الغرق في بحر (الرهونات)!!

حَسب مَعلوماتٍ لا يَرقى إليها الشّك، قَدرٌ كَبيرٌ من العقارات الحكومية – وشبه الحكومية – مَرهونة حالياً لعددٍ من البنوك، وحان ميقات سداد الديون فعجزت حكومة ولاية الخرطوم عن السداد، فأصبحت هذه العقارات في مَهَب الرياح، حسب قانون الأموال المرهونة.. ورأي الناس بأم أعينهم كيف أنّ المبنى التاريخي الذي يتبع لمحلية أمدرمان بِيع تحت طائلة الرهن.. وتحوّلت ملكيته لأسرة معروفة عريقة.

وحسب علمي – الأكيد – غالبية العقارات الحكومية هي الآن )مرهونة( للبنوك.. بل وعلى حَد وَصف خبير مصرفي أنّ بعض الشوارع بأكملها مرهونة.. ومواقع شهيرة منها أندية وإستادات ومواقع أثرية تاريخية.. لم يَبقَ شئٌ خارج قوائم الرهن.

ومعلومٌ أنّ هذا الفيض من الرهونات يَعني فُيوضاً من )التمويل( تَسلّمتها الحكومة من البنوك.. ولا حرج.. فتلك مُهمّة البنوك الأساسية، لكن يبقى السؤال الحتمي، هل كانت للحكومة خُطة مُحَدّدة لإعادة هذه الأموال إلى البنوك – بأرباحها – أم أنّ سُهُولة الرهن والحُصُول على التمويل لم يدع فُرصة لدراسات جدوى ترسم خارطة الطريق لتستعيد البنوك تمويلها.

هذا المسلك تكرّر في وجه أكثر خُطورة، فبعد سنوات من العلاقات الاقتصادية والسياسية المُتميِّزة مع دولة الصين اتضح أنّ مُؤسّسات الدولة الاتحادية والولائية أيضاً استسهلت رحلات البحث عن التمويل من الصين، فالوزراء الاتحاديون يُسافرون كل شهر ويُوقِّعون اتفاقيات التمويل، ثم ولاة الولايات بل حتى الوزراء والمُعتمدين، ليستيقظ السودان فَجأةً ويجد نفسه غارقاً في بُحورٍ من الديون، التي لم يهتم أحدٌ بالسؤال كيف تسدد.. فكانت المحصلة أن تعثر السودان في سداد ديون الصين، وأضعف ذلك حظه في الحصول على قُروضٍ جديدةٍ.

يجدر الآن، وولاية الخرطوم تُدشِّن حكومتها الجديدة أن تكشف للشعب مالك هذه البلاد بما ومن فيها.. كيف ستعالج قضية الديون المتعثرة هذه.. وطبعاً ليس من المطروح بيع الرهونات حالياً لسببٍ بسيطٍ هو صُعوبة الحصول على مُشترين في ظل أزمة اقتصادية خانقة لم تعد تسمح لرجال الأعمال أكثر من المحافظة على استثماراتهم أطول فترة مُمكنة في انتظار الخروج من النفق بأقل الخسائر.

العِلّة الحقيقية في غياب التخطيط، فالآن الحكومة الجديدة لولاية الخرطوم )بعد التعديل الطفيف( ستواصل في برنامج الـ)لا( خُطة.. وتقضي يومياتها المسطرة لها حسب أقدارها لتترك الأزمات ذاتها لمن يأتي بعدها..
هذا في الخرطوم العاصمة، فما بالكم في الولايات!!

حديث المدينة – عثمان ميرغني
صحيفة التيار

Exit mobile version