ثرثرة في باحة الصمت ..

قدمت السيدة فاتو بن سودا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أول من أمس ، تقريرها الدوري الذي يقدم كل ستة أشهر لمجلس الأمن الدولي حول حالة السودان المتعلقة بدارفور، ولا يختلف التقرير الجديد عن التقرير السابق ،

وحمل ذات العبارات والفقرات والرجاءات التي قدمتها السيدة بن سودا من قبل ، وعبرت فيه عن حجم الإحباطات والوجوم الذي تشعر به حيال ملف السودان وعدم تعاون مجلس الأمن الدولي والدول الأطراف في ميثاق روما المؤسس للمحكمة والدول الأخرى غير الأعضاء ، وخذلان المجلس وهذه الدول للمحكمة في إلقاء القبض على الرئيس البشير في تحركاته وأسفاره .

> ومع تكرار شعور السيدة فاتو بن سودا بفشلها وإصرارها على عدم وقوف مجلس الأمن الدولي مع مكتبها والمحكمة بما يكفي لتنفيذ وتطبيق قرار المحكمة ، واعترافها بالتقارير الأممية وتقارير فرق الاتحاد الأفريقي بتحسن الأوضاع على الأرض في دارفور ، إلا أنها غالت في مناشدة مجلس الأمن الدولي بالوقوف معها ، مما يؤكد بالفعل ضعف المحكمة وهزالها وذهاب ريحها ، فبن سودا لم تدع المجلس لمساندتها فقط في اتخاذ تدابير وإجراءات تقود للقبض على المشتبه بهم في ملف دارفور، بل طلبت من الأمم المتحدة ومجلس الأمن توفير دعم مالي لمكتبها وللمحكمة ، وبررت ذلك بتوسيع فريق العمل التابع لمكتبها وفريق عمل آخر يتابع جمع الأدلة والمعلومات والبيانات لتمتين قضيتها الخاصة بدارفور .

> وحوى التقرير مغالطات بينة في سرد عديد الوقائع ، كما أورد معلومات عن ما يجري التعامل فيه مع جنوب افريقيا والأردن حول استقبالهما للرئيس البشير لحضور قمة إفريقية في جنوب إفريقيا في يونيو ٢٠١٥ والقمة العربية التي عقدت بالأردن نهاية مارس الماضي ، وشكت المدعية العامة من عدم تجاوب هاتين الدولتين في توقيف البشير وأشارت الى طلب مثول كل منهما أمام المحكمة ، او تحويل مخالفتيهما الى الجمعية العمومية للدول الأعضاء .

> وبجلاء ودون مواربة يكشف التقرير الخامس والعشرين للادعاء العام ، نوع وحجم التأثير العارم للمواقف الإفريقية والدولية الأخرى المناهضة للمحكمة الجنائية، وكذلك إخفاق هذه الأخيرة في تحقيق شيء ملموس في استهدافها للسودان، فمواقف البلدان الإفريقية المتماسكة وما صدر عن القمم التي عقدت مؤخراً وخروج عدد مقدر من الدول الإفريقية الأعضاء من عضوية المحكمة وميثاق ونظام روما ، هو سبب اللهجة واللغة المليئة بالإحباط والضعف واليأس في تقرير المدعية العامة أمام مجلس الأمن الدولي الذي استمع الى التقرير ولم يقدم لها الدعم الكافي الذي كانت تريده ، وتعامل المجلس مع التقرير في سياقه الروتيني الراتب باعتباره تقريراً تنويرياً للمجلس لا تترتب عليه أية إجراءات او قرارات وإحاله الى حيث يقبع في الأضابير أربعة وعشرين تقريراً مثله قدمها أوكامبو والسيدة بن سودا .

> ولم تعد قضية المحكمة الجنائية من المسائل التي تشغل بال السودان ولا الدول الإفريقية ، فقد تم تجاوز هذه المحكمة بعد انشكاف مخططاتها وبان للأفارقة استهدافها لهم ولقادتهم، وتواجه المحكمة تحديات وصعوبات بالغة اعترفت بها المدعية العامة في تقريرها ، وضاع صدى صوتها في ردهات طوابق مبنى الأمم المتحدة .

> لقد حان الوقت ليطوي مجلس الأمن الدولي هذه الصفحة ويغلق الملف وعلى طريقة حرق الموتى عليه أن يقيم محرقة كبرى للمحكمة في قارعة الطريق.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version