* كنت قد كتبت مقالاً على خلفية اتهام وزير الإعلام (أحمد بلال) للمواقع الإسفيرية السودانية ومواقع التواصل الاجتماعي، بأنها سبب تخلف وفقر السودان وهروب المستثمرين، بما تنشره من أكاذيب وادعاءات عن الفساد، ووصفه لها (بالشاذة والمأجورة) ــ وبالتحديد (الفيس بوك والراكوبة وحريات والنيلين وسودانيز أون لاين) ــ واتهامها بتشويه صورة السودان في شتى المجالات وإغلاق الباب أمام المستثمرين وعرقلة الحوار الوطني، بتداولها لمواضيع فساد مفبركة وغير حقيقية، وهددها بإجازة مشروع قانون لمحاربتها ومواجهة كتابها بثلاث تهم هي إثارة الفتنة وشن الحرب ضد الدولة والخيانة العظمى، ووضعها تحت الرقابة الأمنية المشددة، ورصد كل المتعاملين معها، وتهديده لهم بعبارة مقززة تشي بمعدنه وهي “الراجل أو المرة صحي تاني يكتب فيهم”!!
* قلت في المقال، إذا افترضنا أن تلك المواقع قد تسببت بالفعل في هروب المستثمرين باختلاقاتها عن الفساد ..إلخ، فهل هي أيضاً من دمرت المشاريع والمؤسسات الوطنية الكبرى مثل مشروع الجزيرة، والسكة حديد والخطوط الجوية والخطوط البحرية والخدمة المدنية التي كانت في أحسن حالاتها عند استيلاء الإنقاذ على الحكم، حتى يتهم الوزير تلك المواقع بأنها سبب التخلف والفقر في البلاد، وكل من وهبه الله ربع عقل، وليس عقلاً كاملاً، يعرف أن أول أبجديات التنمية هي البنية التحتية التي تتمثل في النظام الإداري الكفء ووسائل النقل والمواصلات، فهل دمرت المواقع تلك البنية التحتية؟!
* وتساءلت: كيف يعتمد مستثمرون على أكاذيب تنشر في المواقع الإلكترونية، لتحديد موقفهم من التعاون مع السودان، إذا كانت الأوضاع الحقيقية على الأرض تتناقض مع ما ينشر في تلك المواقع الكاذبة؟!
* وكيف يفسر الوزير هروب المستثمرين السودانيين أنفسهم باستثماراتهم الى الخارج، حسب اعترافات وزير الاستثمار نفسه بأن المستثمرين السودانيين هربوا الى إثيوبيا لضعف البنية التحتية السودانية وانعدام الكهرباء، فهل وزير الاستثمار أحد كُتَّاب تلك المواقع، وهل قال ما قاله في مقال صحفي أم في بيان رسمي أمام البرلمان السوداني، وهل تنطبق عليه اتهامات وزير الإعلام بإثارة الفتنة وشن الحرب ضد الدولة والخيانة العظمى؟!
* وسألت الوزير ” أين ذهبت إيرادات البترول الضخمة التي تقدر بأكثر من مائة وعشرين مليار دولار في عشر سنوات فقط، حتى يفقر السودان ويتسول المنح والمعونات من الخارج، فتتصدق عليه حليفته وصديقته (قطر) بمليار دولار تضعها كوديعة في بنك السودان، وحوالي مائة وثلاثين مليون دولار للإنفاق على ما يطلق عليه اسم (المشروع القطري لتنمية الآثار السودانية)، والذي يرجِّح البعض أن يكون غطاءً لمشروع خطير لنقل هذه الآثار من السودان الى قطر التي تبني متحفاً ضخماً به قسم ضخم جداً لآثار (وادي النيل) استعداداً لنهائيات كأس العالم في 2022؟!
* واختتمت المقال بالقول، إذا كانت قطر ــ وهي أكبر داعم ومؤيد للنظام السوداني ــ تثق في هذا النظام وإمكانيات الاستثمار في السودان تحت إدارته، فلماذا لا تستثمر ثرواتها الضخمة في السودان، أم إنها مثل المواقع الإسفيرية من الخونة والعملاء والأعداء ؟!
وعلى خلفية الأزمة الخليجية الأخيرة، لا بد أن نعيد طرح السؤال مرة أخرى: “أين الاستثمارات القطرية في السودان، وما هو حجمها؟!”
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة