* بعد أن تم ضبط عشرات المصانع التي تصنع مواداً غذائية غير صالحة للاستخدام الآدمي و(مملوكة لأجانب)، وبعد أن تم اكتشاف عدد من الشقق المفروشة يتم بداخلها تصنيع القنابل اليدوية والمتفجرات، و(يقيم بها أجانب) أيضاً، وقبل أن يجف حبر خبر القبض على عصابات تزييف عملات أجبية وسودانية (بقيادة أجانب) أيضاً، فاجأتنا أخبار يوم أمس الأول تصب في ذات الاتجاه كما أعلنت إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة، ونيابة حماية المستهلك في الخرطوم، عن إلقائها القبض على محتال أجنبي يعالج حالات التجميل للشابات ويقوم بفصل مكونات الدم وإعادة حقن مشتقات الدم (البلازما) في الجلد.
* فقد تم القبض على المتهم كما يقول الخبر، عبر كمين أعدته إدارة المؤسسات في الثانية صباحاً، حيث أضافت النيابة في خبرها المثير أن المحتال الأجنبي يعمل في عيادة طبيبة أسنان ويتنقل من عيادة الى أخرى، وأوضحت أن المحتال لا علاقة له بالطب لكنه تعلم طريقة فصل الدم وحقنه من اختصاصي تجميل خارج السودان، مؤكدة أنه تم وضعه في الحبس كما تم فتح بلاغ ضد طبيبة الأسنان التي تعاملت معه.
* هذا الخبر يحمل في سطوره الكثير جداً من مخاطر وكوارث فتح البلاد (ضلفتين) للغاشي والماشي من أجانب يحملون مختلف الجنسيات، مسلحون بأدوات نصب عالية في كافة المجالات ما يشير الى أسباب ارتفاع معدلات الجريمة بالبلاد بزيادة مخيفة كل عام عن الأعوام التي سبقت.
* خطورة أن يحمل شخص شهادة مزيفة، ويمارس مهنة لا علاقة بينها وبينه سوى النصب والاحتيال، أمر وارد وطبيعي الى حد كبير مع ما أصاب بلادنا من جرثومة تناسل أصحاب الضمائر الميتة، ولكن أن يكون التزييف في المجال الصحي ويتعلق بأرواح المواطنين، وأن يكون المحتال أجنبي، فهو الأمر الذي يستحق الوقفة مطولاً.
* سمعنا بطبيب عطبرة المزيف، وما صاحب تلك الفترة من تداعيات أثرت على عدد من الأطباء السودانيين وقتها، وتم حسم القصة بحملات مداهمة واسعة للعيادات والمستشفيات، لكن سرعان ما توقفت هذه الحملات وغطَ بعدها المسؤولون في سبات عميق لم يستيقظوا منه إلا قبل أيام والشرطة تعتقل أحد المسؤولين الكبار بمجلس التخصصات الطبية وهو يقوم بتزييف شهادات لمزاولة المهنة لسودانيين وأجانب مقابل مبالغ مالية متفاوتة، ثم أخيراً خبر طبيب التجمل المزيف.
* الوجود الأجنبي غير المقنن في السودان أفرز مثل هذه الظواهر السالبة، وما خفي كان أعظم.
* ما لم يتم تقنين هذا الوجود بالشكل الذي يحفظ للبلاد كرامتها وسيادتها التي ذهبت مع ريح الإنقاذ العاتية، لا أجزم بتوقف مثل هذه الكوارث، بل سيضاعف من وجودها وبشتى الأشكال التي لم نكن نسمع بها سوى من القنوات الفضائية الخارجية، والدور الذي ينتظر حماية المستهلك كبير جداً من مراقبة لصيقة ومتابعة دورية لكافة مرافق الدولة الخدمية في ظل التجاهل الكبير والإهمال الذي تمارسه مؤسسات الدولة الميئوس منها.
* السودان فاتح قراش لكل عصابات المافيا والخلايا الإرهابية التي ستبدأ في التناسل مع الوقت، ولكل عبر سبيل ضاقت عليه جنبات وطنه فلم يجد سوى البلد الهامل المسمى السودان ليحتمي بإهمال مسؤوليه، وبساطة إنسانه ليمارس فيه أسوأ ما يمكن أن يمارسه بشر في حياته.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة