ليبيا بين حفتر وسيف الإسلام

قبل أيام قليلة أطلق فصيل ليبي مسلح في منطقة الزنتان غربي ليبيا سراح سيف الإسلام معمر القدافي نجل الزعيم الليبي الراحل، وخليفته المحتمل قبل اندلاع الثورة الليبية التي أطاحت حاكم ليبيا لواحد وأربعين عاماً،

وكان سيف الإسلام يعد نفسه لمرحلة ما بعد والده، وطرح منذ ظهوره في المسرح السياسي الليبي بداية الألفية، مشروع ليبيا المستقبل، وهو صياغة جديدة للحكم تقوم على النهضة الاقتصادية وتغيير دفة الحكم وتوجهاتها، لكن الثورة الليبية أنهت تلك الأحلام وأسقطت حكم القذافي وأولاده، وألقي القبض على سيف الإسلام بعد سقوط النظام بعدة أشهر، وظل رهن الاعتقال حتى تم العفو عنه، وهو الآن طليق يسعى إلى استعادة حكم لم يحافظ عليه هو وأبوه وإخوته كما ينبغي.

> ويعد إطلاق سراح سيف الإسلام تطوراً مهماً للغاية في المشهد الليبي، وربما يقود إلى تعقيد أكثر وتحالفات جديدة بين الأطراف المتصارعة في هذا البلد الشقي بثرواته وثوراته، وحتى هذه اللحظة لم يعلن سيف الإسلام عما يريده وكيف، غير أن معلومات كثيرة تشير إلى أنه مرحلياً قد يتحالف مع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من قوى دولية وإقليمية للسيطرة أولاً على كامل التراب الليبي والوصول إلى العاصمة طرابلس التي يسيطر عليها التيار المناوئ لحفتر وسيف الإسلام، كما أن تجميع صفوف من تبقى من نظام القذافي وجيشه وقيادات اللجان الثورية وأتباع الزعيم الليبي الراحل، هي أكبر هموم سيف الإسلام الآن في تطلعه لاستعادة حكم أبيه كالشاعر الضليل امرؤ القيس.

> ولماذا يبدو المشهد الليبي معقداً؟ فذلك يرجع إلى فرص نجاح التحالفات المقبلة، فتحالف سيف (الإسلام ــ حفتر) له ما له وعليه ما عليه، فهناك حالة من الرفض في صفوف أتباع القذافي ترفض التحالف مع حفتر باعتباره أحد قادة الفصائل التي دعمت الثورة والعمل المسلح حتى سقط نظام القذافي، وكان حفتر معارضاً مقيماً في الولايات المتحدة حتى اندلاع الثورة في فبراير٢٠١١م، وتقول المعلومات إن أسرة القذافي الكبيرة وأهله من قبيلة القذاذفة يعارضون أيضاً التحالف مع حفتر، بينما يوجد تيار صغير وسط الأسرة يقوده أحمد قذاف الدم المستشار السابق لمعمر القذافي ومبعوثه الخاص ومكمن سره وابن عمه، هو من يود التحالف مع حفتر، والسبب أن قذاف الدم المقيم في جمهورية مصر (والدته مصرية)، ويقود العمل ضد طرابلس من هناك، ويعمل في تنسيق تام مع المخابرات المصرية ومع كل مؤسسات الدولة المصرية المساندة لحفتر، وترى الرؤية المصرية أن تحالف (حفتر ــ سيف الإسلام) يمكنه أن يحقق الهدف المطلوب والسيطرة على ليبيا ودخول العاصمة طرابلس بانتصار ساحق.

> إذا كانت كل هذه الأمور ستجري خلال الفترة القصيرة القادمة، وسيدور صراع عنيف في ليبيا لكسر العظم بين كل الأطراف، فإن السودان لا محالة سيتأثر بما سيجري في جواره، وتوجد احتمالات راجحة جداً بأن يكون هناك استقطاب حاد للغاية في المنطقة برمتها، فإفريقيا جنوب الصحراء ظلت على الدوام تهب ليبيا وقود صراعاتها من المرتزقة والحركات المسلحة الجاهزة للقتال مع أي طرف يدفع أكثر، وظلت مجموعات مسلحة في هذه المنطقة الشاسعة تنتظر أموال أسرة القذافي ورغبتها في القتال من أجل ملكها المضاع، ومن بينهم حركات التمرد في دارفور وآخرون.

> ومعروف أيضاً أن الدعم الخليجي للنزاع في ليبيا ووقوف مصر بكل بما عندها من أجل تغيير الوضع الحالي في ليبيا، سيجعل الصراع القادم أكثر عنفاً وشراسةً، وهذا وحده يجب أن يدفع السودان إلى تأمين حدوده ومنع انزلاق الحرب الليبية تجاهه، وليس هناك من عاصم إن توسعت دائرة الحرب أن يجد أعداء السودان ذريعة لإيذاء الخرطوم، ودعم الحركات المتمردة والمجموعات المسلحة وكل مرتزقة جنوب الصحراء.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version