منذ بدء التقارب (المصري – اليوغندي – الجنوب سوداني – الليبي)مطلع العام الجاري ضد السودان وإثيوبيا وليبيا الذي كشفت عنه (الإنتباهة) ونفته الدوائر الرسمية بالخرطوم آنذاك عندما زار رئيس النظام المصري،عبدالفتاح السيسي، العاصمة اليوغندية، كمبالا، في ديسمبر 2016،
وما أعقب ذلك من زيارة رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، إلى القاهرة شهر يناير الماضي، أماط اللثام بشكل فاضح عن التآمر الذي يدور ضد الخرطوم وأديس أبابا وطرابلس وراء الكواليس الذي استخدمت فيه الاستخبارات المصرية كل من المعارضة السودانية الممثلة في الجبهة الثورية التي تضم الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة الموجودة في أراضي دولتي جنوب السودان وليبيا، والمعارضة الإثيوبية المسلحة الموجودة بجنوب السودان وإريتريا، وخلال هذا الملف نسلط الضوء على علاقة النظام المصري بالحركات المسلحة الإقليمية:
القاهرة عاصمة المتمردين
يسعى النظام المصري من خلال أجهزته الأمنية للسيطرة وتحقيق نفوذ في المنطقة رغم تأثير تلك الأدوار على الأمن والسلام بالإقليم. ولعل المدرعات المصرية التي ضبطت في دارفور بواسطة القوات المسلحة والدعم السريع الأسبوع الماضي، كانت (غيض من فيض) حيث لم يكن السودان الوحيد المتضرر من العمل الاستخباري المصري في المنطقة المهدد للأنظمة ، فلقد كان احتضان القاهرة للمتمردين اليمنيين على رأسهم الحوثيين والرئيس اليمني علي عبد الله صالح في مارس 2015م خاصة مع الرفض المصري المشاركة في عمليات عاصفة الحزم التي ترعاها المملكة العربية السعودية حيث أصبح اللغز غير مفهوم خاصة أن الزيارة كانت فور استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء وعزز ذلك تصريحات عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثيين محمد البخيتي حول تقارب بين الحوثيين ومصر والرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي أرسل قبل أيام وفداً برئاسة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام (عارف الزوكا) للقاء مسؤولين مصريين للتنسيق بشأن المرحلة الجديدة قبل تمكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مغادرة العاصمة اليمنية صنعاء آنذاك، ولاحقاً استقبلت القاهرة الرئيس المخلوع على عبد الله صالح في وقت يفرض فيه مجلس الأمن الدولي عقوبات عليه منذ عام 2014، تضمنت حظراً عالمياً على سفره وتجميد أصوله لتهديده السلام وعرقلة العملية السياسية في اليمن.
الدور المصري لم يكتفِ بالتعاون مع علي عبد الله صالح والحوثيين، بل إن قائد معسكر الضحى في مديرية اللحية الساحلية اليمنية، يحيى حسين أبو حلفه، وتاجر السلاح المقرب من علي عبد الله صالح، زيد عمر الخُرج، تسلما 12 زورقاً من ضباط في البحرية المصرية خلال الشهرين الماضيين، لافتاً إلى أن عملية استلام الزوارق تمت في جزيرة قبالة منطقة اللحية التابعة لمحافظة الحديدة. وأكد المصدر نفسه أن البحرية المصرية سهّلت دخول السلاح للحوثيين وحلفائهم. كما أوضح المصدر في أن القاهرة فتحت للحوثيين قنوات تواصل مع الاستخبارات الحربية المصرية.
أما في تركيا ففور فشل الانقلاب في يوليو 2016م فلقد احتضنت السلطات المصرية المعارضين الهاربين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد أن صدرت أومر باعتقالهم لتورطهم في الانقلاب الفاشل وأغلبهم من أتباع مؤسسات فتح الله غولن وذلك اعتماداً على انتشار مؤسساته في مصر عبر سلسلة مدارسها الدولية ودورالنشر التابعة لها.
أما في القرن الإفريقي بعد الأحداث التي اندلعت في إثيوبيا، اتهم الرئيس ملاتو تشومي خلال جلسة البرلمان الإثيوبي مؤسسات مصرية رسمية بدعم معارضة الأورومو المسلحة في بلاده بهدف منع أديس أبابا من بناء سد النهضة، كما اتهم عناصر في مصر وإريتريا بتسليح وتدريب وتمويل مجموعات تلقي عليها بمسؤولية موجة من الاحتجاجات والعنف في مناطق محيطة بالعاصمة، وفي مارس من العام 2016 نفذت استخبارات الحربية المصرية عملية نوعية بإنقاذ أحد زعماء جبهة تحرير الأورومو، (أومجيتا شارو)، التي تقود المتمردين الإثيوبيين بعد أن نقلتها من أسمرا بعد محاولة السلطات الإثيوبية القبض عليها وتسليمها للعدالة ، وقامت القاهرة بدعم التمرد الإثيوبي بعد أن تعهد المتمردون الاثيوبيين لهم بإيقاف مشروع سد النهضة رغم الفوائد التي ستعود على البلاد منه ، ولم تكتفِ السلطات المصرية بذلك إذ استقبلت قاعة مؤتمرات الأزهر في مدينة نصر، مؤتمرات حاشدة لأبناء الأورومو الذين جاءوا من إثيوبيا وإريتريا، ومناطق أخرى، لبحث وتحديد إجراءاتهم خلال الفترة المقبلة، وتسعى القاهرة من احتضان الأورومو أيضاً أن يطالبوا مستقبلاً بحق تقرير المصير على ذات شائكلة دولة جنوب السودان عن السودان.
وفي جيبوتي اتهم مندوبها في الأمم المتحدة، محمد زياد دعاله، خلال الشهر الحالي إريتريا بدعم حركة الشباب الصومالية، التي تبنت عدة هجمات مسلحة في الصومال، فضلاً عن استضافة وتدريب وتسليح مجموعة جيبوتية مسلحة بغرض الإطاحة بالحكومة الجيبوتية، جاء ذلك في كلمة لمندوب جيبوتي لدى الأمم المتحدة، في جلسة خاصة حول الصومال، ومن المعروف أن السلطات المصرية أيضاً تقوم بدعم إريتريا لدعم حركة الشباب، وعلى ذات الطريق تقوم المخابرات المصرية من خلال دعم حركات الشباب بالصومال عبر إريتريا بتقويض العملية السلمية في البلاد وتهديد الأمن الإقليمي من خلال الهجمات التي تقوم الحركات المسلحة بها ضد الحكومة الصومالية.
دعم التمرد الليبي بالسوداني
رغم النفي الذي ظل يردده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول دعمه لحركات دارفور المسلحة والارتباك الواضح الذي بدء عليه خلال مؤتمره الصحافي مع نظيره النمساوي بالقاهرة، لكن الحقائق المرتبطة بالدعم المصري ليست فقط ضد السودان وإنما ضد دول الإقليم بأسره الذي يعاني من دعم القاهرة للمتمردين في دولهم في ظل صمت المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية أمام ما تقوم به مصر من تهديد للسلام والأمن العالمي من خلال دعم متمردي الدول الإفريقية والعربية بالسلاح.
في أغسطس من العام 2014 م عندما قام العقيد الليبي المتمرد خليفة حفتر بإعلان التمرد على النظام في طرابلس لتبدأ بعدها الحرب الأهلية استطاعت السلطات الحكومية وأد تمرده لكن بعد محاصرته في ليبيا وصلت طائرة حربية مصرية الى ميدان المعركة لإنقاذه وتم نقله الى مطار مرسى مطروح العسكري حيث تلقى العلاج قبل أن ينقل بنفس المروحية الى القاهرة حيث اجتمع هناك مع المسؤولين المصريين عقب هزيمة قواته في كل من طرابلس وبنغازي ومقتل قادته، لكن القاهرة على الفور بدأت الإعداد لدعم عملية (الكرامة) الثانية لإعادة العقيد المتمرد خليفة حفتر الى ليبيا لبسط سيطرته على الحكم فيها بالتعاون مع السياسيين الناقمين على حكم طرابلس المتواجدين في طبرق آنذاك، أي أن القاهرة عملت نحو تجزئة ليبيا الى دولتين بسبب دعمها للإقليم الشرقي في ليبيا، وأثناء تواجد حفتر بالقاهرة نسقت المخابرات المصرية لقاءه مع حركة العدل والمساواة الدارفورية في العام نفسه حيث التقى المستشار الاقتصادي للحركة والقيادي في الجبهة الثورية المتمردة السودانية بشارة سليمان نور الذي أيضاً عقد اجتماعاً ثانٍ مع حفتر في طبرق تسلم خلالها بشارة مبلغ (2) مليون دولار عاد بعدها بشارة الى القاهرة وحول المبلغ لصالح شركة استثمارية تابعة لحركة العدل والمساواة مقرها بمصر الجديدة وتم تحويل بقية المبلغ الى زعيم الحركة جبريل إبراهيم، وكان بشارة قد تعهد للمصريين وحفتر بإرسال مقاتلي الحركة من إقليم دارفور الى ليبيا لدعم التمرد الليبي على نظام الحكم في طرابلس ووصلت بعدها (20) عربة عسكرية من الحركة الى طبرق لتعلن استهلال العمل التمرد المشترك، وفي سبتمبر 2015 انضمت حركة مني أركو مناوي الى حفتر حيث اتفقت المخابرات المصرية مع مناوي على إرسال مقاتلين بعد الخسائر التي مني بها حفتر أمام مجلس شورى ثوار بنغازي حيث اتفقت حركة مناوي على إرسال المقاتل الواحد مقابل (700) دولار وصل بعدها المقاتلين بقوة قوامها (45) سيارة الى منطقة الجغبوب الليبية ، كما كان لقاء طبرق بين حركة مناوي وحفتر موثَّق بالصور، وبحسب المعلومات فإن قوات مناوي لم تكتفِ بذلك، بل قامت باختطاف المعدِّنين بولايات دارفور لدعم قواتها بليبيا واتخذت منطقة (روكر) الليبية مقراً لعمليات اختطافها للمعدنين لتجنيدهم قصراً.
وبعد الخسائر التي ظل يعاني منها المتمردون الليبيون بقيادة العقيد حفتر تدخلت المقاتلات المصرية في أكتوبر من العام 2014 م وضح النهار وقامت بقصف مواقع القوات الحكومية في بنغازي في ظل صمت المجتمع الدولي مما مهد الطريق للمتمردين للاستيلاء على بنغازي والتقدم نحو حقول البترول ولكي تجد مصر غطاء للتدخل الجوي في سيادة ليبيا انتجت الأجهزة الأمنية المصرية الفيلم المشكوك فيه حول قيام ما يسمى بذبح داعش للمصريين في ليبيا حتى تواصل المقاتلات المصرية ضرب القوات الحكومية مساعدة متمردي ليبيا والسودان في التقدم نحو طرابلس لكن رغم ذلك قتل المئات من مقاتلي حركات دارفور في منطقة (بوزريق) التي تبعد حوالي 200 كم عن مدينة الكفرة على طريق (الكفرة جالو) في جنوب ليبيا أمس. وبحسب إفادات سكان المنطقة فإن حركتي مناوي وجبريل المتحالفتين مع قائد التمرد خليفة حفتر قامتا بالهجوم على المنطقة وتصدى لهما ثوار ليبيا في اشتباكات امتدت لساعات قتل فيها أعداد كبيرة من قوات الحركتين إضافة لاثنين ليبيين يتبعان لقوات حفتر وجنسيات إفريقية أخرى. وفي تلك المعركة تحصلت (الإنتباهة) على صور للذخائر المصرية كتب عليها (جمهورية مصر العربية ) (طلقة عادية عيار (7.62×39)إنتاج شركة ابي قير للصناعات الهندسية – مصنع (10) الحربي) وهي التي كانت تستخدمها حركات دارفور في التمرد مع حفتر، يضاف أن الدعم المصري ظل بشكل أسبوعي يفرغ الدعم العسكري في مدينة طبرق، تحت إشراف رجال مخابرات مصريين،على أن يتم نقلها على دفعات إلى قوات حفتر في مطار بنينا والقاعدة الجوية بها، ومعسكر الرجمة الذي تسيطر عليه قوات التمرد.
لعل من طرائف التحالف الذي ترعاه مصر خلال العام الحالي أن العقيد المتمرد خليفة حفتر قام بنعي القائد (موسى كوم) المشهور (بكنقرب) والقائد (أبكر شقر) اللذان قتلا في المعارك قنفودة ضد مجلس شورى بنغازي ويتبعان لجناح علي كاربينو على أنهما من قبيلة التبو بينما هما من العدل والمساواة.
بالتالي نجد أيضاً أن المشاركين من حركات دارفور المسلحة في ليبيا تحت الإشراف المصري هم قوات حركة مني أركو مناوي المرتبطة بنهب حقول النفط في ليبيا، بقيادة جابر إسحاق نائب القائد العام لقوات مناوي حيث يقوم بالتنسيق لهم العقيد الليبي التباوي على شيدي المكلف من قبل حفتر بحماية حقول النفط، فيما تتوزع الحركات الدارفورية في محور منطقة ربيانة التي تسيطر عليها قوات مناوي بقيادة المتمرد جابر أسحق ، و محور حقل البترول (شمال شرق الكفرة) توجد قوات مناوي بقيادة المتمرد عباس خواجة، وقوات تابعة لحركة الوحدة بقيادة كل من المتمردين أحمد أبوتنقة ومحمد عبد الله وموسى كنقرو، بالإضافة لقوة تابعة للمتمرد عباس جبل موني وأخرى تابعة للمتمرد عبد الواحد محمد نور. أما محور منطقة أم الأرانب (قرب سبها) وهذا المحور عبارة عن مؤخرة لقوات مناوي به عربات معطلة، ومحور مدينة طبرق يوجد به المتمرد هارون أبوطويلة التابع لحركة مناوي والمتمرد محمد عبد الله التابع لحركة التحرير والعدالة مجموعة علي كاربينو، وتوجد قوات تابعة لحركة العدل والمساواة بليبيا جمعت الحركة الفارين من معركة قوز دنقو وعددهم (18) فرداً أبرزهم الطاهر عرجا، يحيى عمدة، بخيت صابر، علي تنقا.
أما أبرز القيادات الدارفورية المتمردة مع حفتر بالإشراف المصري هم من حركة مناوي (جابر إسحاق القائد العام لقوات الحركة بدارفور- ومحمد هارون مسؤول الاستخبارات بالحركة ، رجب جو، صالح أبوطويلة)، ومن مجموعة المتمرد عبد الواحد محمد نور (يوسف محمد يوسف كرجكولا،عباس أصيل)ومن المجموعة المنشقة من عبد الواحد أبرزهم (صالح جبل سي، أحمد جدو،أبكر إدريس) ومجموعة الوحدة ويقودها المتمرد عبود آدم خاطر القائد العام لقوات الحركة، و مجموعة علي كاربينو أبرزهم (أحمد أبوتنقا، موسى كنقروب وفيصل ننقا).
الانتباهة