المناضلون غير الشرفاء

[JUSTIFY]
المناضلون غير الشرفاء

الملاحظة الغريبة أن شكوى المواطن من المعاناة في الحصول على احتياجاته اليومية انتقلت من ألسنة الشرائح الضعيفة إلى أصحاب الدخل العالي والمقدرة المالية فوق المتوسطة أنفسهم.. هؤلاء هم الذين يشكون من غلاء الأسعار وهؤلاء هم الذين يعبرون عن صعوبة تكييف دخلهم لمقابلة كلفة المعيشة..

ملاحظة مخيفة جدا لأنها تعني أن الآخرين الأقل قدرة وإمكانية من الذين غطى الصوت العالي (الشبعان) على أصواتهم المنهكة بالشكوى..

والملاحظة مخيفة لأن شعور الطبقات الميسورة بصعوبة الحياة يجعل أياديهم مغلولة عن البذل والعطاء لمساعدة الضعفاء في وقت يبقى الفقراء فيه أحوج ما يكونون لتكافل المجتمع وأخذه بيدهم وأحوج ما يكونون لمساندة هؤلاء الميسورين لهم.

الأحوال الاقتصادية بالفعل تسوء كل يوم والحلول معدومة.. أزمات تتعقد وكلما تظن الحكومة أنها حلحلت أزمة وحلّت عقدة يزداد طول حبل المسافة بينها وبين الحل والمعالجة.

فالحرب تنهك الميزانية المنهكة أصلا..

والحرب طالما هي مستمرة فإن الحكومة تكون مضطرة لاستقطاع وتخصيص أكبر ميزانياتها لمواجهة المليشيات العسكرية التي تحارب الجيش هنا وهناك.. من ميزانية ضعيفة الموارد فقيرة، ميزانية (مباصرة) للأمور، ورغما عن ذلك تتقسم اضطرارا بين أولويات المواطن وأولوية تحقيق الأمن وهي ـ أي الحكومة ـ في هذه النقطة غير ملومة في حرصها على تحقيق الأمن..

بترول الجنوب شبه متوقف بسبب الحرب الداخلية في الجنوب وبترول السودان أقل من القليل والزراعة لا سبيل لإحداث نهضتها بلا إمكانيات مع نزيف الميزانية في ميادين القتال، والمعادن تسهم بنصيب لا يكاد يكفي لمعالجة أزمة من الأزمات ولا تجاوب حقيقي من الأشقاء لنداءات الاستثمار في السودان.. فالمستثمر يبحث عن الأمان الاقتصادي ومناطق الاستقرار.. ونحن ندفع فاتورة جولات عقار وعرمان والحلو وعبد الواحد وجبريل ومناوي وغيرهم من قيادات عصابة العمل المسلح بين مدن أوروبا والذين تمثل معاناتنا وتراجع أحوال الشعب السوداني بشائر مفرحة لهم بأن الأمور أصبحت ضاغطة وفرصتهم أصبحت أكبر.

أولئك العطالى السكارى الذين يهللون ويصفقون لضيق حال الشعب السوداني على مواقع الإنترنت مدانون والله بصفة الاشتراك الجنائي في الجريمة الكبيرة ضد الوطن..

شخصيا أحترم كل المعارضين السياسيين وأرى أن معارضتهم، ضعفت أو قويت، لكنها مهمة للدفع بالأمور للإصلاح والتصحيح وتطوير الحالة العامة في بلادنا لكنني أحتقر كل المجرمين القتلة الذين يمارسون حرب العصابات ويجعلون النظام الحاكم يستقطع من قوت الشعب ثمن مواجهتهم في ميادين القتال.

أحتقرهم ويحتقرهم كل وطني غيور ينظر للمواطنين البائسين الحيارى والفقراء الذين أصبح الغني فيهم من يتمكن من تناول وجبة واحدة فقط في اليوم..

يريد الحلو وعرمان وعقار وكل المحرضين على استمرار الحرب، يريدون للشعب السوداني العزيز أن تبلغ معاناته أوجها ويموت الأطفال بانعدام الدواء حتى تستسلم الحكومة وتسلمهم الحكم.

نحن نحترم المعارضة السياسية ونحتقر هؤلاء الذين لن يتيح لهم الشعب السوداني فرصة لأن يمارسوا نزوة حكم السودان وينسى السودانيون بكل سهولة كيف كانوا يقصدون إمساك الشعب من يده التي توجعه.

الشرفاء يا حاج وراق ويا من يصفقون للمجرمين، الشرفاء في مثل هذه المواقف ينظرون لمصلحة الشعب السوداني ويتناسون مصالحهم الدنيئة.. الشرفاء ليسوا مثلكم أيها المجرمون.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي
Exit mobile version