عشرة أيام مضت على إعلان السيد رئيس الوزراء عن الوزارة والحقائب الوزارية.. وبغض النظر عن تبديلات اللحظة الاخيرة التي ذهبت بوزير الدولة في الاتصالات الى النفط ووزير الدولة في النفط الى الكهرباء ، الا ان بقاء وزير العدل دون اداء القسم لهذه الفترة الطويلة يظل امراً محيرآ و محرجآ ..
اما ان الرجل سيكون وزيراً فعليه اداء القسم واما لا فيجب الاعتذار له وتعيين وزير جديد .. ويبدو ان الامر لايتعلق بالوزير المعين وماطرأ على حالته من اتهامه بادعاء الحصول على مؤهلات اكاديمية لم يثبت حصوله عليها ، وان صح هذا فان الرجل المرشح للعدل يكون قد خالف صريح القانون مما يستوجب ليس حرمانه من الوزارة وانما تقديمه للقضاء بتمهة التزوير وتضليل جهات رسمية والكذب ،
لذلك الامر لاينتهي عند الاعتذار اذا كان السبب هو الشهادات ويتعدى ذلك الى المحاسبة والمحاكمة ، من جهة اخرى فان المؤتمر الوطني في حالة صدمة بعد اعتذار اثنين من اعضائه ربما يصلحون لملء المقعد الشاغر ، فاعتذر الاثنان عن تولى المنصب ، مراقبون يربطون بين هذه الاعتذارات وبين صدور مرسوم قانون العدل لسنة 2017م والذي اصبح بموجبه وزير العدل عضواً ومقرراً في مجلس العدل الذي يرأسه السيد رئيس الجمهورية وتتكون عضويته من رئيس المحكمة الدستورية ، رئيس القضاء ، وزير الداخلية ، النائب العام ، وزير المالية ،نقيب المحاميين ووزير العدل عضوا ومقررا ، هذا المجلس يتولى التخطيط للعمل العدلى والاشراف العام على مساره وتكون له الاختصاصات والسلطات الاتية ( أ ) التاكيد على التزام الاجهزة العدلية بتطبيق احكام الشريعة الاسلامية لتأسيس علاقات الحياة بما يؤكد معاني الحرية والعدل والشورى (ب) تأكيد سيادة حكم القانون ونفاذ سلطاته وضمان المساواة امام القانون (ج) تنسيق وتنظيم العلاقات بين الاجهزة العدلية بما يحقق التعاون بينهما لبسط العدل (د) مراجعة القوانين واللوائح التي تحكم الاجهزة العدلية بما يؤكد الانسجام الكامل بينها وازالة التعارض أينما وجد (ه) التنسيق مع المجلس الوطني ومجلس الوزراء فيما يتعلق بالموضوعات التي تلي الاجهزة العدلية (و) اجازة الخطط والبرامج التي يراها ضرورية لتحسين وتطوير اداء الاجهزة العدلية وتحقيق التأهيل والتدريب القانوني والقضائي (ز) تشكيل لجان مؤقته وادئمة لمساعدتة في اداء اعماله (ط) اصدار لائحة داخلية لتنظيم اعماله واجراءات اجتماعاته (ي) اي اختصاصات او سلطات اخرى لازمة لاداء مهامه .
باختصار هذا المجلس سيكون مهيمناً على السلطة القضائية ووزارة العدل والنيابة العامة ، ولم يكن مفهوماً وجود وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في هذا المجلس ، وربما كان المقصود ان يكون من اعضائه مدير جهاز الامن ،،
هذا المجلس يجعل من رئيس المحكمة الدستورية عضواً في مجلس سيكون مهيمناً على السلطة القضائية وهذا يخالف النص الدستوري في المادة 119 (2) من الدستور القومى الانتقالى لسنة 2005م تعديل 2015م ،تعديل 2017 م ( تكون المحكمة الدستورية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ) ، كما نصت المادة (123) / 2 على ان ( تكون السلطة القضائية مستقلة عن الهيئة التشريعية والسلطة التنفيذية ولها الاستقلال المالي والاداري اللازم )، ونصت الفقرة (4) من ذات المادة على ان ( يكون رئيس القضاء لجمهورية السودان رئيساً للسلطة القضائية القومية ورئيساً للمحكمة العليا القومية ويكون مسئولاً عن ادارة السلطة القضائية القومية امام رئيس الجمهورية ) .. وهو في هذا المجلس مرؤوساً من السيد رئيس الجمهورية ، و لن يكون مستقلآ خارج اجتماعات المجلس ، لا سيما ان نصاب اجتماعات المجلس هو نصف الاعضاء، و تجاز قراراته باغلبية الحاضرين ، و فى حال تساوى الاصوات يكون للرئيس صوت مرجح ،
هذه المخالفات للدستور تضع مجلس العدل خارج اطار اي مشروعية دستورية ، كما انها تمس استقلالية السلطة القضائية تماماً ، بعد تكوين هذا المجلس فان وزير العدل اصبح مجرد وكيل نيابة اعلى ومقرراً لمجلس العدل وسط اعضاءه اللذين يعلونه في التدرج الوظيفي ،
بعد فصل الادعاء العام وانشاء مجلس العدل ، لم يعد منصب وزير العدل مغريآ و جاذبآ ، ويمكن ان يشغله اي احد ولا داعي لابراز الشهادات ،،
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة