* هل يمكن أن يحدث هذا الأمر في عهد رئاسة مولانا البروف حيدر أحمد دفع الله للقضاء؟
* هل يمكن أن يتم الفصل في كل الاستئنافات المرفوعة لمحاكم الاستئناف، في ولاية الخرطوم وبقية ولايات السودان خلال يوم واحد؟
* لو حدث ذلك فسيعد إنجازاً وإعجازاً تاريخياً للقضاء السوداني عموماً، ولرئيس القضاء الحالي على وجه التحديد، ولرئيس الجهاز القضائي بولاية الخرطوم على وجهةٍ أكثر تحديداً.
* ما حدث في القضية التي رفعها الدكتور عبد العظيم حسين خلف الله، ضد الدكتور محمد عباس فوراوي، مدير إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، والدكتور صلاح الدين عمر رئيس قسم المستشفيات بذات الإدارة، لافت للانتباه، ومثير للحيرة ولن نقول الألم، من باب الاحترام لمؤسسة القضاء السوداني العريقة، التي عرفت عبر تاريخها الطويل بالاستقلال والعدل والنزاهة والحرص على إحقاق الحق وجبر الأضرار ورفع المظالم وحراسة القانون وتطبيقه بكل نزاهة وصرامة.
* مثير للحيرة لأن الاستئناف المقدم من وزارة الصحة ولاية الخرطوم (ممثلة في مستشارها القانوني) ضد الحكم الصادر بحق فوراوي وصلاح الدين عمر تم الفصل فيه خلال يومٍ واحد.
* استئناف (إكسبريس)، لم نشهد له من قبل مثيلاً، وصدوره في ذلك الوقت القياسي يثير العديد من الأسئلة، حول مدى قدرة محاكم الاستئناف على الفصل في كل الاستئنافات المرفوعة لها بذات الطريقة، لتبت فيها خلال يومٍ واحد.
* هل ذلك ممكن عملياً؟ وإذا حدث فهل سيضمن تحقيق العدالة؟
* محاكم الاستئناف تمثل (حوائط صد)، تصون العدالة، وتمنع الزلل، لذلك منحها المشرع سلطة الفحص، والمراجعة، والتدقيق، في كل الأحكام التي تصدر من محاكم الموضوع، وذلك الأمر يفرض عليها أن تتأنى وتمحص وتتروى وتدقق قبل أن تصدر أحكامها، كي تحقق العدالة، ولا تتجاوز القانون، فهل يمكن أن يحدث ذلك في يومٍ واحد؟
* طلبت محكمة الاستئناف أوراق القضية يوم 15 مايو.
* صدر قرار المحكمة المذكورة في اليوم التالي مباشرةً، (16 مايو)، وقضى بإلغاء الإدانة والعقوبة، وإعلان براءة المتهمَين، وإطلاق سراحهما فوراً (ونهائياً)!
* الكلمة الأخيرة التي دونتها محكمة الاستئناف غريبة، ولا تستخدم عادةً في مثل تلك الأحكام، لأن المحكمة تعلم يقيناً أن هناك مرحلتين أعلى منها للاستئناف، وربما ثالثة في المحكمة الدستورية، فلماذا أوردت تلك الكلمة في (الاستئناف الإكسبريس)؟
* رئيس الدائرة التي نظرت الاستئناف يشغل منصب نائب رئيس عام إدارة المحاكم، ومكتبه يقع في رئاسة السلطة القضائية، والأمر نفسه ينطبق على العضو الثاني، الذي يشغل منصب نائب الأمين العام لشؤون القضاة، أما العضو الثالث والأخير، فيقع مكتبه في رئاسة الجهاز القضائي ولاية الخرطوم، واجتماع الثلاثة في موقعٍ واحد يحتاج إلى ترتيب، وإلى وقت بكل تأكيد، فكيف تم ذلك كله في يومٍ واحد؟، مع مراعاة أهمية وحساسية المنصبين اللذين يشغلهما رئيس الدائرة والعضو الثاني، وكثرة وتنوع المهام الموكلة إليهما.
* قرار توجيه التهمة تم استئنافه من قبل محامي الدفاع، واستهلك الفصل فيه شهرين تقريباً، وهو قرار فرعي، صدر أثناء سير الدعوى، فكيف يستقيم عقلاً أن يتم الفصل في كامل الدعوى خلال يومٍ واحد؟، علماً أن محضر القضية احتوى على أكثر من (250) صفحة، و(12) مستنداً!
* هل تأتّى لمحكمة الاستئناف أن تطالع كل تلك الأوراق، وتدقق في كل تلك المستندات خلال يومٍ واحد؟
* ما حدث في القضية المذكورة يمثل (استثناءً) لا سابق له، لذلك ينبغي أن يتم الوقوف عنده طويلاً، كي لا يتحول إلى قاعدة، ويحافظ القضاء السوداني على سمعته الناصعة، وسيرته الزكية، وعدالته الناجزة، وحرصه على نصرة المظلومين، ورد الحقوق إلى أهلها بسيف العدالة الصقيل.
* ثقتنا في قضاء السودان لا تحدها حدود، لأنه ظل يمثل الركن الركين، والحصن الحصين، ونصير المظلومين، وحامي حمى القوانين، وسيد حراس العدالة في السودان.
* مع ذلك نعيد سؤالنا الأول، ونشدد عليه، ونطلب إجابته بلا إبطاء، هل سيحظى كل مواطن سوداني يتقدم باستئناف، بذات العناية والسرعة (الضوئية) اللتين حظي بهما الاستئناف المقدم من وزارة الصحة بولاية الخرطوم؟
مزمل ابوالقاسم – للعطر إفتضاح
صحيفة اليوم التالي