لم تفلح جهود السودان في إعفاء ديونه البالغة 64 مليار دولار برغم مشاركة وزير المالية السابق في كل الأنشطة الدولية التي عقدت في واشنطن وأوروبا. حيث وعدت بريطانيا وإيطاليا بالسعي لإعفاء ديون السودان في المنابر الدولية المختلفة بعد أن استوفى الشروط المتعلقة بالإعفاء.
الأسبوع الماضي شهد اتفاقاً بين حكومتي الخرطوم وجوبا على وضع إستراتيجيات جديدة لإشراك الدائنين والمانحين لإعفاء السودان من ديونه قبل انفصال جنوب السودان في العام 2011، فضلاً عن تعزيز برامج التنمية المشتركة على طول المناطق الحدودية المشتركة، تماشياً مع مبادئ “الحدود الناعمة” ورؤية تحقيق دولتين قابلتين للحياة في سلام مع بعضهما.
هذا الاتفاق وصفه الخبراء بأنه خظوة مهمة تأتي في إطار حرص البلدين على حل مشكلة الديون في إطار مساعي الدولتين للبحث عن تمويل خارجي نظرًا لهشاشة اقتصادهما الذي يعوق التنمية.
وانعقد اجتماع اللجنة الثلاثية المكونة من السودان وجنوب السودان والمجتمع الدولي بأديس أبابا لبحث مواصلة تخفيف عبء الديون ورفع العقوبات والمساعدة الاقتصادية للسودان وجنوب السودان. وذكر بيان صادر عن الاتحاد الافريقي أن البلدين جددا التزامهما بالعمل سوياً من أجل تحقيق الدعم الدولي لاقتصاداتهما وأعربا عن تأييدهما للاستراتيجيات والخطوات القادمة لإشراك الدائنين والمانحين.
ورحب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الدبلوماسي التشادي موسى فكي حسب البيان بنجاح الاجتماع، مؤكدًا دعم الاتحاد الأفريقي للقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة يناير 2017 القاضي بالشروع في عملية رفع العقوبات المفروضة على السودان، مبدياً ارتياحه للإجراءات الإيجابية التي تتخذها حكومة السودان بالتعاون مع الولايات المتحدة.
ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة الاقتصادية إلى السودان وجنوب السودان، مشددًا على أن الاتحاد الأفريقي سيواصل دعمه وتسهيل عمل اللجنة الثلاثية في مساعيها لتأمين المساعدة الاقتصادية والاستقرار اللازمين وورثت الخرطوم كامل الدين الخارجي الذي كان قائماً قبل انفصال الجنوب.
وكانت حكومة السودان ودولة جنوب السودان قد وقعا في وقت سابق من العام 2012م على اتفاق نص على خيارين لإعفاء الديون الأول عرف بالخيار الصفري بأن تقبل الدولة الأم “السودان” تحمل الديون لعامين يتم خلالها الاتصال بالدائنين مع جهود المجتمع الدولي للإعفاء، والثاني يقوم على فشل الأول بأن يتم تقاسم الديون بين البلدين وفق معايير من بينها نسبة السكان. وتم تمديد مهلة الخيار الصفري بين جوبا والخرطوم لعامين آخرين التي انتهت في سبتمبر من العام 2014م لايجاد فرصة للوصول الى حل لقضية الدين. ولكن حسن أحمد طه الوزير الأسبق فيرى أن أفضل سيناريو أن يتحمل جنوب السودان نسبة 30% والباقي لحكومة السودان.
وكان وزير المالية السوداني السابق قد طالب البنك الدولي بالنظر في إعفاء ديون السودان وفقاً للخيار الصفري خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عقدت بواشنطن أبريل الماضي. وتبلغ ديون السودان وفقاً لآخر إحصائية غير رسمية 46 مليار دولار أصل الدين فيها 15 مليار دولار وبقية المبلغ أرباح تتراكم بطريقة مركبة تضاف إلى الأصل زائداً الأرباح تساوي خدمة الديون، وأبرز الدائنين للسودان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس والبنك الإسلامي للتنمية بجانب ديون لدول وصناديق إقليمية عربية وأفريقية. والسودان مصنف من أكثر الدول ديوناً تجاوزت سقف الهيبك بحوالي أكثر من 200%، ولكنه استوفى الشروط الفنية الخاصة بالمعالجة، وما تبقى يرتبط بقضايا سياسية، وفقاً لإفادة وزير المالية السوداني عقب مشاركته في اجتماعات صندوق النقد الدولي التي عقدت ببكين مؤخرًا.
وكان صندوق النقد الدولي عد السودان بلداً هشاً، وقال في أحدث تقاريره لمشاورات المادة الرابعة لا يزال السودان في وضع مديونية حرج وتنطبق عليه شروط الحصول على تخفيف لأعباء الديون بمقتضى المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون”هيبيك”، وأضاف التقرير ديون السودان الخارجية الكبيرة والمتأخرات يعوقان إمكانية حصوله على التمويل الخارجي، ويشكلان عبئاً ثقيلًا على آفاق التنمية. وحسب إعلان سابق لصندوق النقد الدولي فقد بلغت ديون السودان في العام 2013 ما يعادل 45.6 مليار دولار.
صحيفة الصيحة