يبدو أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أدمن العيش في الأجواء المشحونة بالتوتر والخلافات، لا يكاد الحزب يخرج من خلاف حتى يدخل في خلاف آخر أكثر تعقيداً. لم تنجل المعركة الداخلية التي ضربت صفوف الحزب قبل التشكيل الوزاري الأخير والتي شهدت شداً وجذباً كاد أن يودي بالشراكة مع المؤتمر الوطني، لم تنته تلك المعركة حتى دخل الحزب في معركة أخرى استدعت أن يخرج مولانا محمد عثمان الميرغني من صمته ومن ثم استدعاء طاقم حزبه الوزراي للحضور للقاهرة ويأتي الاستدعاء بعد الاتهامات المباشرة التي وجهها الحسن الميرغني لقيادات بالحزب .
حزب الخلافات المستمرة
منذ مغادرة مولانا محمد عثمان الميرغني الخرطوم في أعقاب أحداث سبتمبر 2013م والاعتكاف بالخارج مابين لندن والقاهرة، لم يتذوق الحزب الاتحادي الأصل طعم الاستقرار، فظلت الخلافات تتناثر هنا وهناك مابين الفينة والأخرى، وظل أمين التنظيم المكلف، الحسن الميرغني، يشيع القيادات البارزة في حزبه عبر مقصلة الفصل التي طالت أبرز رموز الحزب بدءاً من حسن أبوسبيب والبخاري الجعلي وعلي السيد وعلي نايل وآخرين. ثم استمر الحزب وسط أجواء مفعمة بالصراعات والتحديات ليجد الحسن نفسه محاطاً بتيار قوي يستمد قوتة من مولانا الميرغني يقوده ( كاتم أسرار) الميرغني حاتم السر ومعه القيادي أحمد سعد عمر. لم يتمكن الحسن هذه المرة من إشهار سيف الفصل أمام تلك القيادات الصلبة والتي تمكنت من إلحاق هزيمة ساحقة بالحسن وتياره بعد دفعهم بقائمة للمشاركة في حكومة الوفاق الوطني وقبولها ورفض قائمة الحسن الذي شن هجوماً لاذعاً على قادة التيار المناوئ له وقال الحسن (حاتم السر عمل ليهو دريبات ومعركتي مع أحمد سعد عمر ستكون بعد العيد). الجناح الغاضب من الحسن ربما ساهم في أن يستدعي مولانا الميرغني المشاركين في الحكومة للقاهرة للتفاكر حول كيفية تجاوز الأزمة وعدم الدخول في خلافات جديدة ربما تعصف بمصير الحزب هذه المرة حيث استدعى الميرغني للقاهرة كلاً من حاتم السر وأحمد سعد عمر وأبوبكر عثمان.
سرية تامة
الاستدعاء لوزراء الحزب الاتحاديين المشاركين في حكومة الوفاق الوطني يأتي في سرية تامة بدليل أن أمين أمانة التنظيم أسامة حسونة نفسه لا يعرف أمر الاستدعاء وقال لـ(الصيحة) إنه علم بالخبر من الصحف ولا يعلم مدى صحته ،بيد أنه عاد وأكد أن الأوضاع داخل الاتحادي تشهد نوعاً من الاستقرار وأن مولانا الميرغني يدير الحزب بنفسه. وحول الخلاف بين الحسن الميرغني ومجموعة أحمد سعد، قال حسونة إن الحسن شرح الخلافات بنفسه و لم تعد تلك الخلافات سرية .
مغاضبون داخل الحزب
قبل فترة وجيزة كان وزير الإرشاد والأوقاف السابق عمار ميرغني يشكو من عملية إزاحتة من الوزارة دون علمه، بل الرجل كان يقول لـ( الصيحة) ان مؤشرات بقائه في المنصب كانت أكبر ولكن شخصية نافذة داخل الحزب عملت على أبعاده. لم تكن إشارة ميرغني في حاجة لتفسير لمعرفة الشخصية المقصودة، كان واضحاً أنه يقصد أحمد سعد عمر أبزر المناهضين لتيار الحسن الميرغني الذي يقوده عمار ميرغني، بعد ذلك الحديث بفترة وجيزة اضطر الحسن الميرغني للهجوم بنفسه على التيار الآخر وتوعدهم بالمحاسبة الصارمة في الفترة القادمة، كما أشار الحسن في حديثة في خيمة الصحفيين، وهذه تعني أن معركة المغاضبين داخل الاتحادي لن تهدأ إلا بتدخل من الميرغني الكبير .
اجتماع القاهرة
خطوة استدعاء مولانا محمد عثمان الميرغني لوزراء حزبه للقاهرة لم تجد تفسيراً كافيأً من معظم الخبراء والمحللين السياسيين بل حتى القيادات التاريخية بالحزب فشلت في تفسير الخطوة ويقول علي نايل أنه من الصعوبة التكهن بالأشياء التي يريد أن يفعلها الميرغني، ولكن نايل ذهب في منحىً آخر وطالب أن يكون الاجتماع بغرض الانسحاب من الحكومة بصورة عاجلة وقال( للصيحة) أتمنى أن يقوم مولانا الميرغني بسحب وزراء حزبه من الحكومة وتعليق المشاركة في الحكومة. وحول الخلافات التي تضرب الحزب حالياً بين مجموعة الحسن الميرغني ومجموعة أحمد سعد عمر، قال نايل الهجوم على الحسن غير مرضٍ رغم فصلي بأمر من الحسن ووصمي بالداعشي إلا أنني لا أقبل الهجوم الكاسح على السيد الحسن الميرغني .
آراء مختلفة
برغم أن معظم التحليلات تذهب نحو أن اجتماع القاهرة قصد به ترتيب البيت من الداخل وترميم الخلافات التي ضربت صفوف الحزب مؤخراً وربما تزداد لاحقاً، إلا أن مجموعة أخرى قالت إن مولانا الميرغني غاضب على ضعف حصة الحزب في الحكومة، وكان الاتفاق على أن ينال الاتحادي الديمقراطي خمسة مقاعد وزارية في حكومة الوفاق الوطني بيد أن المجموعة المفاوضة مع المؤتمر الوطني ارتضت بأربعة مقاعد وزارية وتشير المصادر إلى أن مولانا الميرغني غاضب على ضعف الحصة في الحكومة ، بينما تذهب بعض التحليلات في اتجاه ثالث وتقول إن المجموعة تخشى غضبة مولانا الحسن الميرغني في الفترة القادمة لذلك سارعت للجلوس مع الميرغني الكبير لتهدئة الوضع داخل الحزب .
الخرطوم :عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة