السؤال
سؤالي عن الاستغفار
قرأت عن فوائد الاستغفار الكثيرة؛ فبدأتُ أردّد “أستغفر الله” كل يوم ألف مرة، ولكني أخاف أن أكون أتصرف كالببغاء بكثرة الترديد، هل ما أفعله صحيح أم خطأ؟ وما هو تأثير الاستغفار على المستغفرين، لقد لجأت إلى الاستغفار بعد أن قفلت جميع الأبواب في وجهي وضاقت الدنيا بما رحبت، ولم يبق إلا هذا الباب.
أعلم أنك ستقول لي لا بد من السعي؛ أنا سعيت بكل ما أملك ولكن حتى باب السعي قفل ولم يعد لديّ شيء أو طريق أسعى به، حتى إني أصبحت أتجول في الشوارع بلا سبب بقصد السعي! حتى إني وصل بي الحال إلى الجلوس على أرصف الطرقات أملًا بأن يظهر أي سبب أمامي أسعى به! حتى الصبر طال كثيرًا وأخشى أن يمضي العمر بلا فائدة.
تصدقتُ كثيرًا ودعوتُ كثيرًا وصبرتُ كثيرًا، لا أفعل الكبائر، أخطائي وذنوبي مثل أي إنسان مفطور على الخطأ.
بماذا تنصحني؟ ساعدني برأيك أو بأي معلومة تملكها أو هل من أحد له تجربة تنفعني؟
شكرًا لكم.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكرًا على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا، وكان السلف إذا أرادوا السقيا استغفروا الله، وإذا رغبوا في الولد استغفروا الله، أو طمعوا في المال استغفروا الله، يتأولون قول الله: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا) وكانوا إذا رغبوا في القوة في أبدانهم أو بلدانهم استغفروا الله القائل: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين).
وأرجو أن تعلمي أن الإنسان يُحرم الخير بسبب ذنوبه، والاستغفار يغسل الذنوب، ومن هنا يتجلى الفهم العميق لشيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: (أفضل الدعاء أستغفر الله) وعندما طلب الصحابة من الفاروق عمر أن يستسقي لهم.. استغفرَ واستغفرَ واستغفرَ، ثم نزل فانهمر الغيث ونزلت الرحمة، فاستغربوا فذكّرهم بقول الله: (فقلت استغفروا ربكم…) وعندما سُئل الإمام ابن الجوزي: هل الأفضل في حقنا التسبيح والتقديس أم الأفضل الاستغفار؟ قال: “بل الأفضل في حقنا الاستغفار؛ لأن الثياب المتسخة لا تفيدها العطور إذا صبت عليها..”.
فالاستغفار عبادة عظيمة، وأرجو أن تركزي عند الذكر والاستغفار؛ فإن أكمل الذكر ما واطأ فيه القلب اللسان، وهنيئًا لمن ملك لسانًا ذاكرًا وقلبًا بعظمة الله شاهدًا.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بعدم استعجال النتائج، وعليك بتجنب اليأس، واعلمي أن لكل أجل كتابًا، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وثقي بأن ما يقدره الله لك فيه الخير، ونسأل الله أن يحقق الآمال ويبارك الآجال، وأن يغفر الذنوب ويستر العيوب، وفقك الله وسدد خطاك وحفظك وتولاك.
د. أحمد الفرجابي
المشكاة