على أطباق المأكولات اليمنية العريقة مثل “الشفوت” و”المندي” و”بنت الصحن”، اجتمع أكثر من ألف طالب يمني في دار الجالية اليمنية بالخرطوم على مائدة رمضان في تقليد سنوي ظل يحافظ عليه اليمنيون منذ عقود.
أجيال مختلفة يدفعها الحنين إلى الوطن الغائب، تحلقت حول الموائد الزاخرة بالأطباق الشعبية اليمنية واستعادوا لساعات الأجواء الرمضانية اليمنية العامرة بالسمر.
يقول عبد اللطيف الصالحي، رئيس اتحاد الطلاب اليمنيين بالسودان، إنهم يستغلون هذا الشهر لجمع الطلاب ببقية أفراد الجالية اليمنية بالسودان للتعارف وربطهم ببعضهم لمزيد من التآخي والتآلف.
وتشكل الجالية اليمنية سندا للطلاب الذين تكاثر عددهم بعد الانقلاب، وتحظى نشاطات الطلاب بدعم كبير من طبقة رجال الأعمال من أفراد الجامعة.
ويبلغ عدد الطلاب اليمنيين بالسودان حسب إحصائية الاتحاد ما يقارب الألفي طالب، بينهم 370 موفدا على نفقة الدولة، و1500 طالب على نفقتهم الخاصة، أما البقية فقد حصلوا على مقاعد مجانية كمنحة من جامعة إفريقيا العالمية ورعاية الطلاب والوافدين.
وكانت الحكومة السودانية قد قررت في أعقاب الانقلاب الحوثي معاملة الطلاب الوافدين من اليمن كمعاملة الطالب السوداني في الرسوم علاوة على إعفائهم من تأشيرة الدخول.
ورغم الصعوبات الكثيرة يتوافد على السودان المئات من الطلاب للالتحاق بالجامعات ومواصلة تحصيلهم الأكاديمي.
وبعد الانقلاب تفاقمت معاناة الطلاب، حيث تضاعفت قيمة تذكرة الطيران ولم يعد بوسع غالبية الطلاب الرجوع إلى ذويهم في العطلات السنوية.
الخرطوم محطة للم الشمل
مدير مكتب رئيس الجالية اليمنية بالسودان عبد القوي حامد البازلي يقول لـ”العربية.نت” إن السودان هو البلد الوحيد الذي يسمح لليمنيين بالدخول دون تأشيرة، لذلك أصبحت الخرطوم حلقة الوصل، حيث يلتقي أفراد العوائل النازحة ببعضهم في الخرطوم من مختلف بلدان العالم، بينما يفد البعض الآخر في طريقه إلى دول أخرى.
وبحسب إحصائيات مكتب الجالية فقد بلغ عدد الوافدين إلى اليمن عقب الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن أكثر من عشرة آلاف، بينهم ألف أسرة استقرت بالخرطوم.
لكن منذ مطلع الثلاثينات في القرن الماضي بدأت الهجرات المتوالية لعدد من الأسر اليمنية الشهيرة إلى السودان، وساهمت بقدر كبير في نمو حركة التجارة، مثل أسرة باعبود وسعد قشرة وعبدربه وبعليوة وباعوم، وبلغ عدد أفراد الجالية القديمة أكثر من 120 ألف اندمجوا في المجتمع السوداني وأصبحوا جزءا من نسيجه الاجتماعي.
وشكل اليمنيون منذ مطلع القرن الماضي طبقة رفيعة من رواد الأعمال، ونشطوا في جلب البضائع وفتح المحلات التجارية في عدد من مدن #السودان.
وتربط اليمن والسودان علاقات ثقافية متجذرة، حيث عمل أكثر من عشرة آلاف أستاذ سوداني بالمدارس اليمنية منذ مطلع السبعينات بنظام الانتداب والإعارة بعد اتفاقيات بين وزارتي التربية في البلدين.
ومنذ مطلع العشرينيات من القرن الماضي يدرس في السودان عدد من أبناء اليمن، كتقليد ثابت حيث كان الإنجليز الذين يحكمون في اليمن والسودان يرسلون عددا من الطلاب إلى #كلية_غردون بالخرطوم.
وبناء على برتوكول ثقافي بين البلدين تمنح الجامعات السودانية 60 مقعدا سنويا لطلاب يمنيين في 21 تخصصا.
وفي مطلع التسعينيات أنشأت الحكومة السودانية عددا من الجامعات الخاصة وضاعفت نسبة القبول للجامعات، ما أتاح لعدد كبير من الطلاب الأجانب الالتحاق بالجامعات السودانية.