يتكيء الاسلاميون اليوم على ظلال الذكرى الـثامنة عشرة للمفاصلة الشهيرة، والتي مضت إلى أحداث تغييرات جوهرية في مفاصل حكومة الانقاذ الوطني، بجانب إثراء الخارطة السياسية بالبلاد بمولد حزب جديد حمل مسمى المؤتمر الشعبي، الذي خرج من رحم المؤتمر الوطني بعد مخاض عسير، جراء قرارات الرابع من رمضان، والتي أفضت إلى تقليص صلاحيات الترابي لصالح الرئيس البشير، كمحلصة ضمن تداعيات المفاصلة (آخر لحظة) في إطار حرصها على معرفة الأسباب الحقيقية التي عجلت بالمفاصلة الشهيرة، جلست مع القيادي بالشعبي أبوبكر عبد الرازق، بصفته شاهداً على خلفيات المفاصلة، فمعاً نتابع ما قاله عبد الرازق عن المفاصلة في هذه السطور .
* بداية .. ما هي الأسباب التي أدت إلى المفاصلة بين الوطني والشعبي؟
معطيات عديدة ساهمت في قيام المفاصلة أبرزها قضية الحريات التي كان ينادي بها الراحل الترابي، بجانب التداول السلمي للسلطة والثروة، ووجوب تمكين الحكم الفدرالي بصلاحيات اقتصادية وسياسية حقيقية للولايات بجانب محاربة الفساد، وهذه كانت ضمن القضية التي كان يستمسك بها الترابي وقام بإدراجها ضمن دستور 1998
* لكن قضية انتخاب الولاة من قبل الشعب هي التي عجلت بالمفاصلة من غيرها؟
بالطبع هذا الحديث صحيح لأن قضية انتخاب الولاة من قبل الشعب وليس بالتعيين كما يري البشير، كانت هي السبب المباشر في تعطيل البرلمان من إجازة المسودة المتعلقة بها، والتي تخول للشعب اختيار الوالي مباشرة على عكس ما كان سائداً في أن يتم تعيينه من الرئيس بعد الدفع به من قبل المجلس الولائي ضمن قائمة تحوي ثلاثة مرشحين يقع الاختيار على أحدهما
* هل كانت مذكرة العشر الشرارة الأولى لتطاير نيران المفاصلة؟
المذكرة كانت تنادي بتقليص صلاحيات الترابي، وهي بمثابة القشة التي قصمت ظهر الإسلاميين، وفي تقديري هي التي عجلت بقيام المفاصلة.
*حدثنا عن الإرهاصات التي سبقت المفاصلة ؟
منذ أن أعلنت مذكرة العشرة في العام 1998 حتي دب التوتر في مفاصل الاسلاميين، وتحركت الواسطات المختلفة لاحتواء الموقف وعند قيام المؤتمر العام في 7/10/1999 والذي أمه قرابة العشرة آلاف عضو، مضيت إلى تقديم اقتراح للجنة النظام الأساسي بالحزب بأن لايجمع رئيس الجمهورية منصب رئاسة المؤتمر الوطني مع منصبه، وبموجب هذا ظل الوضع على ما عليه من القطيعة والتوترات، حتى أصدر الرئيس في صبيحة الرابع من رمضان قراراته بإعلان حالة الطواريء، وحل المجلس الوطني
*متي تمايزت الصفوف بين منسوبي القصر والمنشية؟
تمايز الصفوف كان منذ وقوع قرارات الرابع من رمضان، لكن قرارات صفر التي أصدرها البشير في العام 2000 القاضية بحل كافة أمانات المؤتمر الوطني بالولايات بجانب المركز، واستخدام قوة الدبابات للسيطرة عليها، ومنع المتعاطفين والموالين للترابي من دخولها، هي التي افضت الي استبانة الخيط الأسود من الأبيض، وجعلت الترابي يتجه إلى تأسيس حزب المؤتمر الوطني الشعبي، والذي تحول لاحقاً إلى المؤتمر الشعبي.
*هل الخلاف كان حول مقود القيادة بين الرئيس البشير والراحل الترابي ؟
الخلاف كان حول القرار التنفيذي الخاصة بالجبهة الإسلامية، بأيلولة السلطة إلى انتخابات عامة بعد مضي ثلاث سنوات من استلامها للسلطة وتأسيس نظام ديمقراطي
*مقاطعة ..لماذا لم تنفذ هذه القرارات إذاً ؟
أطماع العسكرين وبعض المدنيين في السلطة أدى إلى عرقلة إنفاذ هذا القرار، وهذه الأطماع هي التي قادت إلى المفاصلة
* حادثة اغتيال الرئيس حسني مبارك هل لها علاقة بالمفاصلة؟
بالتاكيد لها علاقة مباشرة بالمفاصلة، لأنه وبعد محاولة الاغتيال انحاز الذين قاموا بالمهمة إلى جانب معسكر الرئيس البشير، حماية لأنفسهم من المساءلة القانونية، وعملوا على اقناع الرئيس في الاستمرار بالحكم، وشق الحركة الإسلامية وتحريضه ضد الترابي،
هنالك من يشير إلى وقوف النائب السابق لرئيس الجمهورية علي عثمان طه خلف قرارات المفاصلة؟
شوف ..الاتهام الاساسي لعلي هو الداعم الأول للمفاصلة، ولولا انحيازه لصاح القصر لما رجحت كفة البشير ضد الترابي
*هل ذلك ير جع إلى الثقل والوزن الذي يتمتع به علي وسط الإسلاميين؟
اختيار علي جانب البشير جعل العديد من الإسلاميين يسلكون منهجه بالوقوف مع البشير ضد الترابي، والثقل الذي كان يتمتع به علي باعتباره كان بمنصب نائب الأمين العام بالحركة، جعل يستخدمه لصالح البشير
* بعض الذين انحازوا جانب البشير هل كانوا يأتون خفية إلى أخذ مباركة الترابي؟
كثيراً منهم كانت جيوبهم مع البشير وقلوبهم مع الترابي
*ما هي أبرز تداعيات المفاصلة؟
من أبرز تداعياتها نشوء حرب دارفور وانفصال الجنوب وتعميق الخلافات مع دول الجوار
*مقاطعة ..لكن بعيد المفاصلة شهدت علاقات البلاد تقدماً ملحوظاً خاصة مع دول الجوار؟
هذا الحديث غير صحيح بل تعمقت الأزمة مع دولة مصر وساءت العلاقة مع تشاد إثر الهجوم الذي شنته حركة العدل والمساواة على أم دردمان انطلاقا من أراضيها
*هل أثرت المفاصلة على الترابي؟
بالتأكيد المفاصلة أثرت على مشروع الترابي الفكري ومنعته من التطور
*ماهي الدروس المستفادة من المفاصلة؟
إن محاولة اقصاء فصيل سياسي متجذر الثوابت يعد أمراً مستحيلاً
* بعد انقضاء قرابة الـ18 عاماً على المفاصلة، بماذا تنصح إخوانكم بالمؤتمر الوطني؟
نقول لهم اتقوا الله في أنفسكم وأوبوا إليه وأصدقوه القول والعمل
اخر لحظة