بين طه عثمان وزهير السراج

لا أناقش الموضوع من ناحية عاطفية، أو من منطلقات ضيقة، ولا أخصّه بحالة الفريق طه “الشاذة”، إنما أرى أن الأمر يتطلب دراسة قانونية، والاسترشاد بما هو موجود في الدول الأخرى، والتي نشير إليها اليوم..
الكاتب القدير والمقروء زهير السَّراج في زاويته “مناظير”، عقَّب على ما كتبته الثلاثاء الماضي، حول “حمل أصحاب المناصب الدَّستورية جوازات مزدوجة”، وفتح باباً مهماً للنقاش، وقبل التعقيب عليه أوضح أني لم أتَّهم تلك الفئة “بالخيانة”، كل ما هناك أني نقلتُ الصورة التي ينظر بها الناس إلى مرتكب الفعل.
قال زهير السَّراج إن معظم قوانين الدول الكبرى، لا تمنع تولِّي أصحاب الجنسيات المزدوجة مناصبَ رفيعة، لأن حرمانهم من تولِّي الوظائف العامة، يُعتبر خرقاً للدستور، وانتهاكاً لحقوق المواطنة والمساواة، وأنه لا يجوز إتهام شخص مسبقاً بالخيانة بناءً على نوع الجنسية التي يحملها، إنما إلتزامه بالشروط التي وضعها القانون لتولِّي الوظيفة.
كيف لا تمنع قوانين الدول، أصحاب الجنسيات المزدوجة من تولِّي مناصبَ رفيعة؟
أستاذي وزميلي زهير، لقد صدر قانون في الجزائر، يمنع أصحاب الجنسية المزدوجة من تولِّي 15 وظيفة في الدولة، أبرزهم الوزير الأول، رئيس المجلس الوطني، رئيس المجلس الدستوري، رئيس المحكمة العُليا، محافظ بنك الجزائر، مسؤولي أجهزة الأمن، وآخرون، بل ويتعيَّن على كل شخصٍ مدعو لتولِّي مسؤولية عليا، أن يقدِّم” تصريح شرفي” – كما أطلق عليه الجزائريون- يشهد بموجبه تمتعه بالجنسية الجزائرية وحدها دون سواها.
باكستان أصدرت قانوناً قبل عامين، منعت فيه حَمَلَة الجنسيات المزدوجة، من تولِّي مناصب عليا في الدولة، خاصة القضاء والجيش ومناصب حساسة.
في العراق، تم إصدار قانون يمنع الجنسية المزدوجة لرئيس الوزراء، والوزراء، ووكلاء الوزارات، وأعضاء مجلس النواب، والقُضاة، ومراتب عليا في الجيش والأجهزة الأمنية.
هناك كثيرٌ من الدول لا تسمح بإزدواج الجنسية لمواطنيها، مثل ألمانيا، التشيك، إسبانيا، والإمارات وآخرين كُثر.
أما في الولايات المتحدة، فأبرز شروط الحصول على الجنسية، أداء القسم الآتي نصَّه:” أقسم بولائي الخالص للولايات المتحدة الأمريكية وأتخلى عن أي ولاء سابق لي لأي دولة كنت سابقاً من رعاياها وان أدافع عن الدستور والقوانين الأمريكية وأن أحمل السلاح للدفاع عن أمريكا متى ما طلب مني القانون ذلك وأن أقوم بأي عمل ذو طبيعة مدنية تخدم المصلحة الوطنية اذا ما طُلب مني ذلك”.
أليس هذا قسم وولاء، يتعارض مع مصالح كثير من دول العالم؟
مايكل فلين مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، تم عزله بعد أن ثبت أنه كان مستشاراً للحكومة التركية، وتقاضى منها أموالاً في السابق، وحينما رأت الإدارة أن في ذلك تضارب مصالح لا يتماشى مع منصب حساس في الحكومة، اضطر ترامب إلى عزله، فما بالك باللذين يحصلون على جنسيات حكومات أجنبية أثناء تأدية مهامهم مثل الفريق طه؟!
نجوى قدح الدم، تم تعيينها سفيرة في الخارجية، وهي مستشارة الرئيس موسيفيني، وتحمل الجواز الأوغندي، وحينما خُيرت بين الوظيفتين، اختارت مكتب موسيفيني..
بعد كل ذلك، ألا تعتقد أن ثمة مشكلة يا زهير؟!

لينا يعقوب

Exit mobile version