أزاحت وزارة الخارجية الستار رسمياً عن زيارة مرتقبة للرئيس عمر البشير إلى جمهورية روسيا الاتحادية في النصف الثاني من أغسطس المقبل، وذلك لتلبية دعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين. ووصف وزير الخارجية، بروفيسور إبراهيم غندور الزيارة بالمهمة استناداً إلى الملفات المقرر مناقشتها.
وتعتبر هذه الزيارة الثالثة للبشير خارجياً من ناحية التحديات وطوال المسافة المقرر أن تقطعها الطائرة الرئاسية، في ظل دعوات مكرورة ظلت ترسلها المحكمة الجنائية الدولية للدول الأعضاء بضرورة توقيف أو عدم استقبال الرئيس السوداني على أراضيها.
وسحبت كثير من دول العالم مصادقتها على ميثاق روما المؤسس للجنائية، بينما ظلت مواقف دول الاتحاد الإفريقي تناهض قرارات المحكمة لما تصفه بنهجها التمييزي حيال القادة الافارقة. ومؤخراً طلبت كل من مصر وأثيوبيا، من الأمم المتحدة، تجميد قرارات المحكمة بحق الرئيس البشير.
رحلات لافتة
اعتبر مراقبون نجاح الزيارات السابقة للرئيس البشير لإيران والصين وجنوب أفريقيا تشكل هزيمة ساحقة للمحكمة الجنائية الدولية. ولفتت رحلة البشير إلى الصين التي سافر إليها من إيران بعد حضوره مؤتمراً للإرهاب الأنظار بشكل خاص، خاصة وأنها أثارت حالة من القلق في الأوساط السودانية بعد أن تأخر وصول البشير إلى بكين لـ(18) ساعة بسبب تعديل مسار عبور الطائرة الرئاسية فوق أراضي تركمانستان كمسار محدد مسبقاً، حيث أمرت السلطات التركمانية قائد الطائرة بسلوك مسار جديد، لكن قائد الطائرة فضل العودة إلى طهران قبل أن يغادر ثانية إلى الصين عبر مسار جوي جديد لا يمر بالطبع عبر تركمانستان.
ذات الزخم صاحب زيارة البشير إلى جنوب أفريقيا التي كانت وقتها مصادقة على ميثاق روما الأمر الذي اعتبر واحدة من أقوى الضربات الأفريقية للمحكمة وقضاتها.
حماية خاصة
في شأن المراسم المعتادة لتأمين خط الرحلات الرئاسية عبر الدول، قال مصدر بالطيران المدني تحدث لـ (الصيحة) وطالب بحجب اسمه، بأن للطائرات الرئاسية وضع خاص حيث لا تخضع لذات قوانين الطيران ولها استثناءات وأذونات خاصة.
مشيرا الى ان الطيران الرئاسي له ترتيبات مختلفة تتم مع البلد المقرر زيارتها والعبور فوق أجوائها حتى تحصل هذه الطائرة على حماية أكثر.
وعطفا على ما كشفته الخارجية السودانية في وقت سابق عن نوايا فرنسية لاعتراض مسار طائرة البشير في الأجواء، قال مصدرنا في الطيران باستحالة حدوث ذلك وقال إن أي جهة لا سيما الدول فإنها لن تخاطر بالإقدام على ارتكاب جريمة اعتراض طائرة بحسبان ذلك قرصنة جوية يعاقب عليها القانون، مشدداً على أن جل ما تستطيعه الدول هو رفض عبور الطائرة فوق أجوائها.
ترتيب
عن إجراءات ترتيب وتنظيم الرحلات الرئاسية قال الخبير الإستراتيجي الفريق إبراهيم الرشيد لـ (الصيحة) أن هذه مهمة موزعة بين وزارة الخارجية ومراسم رئاسة الجمهورية وهيئة الطيران المدني لتحديد مسار الطائرة الرئاسية والدول التي ستمر فوقها وذلك حسب قانون الطيران المدني ولابد من اخذ الاذن من سلطات الدول التي سيتم العبور فوقها، مع الحرص ان تقوم المراسم الرئاسية بارسال رسائل بالتحايا لرئاسة البلد التي يتم عبور أجوائها.
دبلوماسية
في منحىً دبلوماسي يقول السفير د. الرشيد ابوشامة لـ (الصيحة) بضرورة طلب أذونات من الدول التي سيتم عبور أجوائها وغخطارها بأن هذه الطائرة تحمل على متنها الرئيس حتى تتحمل هذه الدول مسؤولية حماية وتأمين الطائرة داخل حدودها، وقال ابوشامة ان الاذونات تتم عبر هيئة الطيران المدني مع اخطار الدولة بماهية الركاب منوهاً الى أن الطيران المدني هو الذي يحدد مسار الطائرة بالاتفاق مع البلد التي يقرر الرئيس زيارتها.
وأضاف أبوشامة أن هذا الاتصال لأخذ الإذن بالعبور يكون مباشرة بين إدارات الطيران المدني في البلاد المعنية وليس عبر السفارات. وأكد أن أي طائرة لايمكن أن تعبر دون أخذ إذن. وأشار إلى واقعة حدثت على أيام الرئيس الراحل نميري عندما جاء رئيس دولة إفريقيا الوسطي عابراً الأجواء السودانية في طريقة إلى إسرائيل ولم يحصل على اذن ولم يسمح له بالعبور وهذا أدي إلى أزمة دبلوماسية بين الخرطوم وبانغي حد قطع العلاقات مع السودان. مذّكراً بأنه كان من المستحيل عبور الطائرة لكون السودان من الدول المقاطعة لدولة لإسرائيل.
مسار
في محاولة لرسم مسار الرحلة التي يعتزم الرئيس البشير القيام بها إلى روسيا قال أبوشامة إن المسارات كثيرة ولكنه توقع أن تتم عبر الأجواء المصرية ومنها الدخول إلى البحر الأبيض المتوسط فالبحر الاسود الذي هو حدود روسيا مشيراً إلى أن رحلة العبور تمر ببعض الجزر في الأبيض المتوسط وهو ما يستدعي أذونات مرور قال بعدم وجود مشكل في تحصيلها.
ويبقى المسار الآسيوي مطروحاً للوصول الى موسكو، لا سيما وأن الخارجية السودانية قد خبرت هذا المسار إبان رحلة البشير الى الصين.
تأمين
بشأن تأمين الرحلة قال، الرشيد أبوشامة إن التامين يتم عبر حسابات خاصة بمنظمة الطيران العالمية، وفي حالة الطائرات الرئاسة تكون درجة التامين أعلى وإن دعا الأمر يكون التأمين بطائرات حربية تتابع الطائرة حتى حدود الدولة التي تعبرها الطائرة.
وعن الاعتراض الذي تم في رحلة الصين برفض تركمانيستان عبور طائرة البشير، قال ابوشامة إن ذلك لا يخلو مؤامرة دولية ، وختم موافقا مصدر الطيران المدني بأنه في كل الاحوال لن تجرؤ دولة على اعتراض اي طائرة لانها قرصنة يعاقب عليها القانون.
في الصدد، تلوح اطروحة مفادها إمكانية ارسال طائرة روسية خاصة لتقل البشير الى روسيا مباشرة، مع التكفل بكامل عمليات تأمين مسارها حتى الكرملين.
الخرطوم الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة