الديمقراطية بين د. نافع والحوار الوطني

الديمقراطية بين د. نافع والحوار الوطني
يُحمد للدكتور نافع علي نافع – وربما يُؤخذ عليه أحياناً – أنه يتسم بشفافية ووضوح وصراحة مدهشة، نادراً ما تجدها عند السياسيين الذين يفضلون الصمت والاستماع إلى الحديث الذي كثيراً ما يهوي بالسياسي إلى منزلقات وسقطات تُحسب عليه، وربما تُؤثر على مستقبله وتبقى بعد موته أحاديث تُرددها الأجيالُ.
آخر تعليقات نافع المدهشة، هجومه على الديمقراطية التي اتهم الدول الكبرى باستخدامها وسيلةً للاستعمار الحديث، ومحاولةً لإضعاف بلدان العالم الثالث عبر شعارات الحريات الصحفية والشخصية، معتبراً أن أكبر تحديات الديمقراطية استغلالها من الداخل والخارج بالحديث عن الحريات!.
يا سبحان الله !.. نافع الذي حصل على درجة الدكتوراه في الزراعة من أميركا التي تُعتبر إحدى قلاع الديمقراطية، يُهاجم الحُريات والديمقراطية، بالرغم من علمه أنها تعتبر أهم آليات الحكم الراشد الذي يفصل بين السلطات بما يكبح جماح الطغيان السياسي، ويقضي على الفساد ويقيم العدل بعيداً عن تغول السلطة التنفيذية التي يعتبر انفرادها بالحكم أكبر عوامل تخلف الدول وفسادها وانهيار منظومة العدالة الذي يورث التغابن والاحتراب بين مكونات المجتمع.
ليت نافع الذي لا يزال يحتل مركزاً متقدماً في هياكل الحزب الحاكم يقتنع بأن جميع الأحزاب السياسية في السودان سواء التي ارتضت الحوار أو الرافضة، بما في ذلك الحركات الحاملة للسلاح، لا تتفق إلا على خيارٍ واحدٍ، هو أن يتراضى الجميعُ على مسارٍ ديمقراطيٍّ حقيقيٍّ، يتوصل إليه الجميعُ، وفق خريطة طريق متفق عليها. وأقسمُ بالله، أنني لو كنتُ في مكان قادة المؤتمر الوطني، لعلمتُ أنه من مصلحة حزبهم ومصلحة السودان قبل ذلك، أن يكون الأكثر اقتناعاً بهذا المسار لأسباب كثيرة، أهمها أنّه سيحصد ثمار موقفه هذا نقلاً للسودان من حالة الاحتقان السياسي إلى رحاب الاستقرار والسلام والتداول السلمي للسلطة، بما يُحسب له ويجنبه أخطاء الانفجارات التي عصفت ولا تزال بكثيرٍ من دول المنطقة العربية.
المؤتمر الوطني أخي نافع، في وضعٍ مريحٍ مقارنةً بالأحزاب الأخرى المفلسة مادياً والضعيفة تنظيمياً، فكما كتبت في مقال سابق، فإنه ليس كالاتحاد الاشتراكي الذي ذاب كرغوة الصابون بمجرد أن هبت الانتفاضة الشعبية، ذلك أنه يتمتع بقدراتٍ تنظيميةٍ يقوم عليها كوادر مدربة ومثقفة، وقدرات مالية توافرت له دون غيره من الأحزاب خلال سِني حكمه الطويل، ولا أريد الآن أن أنكأ الجراح، وأتساءل عن مشروعية ذلك؟.
من مصلحة المؤتمر الوطني أن ينشئ ممارسة سياسية راشدة في السودان، من خلال دعم النشاط الحزبي والممارسة الديمقراطية، ذلك أنه يقوي بالمنافسة والعكس صحيح، ولو كنت في قيادة الوطني لاعتبرت تقوية الممارسة الديمقراطية في السودان أولوية لا تقل أهميةً من تقوية المؤتمر الوطني، فذلك خيرٌ للسودان، يتعين على الوطني أن يسعى إلى تحقيقه.
لذلك فإن على المؤتمر الوطني أن يمضي في الحوار بقوةٍ، ويبتعد عن الانفراد بالقرار بما في ذلك قيام الانتخابات التي لن تكون سوى تكرار لانتخابات 2010م، التي أبقت السودان في نفس مربع الاحتقان والاحتراب والفساد والحكم المطلق الذي علينا جميعاً أن نعمل على الخروج من نفقه المظلم.
إن على المؤتمر الوطني، وعلى الرئيس البشير، وقيادات الوطني أن يولوا الحوار الوطني الذي يلتئم يوم الأحد القادم، اهتماماً أكبر من خلال إنفاذ خريطة الطريق، واتفاق أديس أبابا، ومن ثم دعوة الإمام الصادق المهدي والحركات المسلحة للانخراط في الحوار ودفع جميع استحقاقات ذلك من حُريات ومطلوبات تهيئة مناخ ووضع انتقالي يهيئ لقيام انتخابات نزيهة وشفافة، أما الانتخابات الحالية فإنها لن تورثنا غير الخبال.
الحريات بين عفاف تاور والنور أحمد النور
أعجبني تصريح رئيسة لجنة الإعلام السيدة عفاف تاور حول اعتقال الأستاذ النور أحمد النور، مراسل صحيفة الحياة اللندنية، ومستشار صحيفة “التغيير”، والذي وصفت فيه ما حدث بالردة والانتكاسة البائنة في قضية الحريات العامة، معتبرةً ذلك اعتقالاً مشبوهاً.
ذلك ما نرجوه لبرلماننا المفترض أنه يمثل الشعب السوداني، أن يكون سلطة تشريعية ورقابية حقيقية مستقلة عن السلطة التنفيذية، بل وزاجرة لها عند خروجها على مقتضيات الحكم الراشد.
رُغم ذلك فإن تصريح رئيسة لجنة الإعلام لن يكون له معنىً، ما لم يتبع ذلك فعل إيجابي على مستوى البرلمان الذي كان ينبغي أن يتلقف ما صرحت به عفاف تاور ويجري تحقيقاً حوله ويستدعي السلطة التي اعتقلت النور، ويكف يدها عن الخروج على الدستور والقانون في ما يتعلق بالحريات، بما في ذلك حرية التعبير.
بين حسن أحمد عبد الرحمن ومعتز البرير
في ثنايا مقالي بالأمس عن الأخ المرحوم المهندس حسن أحمد عبد الرحمن، سقطت عبارة مهمة هي أن الرحلة التي جمعتني والدكتور معتز البرير، كانت تضم ثلاثتنا شخصي ود. معتز والمهندس حسن، حيث شهدنا في نهاية القرن الماضي معرض التقانة التلفزيونية الذي يُقام سنوياً في العاصمة الهولندية (امستردام)، وذلك ما وطد العلاقة بين معتز وحسن، وجعل معتز بخُلقه الرفيع يستضيفه الشهور ذات العدد في مستشفى رويال كير حتى وفاته.

الصيحة -الطيب مصطفى

Exit mobile version