أعرف حاتم حسن بخيت ، بعيداً عن أسرته وبعيداً عن وظيفته التي حذق في رحاب رئاسة مجلس الوزراء في أدائها حيثما حل وحيثما وقع.. ولذلك لم أندهش عندما فاجأني بكتيب أنيق عكف على تأليفه وأسماه: الناطق الرسمي للوزارة القومية.. مرجعيات الوظيفة وموجهات الأداء.
وفي إهدائه مولفه أفادني أنه قصد منه أن يكون (وظيفياً) في المقام الأول ثم مرشداً لكل من له صلة بمهام الناطق الرسمي.. وبذلك فهو يهدي حصاد تجربة ثرة في الإعلام الحكومي، وفي التدريس الإعلامي، وفي الأداء الإعلامي الرسمي على مستويات مختلفة لعلّ أبرزها رئاسة مجلس الوزراء التي وصل فيها إلى منصب المدير العام لمركز دعم إتخاذ القرار بمجلس الوزارء الموقر منذ العام 2013 وهو بذلك (حُجة) ومرجعية في المسألة الإعلامية المتعلقة بالأداء الحكومي خاصة وأنه شغل لفترة من الزمن رئاسة الإدارة العامة للشئون السياسية والإعلام بمجلس الوزراء كما عمل رئيساً لمجلس التنسيق والإعلام للوزارات الإتحادية، وتلك جزئية أفاد فيها وإستخرج مادة كتابه الذي أشرنا إليه
ولعلّ أفضل نصائحه فيه للناطقين الرسميين بالوزارات ما يمكن وما لا يمكن فعله بالتحديد.. وقد راجعت نفسي فوجدت أن ما قاله هو عين الصواب، فيما إفتقدت في ذلك الكتيب أمثلة يمكن ضربها من واقع ووقائع ثابتة..
فأنا أذكر مثلاً (تجربتي) في هيئة توفير المياه والتنمية الريفية في أواخر الستينات عندما قررت الحكومة الديمقراطية الثانية المؤتلفة إنشاء هيئة لكسر شوكة العطش في دارفور وكردفان الكبريْين.. وفيما قررت نقابة العاملين، اليسارية التوجه، الدخول في إضراب يشل البرنامجين الإسعافي والإنقاذي لتوفير مياه الشرب الصالحة للإنسان والحيوان في ربوع كردفان ووهاد دارفور، واجهتهم وناظرتهم بالعقلانية والمنطق لكنهم تمسكوا (بالأيدولوجية) ورفع الشعارات الزائفة فإضطررت لشتمهم.. فإعتبروني (رجعياً) لأني ناكفت النقابات والهيئات العمالية وما دروا أني ولدت في (عطبرة) قلعة النضال العمالية، وعشت وتربيت في بيئة عمالية لا يمكن أن أتنكر لها أو أتجاهلها.. ولما جاْءت ثورة مايو في بداياتها وهي (كأسرة شمال) إعتبرني رئيس وزرائها معادٍ للطبقة العاملة.
المهم، إني عملت ناطقاً رسمياً لقارة بأكملها فيما بعد وأعرف حساسية دور الناطق الرسمي الذي يتحول أحياناً إلى درع حماية بشري (لكبيره).. ولأني كنت أتعامل مع 53 دولة لم أقع في (إشكالية) إلا مرتين خلال 15 عاماً ومع دولة المقر فقط.. وأرى حاتم حسن بخيت يحدد للناطق الرسمي ما ينبغي أن يتجنبه وأوله عبارة (لا تعليق) مع التحدث بلغة واضحة وتجنب لغة الإصطلاح، وأنا أتفق معه تماماً وليّته أورد (طرائف) في مضمار عمل الناطق الرسمي حتى تعطي البعد الآخر للوظيفة.. فأنا مثلاً عندما كنت في الإتحاد الأفريقي كان للأمين العام خمسة مساعدين، كانوا تحت تحت يطلقون عليّ (نائب الأمين العام).
ابراهيم دقش
نشر بتاريخ: 16 تشرين2/نوفمبر 2015
موقع مركز الخدمات الإعلامية العالمية – السودان