لم يكن قرار تمديد الرفع النهائي للعقوبات الإقتصادية عن السودان من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخيباً لامال حكومة وشعب السودان فقط بل انه شكل صدمة لكثير من الهيئات والمنظمات الدولية التى ظلت تراقب عن كثب جهود السودان خاصة في المسارات الخمسة التى حددتها الإدارة السابقة كمحاور للحوار بين الخرطوم وواشنطن.
ومنذ تولى الرئيس ترامب لشؤون البيت الأبيض ظل العالم يترقب القرارات التى تصدر باهتمام لكن لاشك ان القرار حول رفع العقوبات عن السودان كان اهمها ، خاصة وأن الرغبة في إجراء حوار سياسي بين السودان والولايات المتحدة لم تكن من جانب السودان فقط بل أن الجانبان كانا بحاجة لإدارة حوار صريح يضع الحلول لكافة المشكلات خاصة بعد الإضطرابات الأمنية التي مرت بها دول المنطقة بجانب حاجة الولايات المتحدة لدور السودان في مكافحة الإرهاب.
واعربت جانيت ماغيليقوت المسؤولة السابقة في البيت الأبيض عن خيبة املها في قرار الرئيس الأمريكي بتمديد الرفع النهائي وارجعت قرار التمديد الى حداثة ترامب في ادارة الولايات المتحدة . وقالت علينا ان نفهم ان الرئيس ترامب لم يكمل حتي الآن سبعة اشهر لذلك لم يقم بتعين مساعد لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية وكذلك لايوجد مسؤول في البيت الأبيض على مستوى الأمن القومي ليشرف على الشأن الأفريقي وقالت ان هذا في حد ذاته امر كارثي.
واضافت ماغيليقوت ان السودان حقق ماعليه واوفى بجميع التزاماته لكن السبب في التأجيل هو غياب مسؤول في الخارجية يوصى برفع العقوبات ، وقالت ان السودان شكل عوناً كبيراً في مكافحة الإرهاب “وهذه العقوبات كان ينبغي ان ترفع منذ سنوات طويلة ” واضافت ان هذا امر محزن لكن الرئيس ترامب ينتظر ظهور موظفيه.
وطالب مشعل بن فهم السلمي رئيس البرلمان العربي برفع كامل للعقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أحادي على السودان وذلك إثر القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية بإرجاء النظر في أمر العقوبات على السودان لمدة ثلاثة أشهر، مؤكداً ان السودان أوفي بتعهداته المتفق عليها في إطار الحوار الثنائي بين الجانبين . واضاف أنه سبق أنه بعث برسالة خطية وجهتها في شهر مايو الماضي إلى رئيس مجلس النواب الأمريكي ، وطالب فيها برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع كامل للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وذلك تقديرًا للجهد الكبير الذي يقوم به السودان في محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن والسلم في العالم العربي والإسلامي وإفريقيا.
يبدو ان ردة الفعل الحكومة السودانية عقب قرار التمديد رفع العقوبات دفعت مسوؤلي الإدارة الامريكية للمسارعة بعقد تنوير اعلامي للمهمتمين من الرأي العام الأمريكي بحضور مسؤولين رفيعي المستوى ومشاركين في عملية التقييم الخاص بالسودان لتوضيح دوافع ترامب بتمديد العقوبات .
وقال مسوؤل امريكي في ادارة ترامب ان الإدارة تعترف بأن السودان أحرز تقدما كبيراً في مسارات رفع العقوبات على مدى الأشهر الستة الماضية ، ولكن بالنظر إلى أن الإدارة الجديدة جاءت في يناير ولا زالت تنظر فيما تم وما يمكن القيام به ، وتم إرجاء قرار تمديد الرفع النهائي الى ان الإدارة الأمريكية لذا تحتاج إلى مزيد من الوقت لمراجعة الإجراءات التي قام بها السودان وإثبات أن الحكومة قد أظهرت إجراءات إيجابية في جميع المجالات المنصوص عليها في الأمر التنفيذي.
واضاف “رحبنا بما فعله السودان من أجل أن يصبح أكثر انسجاماً مع المعايير الدولية ومحاولة دمج اقتصاده في السوق العالمية ونريد أن تكون لدينا علاقة إيجابية للمضي قدما ، واشار الى ان السودان إحراز تقدماً ملموساً” في المسارات الخمسة . وقال فيما يتعلق بمسألة وصول المساعدات الإنسانية فقد تم بالفعل إحراز تقدم في القدرة على الوصول إلى أماكن مختلفة بشأن ضمان وصول بعض المواد الإضافية.
ولم يكن الإتحاد الأفريقي ببعيد عن ذلك حيث بعث رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي بخطاب الى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر خلاله عن خيبة امل الإتحاد الأفريقي بقرار التمديد وقال ان الحكومة السودانية تعاملت مع كافة الأمور بايجابية واوفت بوعودها والتزاماتها واضاف الخطاب ان الشعب السوداني هو الذي يعاني من العقوبات ، وشدد على ان رفعها بصورة نهائية ضرورة لاستقرار السودان واستقرار المنطقة.
حاجة الولايات المتحدة لتعاون السودان وجهودة في مكافحة الإرهاب من الإمور المسلم بها وهو ما أقرت به مراراً بل ان النبرة التصالحية التى جاءت في البيان الخاص بتمديد رفع العقوبات كانت على غير العادة من البيانات التى يصدرها الرئيس دونالد ترامب تجاه دول العالم لجهة ان البيان اعترف صراحة بايفاء السودان بالمسارات الخمس واشار الى الخطوات الإيجابية الت خطتها الحكومة السودانية غير ان ذلك لايغير حقيقة ان الولايات المتحدة لم تف بالتزاماتها تجاه السودان.
تقرير: رانيا الامين
(smc)