قصة الشيخ مهدي السوداني .. تقمص شخصية الشيخ علي محمود فأصبح «نسيًا منسيًا»

عادةً ما يُعرف قرَّاء دولة التلاوة بشخصيتهم المستقلة، التى لا تتبَع أى شخص آخر، أحيانًا يقلدون مشايخ القرَّاء فى بداية المشوار، ولكن فيما بعد، يختفى ذلك، وتصبح لهُم مدرسة خاصة بهم، وهو الأمر الذى لم يحدث مع الشيخ مهدى، حيث ارتضى أن يُصبح ظلاً للشيخ على محمود، أو كمّا قالوا عنه «عضوًا فى بطاقة الشيخ على محمود».

الشيخ مهدى، قارئ مصرى سوداني، وصفهُ الكاتب الراحل، محمود السعدني، بأنه نموذجًا رائعًا لوحدة وادى النيل، عاش فى بداية حياته داخل حى عابدين الشعبي، وعندما استمع صدفةً إلى الشيخ على محمود، قرر أن يتبعهُ كظله، وصار جزءًا من حياته الشيخ على محمود، يتواجد فى المكان الذى يتواجد فيه، ويكون أول الحضور فى حفلات الشيخ وآخر المنصرفين.

مع الوقت، فقد الشيخ مهدى شخصيته وذاب فى شخصية الشيخ على، أصبح يتكلم مثله ويقرأ على طريقته ويُنشد التواشيح بأسلوبه، وفقًا لوصف «السعدني»، لدرجة أنه كان يكُح كما يكح، وكأنهُ كوكب صغير يدور حول الشمس، ولكنهُ فى الحقيقة كان كوكب يدور فى فُلك الشيخ على محمود.

وبعد فترة، نجح الشيخ مهدى فى أن يصبح عضوًا فى بطانة الشيخ على محمود، وقبل أن يموت الشيخ على بفترة قليلة، وعندما استقلت السودان، عاد الشيخ إلى جذوره فحمل الجنسية، وترك مسقط رأسه ومرتع صباه فى عابدين وعاد إلى الخرطوم.

أدِرْ ذِكْرَ مَن أهْوى ولو بمَلامِ / فإنّ أحاديثَ الحَبيبِ مُدامي / ليَشْهَدَ سَمْعِي مَن أُحبُّ وإن نأى / بطَيفِ مَلامٍ لا بطَيفِ مَنام ~ ابن الفارض

لم تكُن شوارع الخرطوم آنذاك مثل القاهرة التى تمتلأ بالمقاهي والحكايات، فأصيب الشيخ مهدى بصدمة، ولكنه ظلّ حريصًا على قراءة القرآن بالسفارة المصرية، فى ثورة يوليو، كما كان حريصًا على زيارة القاهرة كل صيف، إلى أن توفي فى رحلة حج إلى بيت الله الحرام، ودُفن فى البقيع، وصارت سيرته «نسيًا منسيًا».

المصري لايت

Exit mobile version