لقد حدث كل شيء في الأسبوع الماضي وحبس أنفاس الناس، لأن أحدا ما كان موهوبا، واستطاع في برهة خاطفة من عمر الزمان أن يغرق حياتنا بالشائعات، طفح هائل من الشائعات لتضيع الحقيقة بينها تماماً، وقد ضاعت بالفعل، فنحن بصدد الحديث عن مدير مكتب شديد الإخلاص، وقد نفخ فيه الرئيس من روح سلطته، وتخلى عنه في منتصف رمضان، وبالتالي تصبح تبعات الزلزال متوهمة لعدم وجود زلزال بالأساس، فالمشهد عارياً كان يعود إلى عائلة اجتمعت لترتيب وضع يخص الدائرة المحيطة بالرئيس، وكان لا بد من سيناريو يرعب الجميع، سيناريو ينتقل ما بين تحويل ملايين الدولارات لحسابات فرد بلا طموحات سياسية إلى التخابر مع دولة أجنبية، وهى تهم كفيلة بوضع حبل المقصلة على رقبة صاحبها، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث؛ كل الذي حدث ضجة هائلة، وكتابة لأسامة حسن بخيت عن هروب طه وإغلاقه هاتفه، وخروج الأخوة لتهيئة الملعب لشقيقهم حاتم، بينما عاد طه والتقى بالرئيس، وتم اخطاره بالإقالة، بعدها طلب الذهاب إلى العمرة فسمح له، المدينة كدأبها لا تكف عن الثرثرة، لكن المتاح من المعلومات هو العودة والاعفاء، لا شيء أكثر من ذلك غير الأكاذيب وعصير المخاوف والأماني.
صحيح نحن أمام ظاهرة مستفحلة بدأت بالإنفتاح على دولة موازية وأمن شعبي ومشروع حضاري حالم رحل صاحبه وترك الحيران في يتم، وانتهت إلى تصور رجل واحد محاط بالهواجس، ولم يعد يثق في أحد، لدرجة أنه لا يبالي بالتمكين للعشيرة، والفرق بين طه وحاتم أن الأول منح المنصب زخم شديد، بينما سيعود به الثاني إلى حجمه الطبيعي، هذا دافع، أما الدافع الأخر فهو حراسة تصورات الرئيس للمرحلة المقبلة وترتيب وقع خطواته دون مخاطرة، وبعد أيام قليلة سيلتحق الرئيس بطه في مكة وسوف تنتشر صورهما بلباس الإحرام، صحيح راحت الطرق تتباعد رغم وهج الأداء العابر، لكن تقدير الموقف أملى تغييب طه الأن، وهو موقف قياسه يعود باستمرار لدواع، منها تدافع المستجدات في الخليج وتنوع أساليب إدارة الصراع بالمحافظة على توازن القوة داخل القصر، ذلك العرين الرحب للسلطة، والرئيس نفسه يدرك أنه ليس ثمة ضمانات كافية، ولذلك أبعد الحرس القديم، وترك لبكري مهمة حراسة الدولة، ودفع بوزير مالية ينتمي للجيش، وهو يعلم بالضرورة أن كل اختيار يتضمن بالقطع درجة كبيرة من التعامل مع المجهول
بقلم
عزمي عبد الرازق