجال ، ولكن توسيع الحوار مع المجتمع يحدث الرضا الاجتماعي ، فما زال هناك احساس بالغبن في بعض المناطق ، كما ان المسؤولية الاجتماعية تستصحب الشركات ، بينما بعض الافراد حصلوا علي ثروات ضخمة تفوق حتي شركات كبرى ، ومع رسوم محددة فانهم خارج المساهمة في المسؤولية الاجتماعية ، وفي كل الاحوال فان المعدن العادي مظلوم ، ورغم المخاطر وغياب التأمين علي الحياة والتأمين الصحي والسلامة المهنية فان ما يحصل عليه يعتبر «فتات» من بين فوائد ضخمة يحصل عليها اصحاب الآبار ، والمواقع ، كما ان الرسوم متباينة من ولاية الي أخرى والخدمات معدومة في كل الاحوال.
لقد اشار التقرير الى ان مشتريات بنك السودان من الذهب المنتج بلغت «20.4» طن صدر منها البنك «16.122» طن وبلغ صادر الشركات «2» طن فيما بلغت صادرات القطاع الخاص «2.2» طن ومثلت صادرات الذهب بغرض التصنيع والاعادة «1.7» لتصل جملة الصادرات الي «22 طناً» ، ان هذه الارقام محدودة قياسا مع الانتاج الكلي «50 طناً » ، وربما يشير ذلك الي اتخاذ مزيد من الاجراءات الجاذبة للشراء وللتصدير من الناتج الكلي ، اننا بحاجة الي الذهب لتغطية فجوة النقد الاجنبي في ميزان المدفوعات الخارجية ، لقد صعد سعر الدولار الي 21 جنيها أمس مع الفورة السياسية ذات الارتباط بأمر رفع العقوبات الاقتصادية ، والعلاج الفعلي لهذه الظاهرة هي ضخ نقد في البنوك والصرافات لمقابلة الاحتياج الفعلي والذهب وغيره من المعادن مصدر لذلك ، ولهذا ربما الضغط علي الوزارة يتزايد ، ولكن الاهم بناء سياسات ذات ديمومة واستمرارية.
د.ابراهيم الصادق علي – الصحافه