تصريح وزير الصحة بولاية الخرطوم الذي استبعد فيه تأجيل العام الدراسي لهذا العام بسبب انتشار الإسهالات المائية في العاصمة, أثار جدلا واسعا واعتبره الكثيرون تصريحاً غير مسئول ,
باعتبار ان المرض منتشر بل وصل لمرحلة الوباء الشيء الذي نفته الدولة ممثلة في وزير صحتها , وان وجود مجموعة من الأطفال في مكان واحد وبينهم مصابون له مخاطره في ظل بيئة صحية متدنية تفتقر لأبسط متطلبات الصحة (حمامات صحية) مع بداية فصل الخريف الذي يساعد على سرعة انتشار الأوبئة بانتشار الذباب الناقل للأمراض.. (الإنتباهة) حاولت معرفة آراء الأطراف ذات الصلة بالقضية من أولياء امور ومعلمين وإدارات مدارس وبعض الجهات المسئولة والمعنية حول تأجيل موعد بداية العام الدراسي فكانت هذه الإفادات.
سرعة انتشار
قال لـ «الإنتباهة» مدير إحدى المدارس بأمبدة دار السلام غرب سوق ليبيا , ان تأجيل العام الدراسي هو الأرجح , وعزا ذلك الى التردي البيئي الموجود في بعض المدارس . واضاف ان هناك عدداً من المدارس تعاني من مشكلة في المراحيض والتي تعد السبب الأساس في الإسهالات المائية لا سيما في المناطق العشوائية التي تعاني من اكتظاظ الفصول . وفي حالة حدوث حالة واحدة يمكن ان ينتشر المرض الى عدد كبير من التلاميذ. كاشفا عن انعدام الصحة المدرسية في معظم مدارس الولاية , وعدم استعداد الوزارة في توفيرها بالرغم من أهميتها .
خصماً على التحصيل
فيما يرى مدير مدرسة بالحاج يوسف الوحدة محمد جمعة عدم تأجيل العام الدرسي لانه سوف يكون خصماً على التحصيل الأكاديمي للطلاب واستشهد بالأعوام السابقة أثناء الدورات المدرسية السابقة والسيول والأمطار والذي انعكس سلبا على نتيجة شهادتي الاساس والثانوي في الأعوام السابقة. وأضاف محمد جمعة ان سلامة التلاميذ هي مسئولية إدارات المدارس بالتعاون مع الاسرة في التوعية والإرشاد بعدم تناول الأطفال للأطعمة والمشروبات خارج المدرسة أو من الباعة الجائلين بالرغم من صعوبة ذلك الإجراء والاعتماد على الطعام من داخل (البوفيه) الذي تشرف علية ادارة المدرسة. ويرى جمعة انها قادرة على السيطرة لسلامة التلاميذ ,وأضاف ان على وزارة التربية أن تكون على أهبة الاستعداد من ناحية الصحة المدرسية, بوضع أرقام هواتف من قبل ادارة الصحة المدرسية بالوزارة الولائية بجانب توفير الإسعافات الاولية بالمراكز التي تقع بالقرب من المدارس . ومن جانب آخر اكدت مديرة إحدى المدارس النموذجية ان تأخير العام الدراسي لفترة اسبوع أو اثنين هو قرار صحيح, وأشارت الى ان تأخير العام الدراسي هو أفضل من فقدان أرواح الطلاب, لذلك لابد من النظر فى هذا القرار . وأوضحت أن بداية الخريف تتزامن مع بداية العام الدارسي, وهو ما يعني مزيداً من الأمراض التي تأتي مع بداية الخريف. وناشدت السلطات بالنظر في موضوع الإسهلات مع بداية العام الدراسي. وقال أحمد اسماعيل وكيل مدرسة الفتح المبين بشرق النيل الآن الطلاب واولياء الامور في حالة استعداد وتأهب للعام الدراسى الجديد وانتشار المرض لم يصل لمرحلة الازعاج إلا اذا جد جديد لذلك أرى ان تسير الأمور على ما هي عليه.
انعدام الضمانات
فيما اتفق عدد من أولياء الامور في تأجيل العام الدراسي نسبة لعدم وجود الضمانات الكافية للحد من انتشار المرض خاصة في مدارس مرحلة الاساس نسبة لافتقارها للبيئة الصحية وانعدم الرقابة على الأطعمة , بجانب ضعف الامكانيات في توفير مياه الشرب دخل المدارس مما يجعل الطلاب يبحثون عن المياه خارج اسوارها غاضين النظر عن الأواني التي يتناولون بها تلك المياه , مما يجعل انتشار المرض بصورة سريعة بين التلاميذ الذين لا يستطيعون تدبير أمورهم . وطالب اولياء الأمور بإعادة حصص التوعية للحد من ظهور مثل تلك الأمراض.
اشتراطات صحية
واستنكر عدد من أولياء الأمور صمت وزارة التربية والتعليم تجاه وباء الإسهالات المائية الذي تسبب في ازهاق أرواح العديد من مواطني البلاد بمختلف الولايات وصولا لـ «كرش الفيل» ولاية الخرطوم باعتبارها الأكبر من حيث السكان اذ يقدر ان 70 % من سكان السودان متمركزون بالولاية، وتخوفوا من استئناف الدراسة في ظل افتقار الطلاب لثقافة غسل الأيدي وانتشار بيع الأطعمة دون توفر الاشتراطات الصحية وخاصة مقاصف المدارس.
خطر كبير
وفي حديثه لـ «الإنتباهة» قال اختصاصي الباطنية د. جماع عمر فائق ان وجود عدد كبير من التلاميذ في مكان واحد يعد مشكلة كبيرة لا سيما وان معظم المراحيض بالمدارس هي مراحيض بلدية وتعمل على تلوث الطعام والشراب بجانب السرعة في نقل العدوى, وشدد على ضرورة رشها يوما بعد يوم حفاظا على سلامة التلاميذ . واضاف انه وبالرغم من عدم اعتراف الدولة بعدم وجود وباء إلا انه شدد على ضرورة النظر الى هذه القضية بعين الاهتمام .
استعدادات كافية
مديرة إدارة الصحة المدرسية بوزارة التربية والتعليم الاستاذة أمال فتح الله(ام عبده)قالت ان وزارة الصحة والتي استبعدت تأجيل العام الدراسي هذا يعني انها تمتلك من الوسائل والامكانات لمجابهة ومكافحة الإسهالات المائية. وأوضحت ام عبده انه من جانب ادارة الصحة المدرسية لدينا الاستعدادات الكافية لمجابهة المرض داخل المدارس ووسط الطلاب بالتنسيق مع وزارة الصحة , فتم تكوين لجنة عليا لمكافحة الإسهالات المائية ووجهنا رسالة لكل مديري الصحة المدرسية في جميع مدارس السودان للاهتمام بالجانب التثقيفي للطلاب من خلال الأجهزة الإعلامية المختلفة ومن خلال رسائل الطابور باهمية غسل الايدي بالصابون وشرب الماء النظيق, وقمنا بنشر عدد من الصفحات التثقيفية في الوسائط الاعلامية في الولايات تتعلق برفع الوعي. وأضافت ام عبده نتمنى ان يتم القضاء على المرض خلال الأيام القادمة كما ان الدور الأول والأهم يرتكز على وزارة الصحة , وذكرت أنه اذا لم يتم القضاء على المرض خلال الثلاثة اسابيع القادمة فهنالك رأي آخر سيتم اتخاذه في حينه.
بعبع مخيف
ومن جانبه طالب البرلماني مبارك النور بإغلاق المدارس بكافة مستوياتها الى حين انجلاء ازمة الإسهالات المائية ، كاشفا عن انتشارها بمناطق كثيرة بالبلاد حتى اضحت بعبا مخيفا. وقال” يدنا في قلبنا واطفالنا ماشين على المدارس والدولة ما دايرة تعترف بالقصة دي ” . وانتقد خلال تصريحات صحفية عدم تحرك الجهات المختصة بالسرعة المطلوبة لوضع حد للوباء ,ونفض يده من تحمل مسؤولية انتشاره , ودعا الحكومة لإعلان حالة الطوارئ القصوى لمكافحة الإسهال المائي.
المستهلك يستنكر
وأبدت جمعية حماية المستهلك أسفها من المطالبات بتأجيل العام الدراسي ,وطالبت بعدم السماع لتلك الأصوات واستئناف العام الدراسي في زمنه المحدد ، وأعرب رئيس جمعية حماية الستهلك نصرالدين شلقامي عن اسفه بانتشار الإسهالات المائية لعدم التقيد بالاشتراطات الصحية والتداول غير السليم للأغذية لأن مشكلة مرض الاسهالات المائية أصلها مشكلة تلوث . واضاف شلقامي ان 50% من المواطنين يتغوطون في العراء لعدم امتلاكهم دورات مياه وغياب النظافة الشخصية. وزاد بقوله ” مفترض نخجل من اتنشار الإسهال المائي لانه مرض مرتبط بالنظافة الشخصية، وطالب بتوعية اطفال المدارس وتوظيفهم في برامج التوعية لأنفسهم بالمدرسة ولأسرهم في الأحياء للتقليل من انتشار المرض وتنظيم حملات نظافة يقودها طلاب الثانوي .
وأبدى اسفه لتوكيل أمر الرقابة الغذائية للمحليات, وهي تفتقر لادنى الاشترطات الصحية وأنها غير مؤهلة لعدم امتلاك معامل أو مختبرات للفحص أو مفتشين, ووصفها بأنها مقصرة وتعمل 8ساعات فقط .
فضلاً ان المستشفيات لا تملك احصائية دقيقة للتسمم الغذائي بالرغم من وجوده بالبلاد بكافة انواعه وحدوث تسممات جماعية بالجامعات والخلاوى والمدارس ولم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب والسليم .
وانتقد شلقامي خلال حديثه لـ(الإنتباهة) أمس عدم تطبيق قانون الاشترطات الصحية بوزارة الصحة الذي سيعمل على الحد من التداول غير السليم للأغذية . وختم حديثه بان خرق الاشتراطات الصحية لن نلعب أو نتساهل فيها, ونطالب بتوفير الامكانيات لفرق التفتيش وتأسف على حال البلاد لافتقارها للكوادر, في الوقت الذي تنعم فيه كل بلاد الخليج بكوادرنا التي ساهمت في تطويرها .
الانتباهة