كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مخاطر استخدام الزئبق في التعدين التقليدي على صحة الإنسان والحياة والبيئة المستخدمة فيها، وكشف خبراء في مجال السلامة البيئية بالسودان عن أضرار صحية ناجمة عن استخدام مادة الزئبق في مناطق التعدين التقليدي عن الذهب بولايات السودان.
وحذر رئيس اتحاد التعدين التقليدي مبارك عباس من خطورة استخدام الزئبق في التنقيب العشوائي عن الذهب، وكشف عن وجود معدنين يستخدمون الزئبق في استخلاص الذهب داخل في نهر النيل.
وطالب بتشكيل لجان مشتركة تكون مسوؤلة من تصديقات التعدين في القطاع الأهلي تحدد من خلالها مساحات الحفر، وقال إن هنالك مربعات ممنوحة للشركات لفترة تجاوزت الثماني سنوات وهى غير منتجة وأضاف: يجب ألا تتعامل الحكومة مع التعدين الأهلي على أنه مورد لها فقط .
وبرغم تلك المآسي فإن آلافاً من الناس يتدافعون للتنقيب غير مبالين بما يحدث، وبحسب تقارير وزارة المعادن يعمل نحو مليون شخص إلى جانب 5 ملايين آخرين في مهن مصاحبة للتعدين في أكثر من 266 موقعاً للتعدين.
ويستخلص حوالي 35% من نسبة الاستخلاص والبقية تستخلصها الشركات من “الكرتة”بنسبة 65%. واستطاع التعدين التقليدي تقليل حدة الفقر لدى بعض المجتمعات وفتح أسواق جديدة وأيضًا حد من هجرة الريف إلى المدينة وساهم في الصادرات بصورة كبيرة برغم أنها بصورة غير رسمية. وأكد بابكرعبد الوهاب عضو اتحاد التعدين الأهلي أن حياة الناس تغيرت من الناحية المادية كما أن مجال التعدين ساهم في التقليل من نسبة العاطلين عن العمل.
وأقر عباس بانتشار كميات كبيرة من الزئبق دون رقابة مؤهلة علمياً كما أن الشركات التي تعمل في المخلفات “الكرتة” تفرز نفايات وأتربة ملوثة تجرفها السيول إلى مياه نهر النيل .
وتشير المتابعات إلى أن هنالك ملايين المواطنين يتعاملون مباشرة مع الزئبق في المناجم لتنقية الذهب.
وشهدت الفترة الأخيرة تزايد الشكاوى من قبل مواطني بعض الولايات التي يوجد بها تعدين تقليدي “الولاية الشمالية، نهر النيل وشمال كردفان” من استخدام مادة الزئبق والسيانيد، وتفيد المتابعات بأن المعدنين التقليديين يتعاملون بطريقة عشوائية مع الزئبق دون وجود رقابة وضوابط من جانب الجهات المختصة، وتسعى وزارة المعادن الى إيقاف استخادم الزئبق بعد أن صادقت على اتفاقية “مياماتا” الخاصة بوقف استخدام الزئبق في التعدين التقليدي.
وحذر خبراء ومختصون في البيئة من الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق في التعدين التقليدي مشيرين إلى وجود مخاطر مؤكدة لهذه المادة على صحة الإنسان والبيئة.
وكانت وزارة المعادن أعلنت استكمال عمل لجنة مختصة بحثت المخاطر الصحية والبيئية بمناطق التعدين التقليدي للذهب بولايات السودان، وحسب دراسات وتقارير فإن استخدام مادة الزئبق تهدد حياة الآلاف من عمال المعادن ويعرضهم للخطر.
وأكدت الوزارة التزامها بإيقاف استخدام مادة الزئبق المستخدمة في التعدين التقليدي بحلول العام 2020م التزاماً ببيئة نظيفة وإنتاج نوعي وتنفيذاً لتوجيهات رئاسة الجمهورية بوضع برنامج زمني محدد للتخلص من استخدام الزئبق في التعدين التقليدي.
وكشفت عن وجود 59 شركة تعمل في مجال مخلفات التعدين التقليدي بهدف التخلص من الزئبق وأكدت سعيها إلى الاستخدام الآمن لمادة السيانيد واتباع وسائل السلامة والتقيد بالاشتراطات البيئية وفقاً للشروط المرجعية في عملية استخلاص المعادن واتباع الأساليب العلمية المتفق عليها عالمياً في استخدام المواد الكيميائية.
ووقعت الوزارة اتفاقيات مع روسيا وألمانيا لإيجاد بدائل لمادة الزئبق لاستخدامها في عمليات التنقيب وصولاً لمرحلة الحظر الذي يتوافق مع اتفاقيات مياماتا لحظر استخدام الزئبق بحلول العام 2020م.
وسعت في الفترة الماضية إلى جذب شركات للتخلص من الزئبق من خلال إيجاد بدائل والحد من استخدامه في عمليات التعدين التقليدي.
وبدأت بعض الشركات التركية في تجربة استخلاص الذهب باستخدام الماء دون إضافة مواد كيميائية. وزارة المعادن أكدت أنها في انتظار نتائج التجارب والتقارير الفنية توطئة لبدء التشغيل التجريبي.
وتظل تبحث عن حلول حيث طالب وزيرها شركة قرين قلوبال الأمريكية الصينية للمساعدة في حل مشكلة استخدام الزئبق في استخلاص الذهب في التعدين التقليدي.
وكيل وزارة البيئة والتنمية العمرانية عمر عبد القادر وصف الزئبق بأنه عدو الصحة الأول على مستوى البيئة والأرض والإنسان والحيوان والمياه والأسماك، وأكد تعاون وزارته مع كافة الجهات للقضاء على المادة السامة والمدمرة وتوفير بدائل آمنة.
وطالب رئيس اللجنة الفرعية للتعدين بالبرلمان صبري خليفة بإيقاف التعدين بالزئبق، وقال إن الزئبق أخطر من “السيانيد” في عمليات التعدين ولكنه يرى أهمية تفعيل التمويل التعديني من قبل البنوك السودانية حتى تلتزم بتوجيهات وزارة المعادن بتوفير تمويل يمتد خمس سنوات.
رئيس جمعية حماية المستهلك نصر الدين شلقامي ناشد وزارة المعادن بوضع ضوابط لاستخدام الزئبق خاصة وأنه يباع علناً في الأسواق دون محاذير ودراية كافية لدى المستخدمين، وقال: الأمر يحتاج إلى تقنين وبحث عن البدائل .
ووفقاً لآخر إحصائية لوزارة المعادن أكدت أنها حققت إيرادات بلغت 1.4 مليار دولار من مجمل الإنتاج الكلي البالغ 93.4 طن، ولكنها تقول إن التعدين التقليدي يسيطر على الإنتاج بنسبة 84% مقابل 16 شركة فقط .
الخرطوم : عاصم إسماعيل
صحيفة الصيحة