شخصية الأسبوع .. الفريق طه (بتاع) السعودية

حين أقيل الفريق طه عثمان الحسين، من منصبه، مديراً لمكاتب رئيس الجمهورية، ظن كثيرون أن الرجل –شأن أغياره؛ سيتولى إلى الظل، ما دروا أنه ما يزال قادراً على السقاية، وقادر كذلك على خطف الأضواء كما جرى من وقائع ظهوره غير التقليدي في القمة الإفريقة الأخيرة، ضمن كادرات الوفد السعودي.
وبدا من حراكه المحموم في عاصمة الأحباش، أن طه قد تحول إلى رقم صعب في المعادلة الخليجية التي تحاول المملكة العربية فرضها، تارة بالعواطف، وتارات بالحزم والعواصف.
ولذا بات في حكم اليقين، أن الخرطوم اشترت حيادها مما يجري بين فرقاء (الرياض والدوحة) بالتضحية برجل السعودية في السودان، الفريق طه عثمان، بحسبانه قد تحول مع مرور الوقت من مبعوث للرئيس السوداني للخليج إلى مكون رئيس في أزمة الخليج التي تريد الخرطوم اتقاء فتنتها وشرورها.
يقول طه إن مصالح السودان لن تضار من تحركاته تحت اللواء الأخضر السعودي، وإنه سيحدث العكس تماماً، بتحوله إلى تأمين هذه المصالح ورعايتها، مع العمل المستمر على نمائها. لكن غالبية الآراء تذهب إلى أن الفريق سيصعب عليه التفريق بين الوطن ومن اختار ذهابه من قيادات المؤتمر الوطني الحاكم، ولذا من غير المستبعد أن يلعب أدواراً خلف الكواليس لا تخدم المصالح السودانية بتاتاً.
الباعث على الطمأنينة -ولو مؤقتاً- هو أن علاقات الخرطوم مع الرياض تقوم وفقاً لمعطيات كثيرة، على رأسها استمرار المشاركة العسكرية السودانية في اليمن، وتلك مشاركة مهمة بحسبان أن الجنود السودانيين وحدهم من يجوسون في جبال (بلاد بلقيس) التي يراد لها أن تكون بلدة سنية تجاور الحرمين الشريفين، وبعيدة كل البعد عن ملالي إيران.
وبموازاة ذلك، ما يجعل سيقان الخرطوم تصطك خيفة، هو ارتسام ظل الفريق في كل مشاورات مقرر لها أن تجري لاحقاً مع الرياض، فعلاوة على حسابات كثيرة تفرضها الدبلوماسية فهناك عامل سياسي (أسوة بالعامل الرياضي) وداخل في هذه الحسبة واسمه (طه) الذي تتوجه كل الرجاءات بأن يكون من أهل السودان الذين يتطابق قولهم السابق وعملهم اللاحق.
بكل اختصار هذه قصة طه، المبعوث (بتاع) السعودية، والمتحول أخيراً إلى (كعب أخيل) للحكومة السودانية، ما من سبب لذلك خلافاً لكون فك تسجيله قد تم وهو في أوج عطائه، وكامل لياقته، ورداً على ذلك احتقب كل أسراره وانضم للمعسكر السعودي ونجح في أول ظهور رسمي له بتحويل متزعمة العرب نواحي القارة الإفريقية.
ومؤكد أن زراعة بعض (النخلات) في الأراضي السمراء يوم الناس هذا، كفيل بتوفير الظل والثمر للرياض متى وضعت الأخيرة (سيوفها) في اليمن مستقبلاً، كما ويؤمن لطه مكانته في المجلس الخليجي.
وعليه، يتضح أن طه رجل بطعم (الحلومر)، في بقائه، وفي رحيله، وحتى في غيبته، وعليه لو سألتموني عن تمنياتي حيال ما يجري، سأقول ليتها كانت (اذهب الى القصر) جديدة.
حدث الأسبوع ..
فصل الخريف (مكرر)
إنه ليس حدث الأسبوع فحسب، إنه حدث كل سنواتنا الخضر اللاتي تأكلهن السنون اليابسات، وتذكروا إنه هو حدث مقبل السنوات، ولكل باختصار فإنها حكاية الخريف (مكرر) بكل سلبياته.
يقول المنطق البسيط جداً إن الخرطوم التي ننشدها عاصمة حضارية، كان لزاما عليها أن تأخذ زينتها عند كل خريف، ولكن ما يحدث هو أن تتحول العاصمة مع كل (رشة مطر) إلى مستنقع آسن قادر على تخريب كل زينة، وكل يوم للزينة.
ومع أن الخريف (مواقيت)، فإن كلمة مصارف لا تزال تعني عندنا شاهقات البنوك التي لا يعرف إليها البسطاء سبيلاً، ومصارف الزكاة المركزة على العاملين، وقطعاً أن كلمة مصارف في المخيلة الشعبية لا تعني إطلاقاً تلك الفجاج والأحافير التي تصرف مياه الخريف يوم لا مصرف، ويوم أن يحاط ببيوتنا الكسيحة من كل جانب إحاطة النيل بتوتي.
وفي هكذا بيئة تمتنع معها مركبات نقل النفايات عن التلطخ بالوحل داخل الأحياء، وتموت خلالها همة رجالات المحليات، وتركد الماء؛ فإنه من البدهي جداً أن يفشو إسهال (الماء) حيث كل النواقل المرضية ترتع من ذباب النهار وبعوض الليل، وما الله وحده به عليم.
ما أحار له أن نؤمر بالضريبة، فندفعها عن يد ونحن صاغرون، وحين تأتي مصارفها صحة وبيئة، يصرف الله أنظار مسؤولينا المعتلكين لشعار (دولة الرعاية لا الجباية) تلقاء الجهد الشعبي، ويكأن غيابه هو أس كل بلوى.
لذا اختصاراً للحبر والوقت، لا مصارف، فـ (تصرفوا) يرحكمكم الله، وتذكروا في إماطة الأذى عن أحيائكم، ألا تؤذوا الآخرين، فيكيفنا هذا الموات.
خبر الأسبوع ..
برلمان (الذكر والذاكرين)
استعجبت جداً من مطالبة رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، علي محمود عبد الرسول، للأهالي بالإكثار من الدعاء لأجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، بحسبان ذلك مدعاة لفتح المغاليق، وتنزل الرحمات والبركات، على اقتصاد البلاد المتداعي منذ انفصال جنوب السودان في العام 2011م.
لا مندوحة في أن الدعاء من جليل الأعمال التي ترد بها البلايا، ولكن علام انتخب محمود وحاز على مخصصات اللجنة المسؤولة عن الاقتصاد داخل قبة التشريع، حينما يأمرنا بعمل هو من صميم ما يقوم به إمام وخطيب مسجد الحي.
المعلوم إن الرزق سعي، وإن لم تدل بدلوك، فلن يخرج لك البئر نبياً، ولذا فليطلعنا محمود ابتداءً على كافة الجهود التي اضطلعت بها اللجنة حتى تأتي قرارات الإدارة الأمريكية وفقاً لما نشتهي، ومن ثم بعد أن نستيقن تماماً أن برلماننا الهمام (عقلها) وتوكل، يجئ دورنا في الدعاء بحق إدارة الرئيس دونالد ترامب مستفتحين بالآية الكريمة {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}.
وفي غمرة دعواه لنا، لم يخبرنا محمودٌ عن الخطوات التي هو ذاهب لاتخاذها في حال جرى تمديد المهلة الأمريكية لستة أشهر جديدة، فهل تراه سيجلب المسؤولين عن الملف إلى صحن البرلمان، ثم يتناولهم بالسؤال الشديد لم فشلتم فيما ينتظره الناس؟
عموماً ليس علينا أن نذكر محمود الذي دعانا للتضرع والابتهال، ومن قبل دعانا لتناول الكسرة بدلاً عن الخبز، بالطرفة الشهيرة، التي تقول إن شيخاً (فكياً له صيت) صحب شاكياً من أسد دأب على مهاجمة منزلهم الطرفي بصورة يومية، على وعد أن يصرف شر الزائر المخيف بـ (يس والقرآن الحكيم). غير أنه لما ذهبا وألفيا الأسد لدى الباب فقد الشيخ جلده وأعطى سيقانه للريح، فتبعه الصاحب، الذي سأل وهما في غمرة العدو عن سورة (يس)، فما كان من رد الشيخ إلا ان قال له المقولة الشهيرة (القصة مع يس دايرة ليها جكة).
الخلاصة، إننا نسال الله أن يرفع عنا البلاء، والعقوبات، ويكفينا شر ما يتفتق عن عقول اقتصاديينا من حلول (ماري انطوانيتية).

إعداد : مقداد خالد
الصيحة

Exit mobile version