بالنسبة للقانونيين يمكن أن يصدر تشريع في حق شاغلي المناصب العليا والدستورية يمنعهم من الجنسيات الأخرى لتعارضها مع مصلحة الدولة الأم “ازدواج الولاء”

يحمل عدد من شاغلي بعض المناصب الدستورية والقيادية في الدولة جوازات سفر وهويات أجنبية؛ فقبل بضعة أيام ترأس الفريق طه عثمان الحسين وفد المقدمة السعودي المشارك في القمة الأفريقية المنعقدة بالعاصمة الإثيوبية، وقد أكد في لقاء صحفي أنه يحمل الجنسية السعودية، وبرر لذلك بقوله إن الدستور أعطاه حق الحصول على أي جنسية أخرى.
ويحمل الجنسية المزدوجة عدد من شاغلي المناصب الرفيعة بالدولة، ومن قبل صرح السفير البريطاني السابق إيان كاميرون بأن ثلثي وزراء الحكومة السودانية (وقت التصريح) بريطانيون يحملون جوازات بريطانية. من بين أولئك القيادي بالمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج، الذي يحمل الجواز الألماني، وكذلك الدكتور قطبي المهدي الذي يحمل الجواز الكندي.
مؤخرًا طالب النائب البرلماني المستقل الفريق خليل محمد الصادق بإبعاد كل حاملي جوازات السفر والهويات الأجنبية من المناصب الدسورية والقيادية بالدولة، واعتبر أن وجودهم أحد أبرز مهددات الأمن القومي، لأنهم سيفشون أسرار بلادهم عقب خروجهم، وانتقد بشدة تربع شخصيات على المناصب القيادية والحساسة بالدولة وهم يحملون هويات دول أخرى.
يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبد الرحمن الأمين أن الدول تختلف في ما بينها في قوانينها، فهناك دول تحرم الجمع بين الجنسيتين وأخرى تبيح وتتيح ذلك، ويشير الأمين في حديثه لـ(اليوم التالي)، إلى أن التجربة السودانية بها العديد من السياسيين الذين يحملون جنسيات مزدوجة، ويضيف: “في تقديري أنه طالما القانون السوداني أتاح ذلك، فلا ينبغي أن يذهب بنا إلى أن نجرم هؤلاء، باعتبار أنه مشكوك في ولائهم وأنهم يحملون ولاءً مزدوجاً، فهذا يعتمد على وطنية كل منهم وعلى إخلاصهم وانتمائهم للجنسية الأم. ويوضح الأمين بقوله: “أما في حالة الفريق طه فيبدو الوضع مختلفا تماما، لأن الفريق طه كان يعمل في منصب حساس، ولأنه كان يحمل رتبة عسكرية، إضافة إلى أنه حديث عهد بعد بالتخلي عن وظيفته السابقة، ومن ثم فإن الأمر يبدو حساساً عادة في الرتب العسكرية، هناك فترات زمنية معينة ينبغي أن يكون فيها الفرد متفرغا مبتعدا عن العمل في دول أخرى؛ لأنه يحمل أسراراً لا ينبغي أن تكون متاحة”. ويقول الأمين على كل حال، قضية الفريق طه ما تزال تبدو شائكة، لأنه لا أحد يعلم كيف تم إبعاده وما هي أسباب إبعاده، وفي أي الملابسات، التحق ليعمل مستشاراً في المملكة العربية السعودية، ويضيف الأمين: “من المؤكد أن شاغلي الوظائف الحساسة والذين حصلوا في فترة من الفترات على أسرار تخص الدولة، ينبغي أن يكون هناك تشريع خاص يكيف حالتهم ويمنع مزاولتهم العمل في دول أخرى إلى حين انقضاء فترة زمنية محددة”، ويقول الأمين: “طالما أن القانون عامة يتيح هذا، فليس بالوسع أن يكون هناك استثناء لمجموعة أخرى، فالقانون السوداني المعمول به الآن يتيح الجمع بين جنسيتين، فلا يمكن أن يصدر تشريع خاص للدستورين، طالما أن القانون السوداني العامل حالياً يتيح الجمع بين جنسيتين، فلا يمكن أن يصدر تشريعا خاصا للدستوريين، لأن القانون ينبغي أن يسري على الكل”.
ويرى القانوني نبيل أديب أن الدستور اعترف بازدواج الجنسية وكذلك القانون، ويضيف أديب بقوله إن الجنسية نوعان؛ جنسية بالميلاد وأخرى بالتجنس، لكنه في حال حصول الشخص على جنسية أخرى يجب أن يكون هنالك شيء يمنع الولاء المزدوج، ويمكن للقانون أن يمنعه من تولي المناصب العامة والدستورية، لأن ذلك يمكن أن يتعارض مع مصلحة الدولة التي يتبع لها والأخرى، وقد تصل درجة التعارض أن تدخل الدولتان في حرب، ولكن للأسف لا يوجد قانون ينص على منع ازدواج الجنسية، لذلك أرى أن مقترح النائب البرلماني يجد منا كل القبول.
ويقول أديب: “لسنا ضد الازدواج للمواطن العادي ولكن شاغلي المناصب الدستورية والعليا يمكن أن يصدر تشريع في حقهم، يمنع توليهم للمناصب، وليس في هذا تقييد لحريتهم الدستورية”، ويشير أديب بقوله لـ(اليوم التالي): “في السابق كانت وزارة الخارجية لا تقبل الشخص المتزوج من الأجنبية على الرغم من أنه يحمل جنسية واحدة”، ويضيف أديب أن الازدواج تم بناء على قانون (1994)، ويرى أن قانون (1958) كان قانونا صارما يمنع الازدواج، فإذا كنت تحمل جنسية دولة أخرى تسقط عنك الجنسية السودانية والعكس أيضاً للأجانب. وعن هل يمكن أن يتم سن تشريع، يقول نبيل أديب: “يمكن أن يواجه التشريع صعوبات لأن المؤتمر الوطني قيادته مليئة بحملة الجنسيات الأخرى، إذا عارض المؤتمر الوطني ذلك قد لا يمر”، ويؤكد أديب بقوله: “عام 1994عندما صدر قانون الجنسية تحت ظل انقلاب الإنقاذ كان هناك عدد من الإسلاميين أتوا للسودان ومنحوا الجنسية السودانية، منهم شخصيات مشهورة عالمياً مثل راشد الغنوشي وشيخ عمر عبد الرحمن، منحوا جنسيات وجوازات سفر سودانية، وأتى قانون (1994) ليقنن ذلك، لأن هناك عدداً من الإسلاميين يعيشون في السودان وهم غير سودانيين هاربين من حكوماتهم”، ويقول أديب: “لم يحدث تعديل في قانون (1994) سوى التعديل الخاص بمنع ازدواج الجنسية بالنسبة للجنوبيين والعكس.

اليوم التالي

Exit mobile version