لم نتستَّر على الفساد الأكاديمي في شهادة الأساس
مدير الامتحانات أضاف درجات لطالبات بمدرسة المجلس الأفريقي
المصححون لم يتعاملوا بالدقة المطلوبة وارتكبوا مخالفات
نظام الامتحانات الإلكتروني الذي تم أدخاله لأول مرة شابه خلل كبير
نعم، نتحمل جزءاً من المسؤولية، بصفة عامة
(9) تلاميذ استفادوا من زيادة الدرجات
اعترفت وزيرة التربية والتعليم السابقة بولاية الجزيرة ، عرفة محمد طه، بحدوث تجاوزات في نتيجة امتحانات شهادة الأساس للعام 2014، وكشفت عن إضافة مدير الامتحانات درجات لتسع تلميذات بمدرسة المجلس الأفريقي لمصلحة خاصة، ونفت وقوع المخالفات في عهدها، إلا أنها قطعت بإيقاعهم عقوبات على كل من أكدت لجنة تقصي الحقائق ضلوعه في التجاوزات. ورفضت تحميل وزيرة التربية الحالية مسؤولية فضيحة مدرسة أولاد يس. وفي المساحة التالية نستعرض إجابات الوزيرة السابقة على أسئلة الصيحة.
*أكدت المستندات التي لا تكذب حدوث فساد أكاديمي في نتيجة شهادة الأساس بالولاية للعام الدراسي 2014، وأنت كنتِ وزيرة في ذلك الوقت؟
– قبل الإجابة، دعني اشيد باهتمام صحيفتكم بمسيرة التربية والتعليم بالجزيرة، أما فيما يتعلق بما تم تداوله ونشره لا يمكن أن ندعي أننا لسنا جزءاً منه، ولن نتجرد منه ونقول إنه لا يخصنا في شيء بوصفنا كنا قد تسنمنا من قبل قيادة وزارة التربية والتعليم، ولكن يمكن أن نؤكد عدم علاقتنا بما حدث من حيث الفترة الزمنية .
*ماذا تقصدين بالفترة الزمنية، هل هو هروب مبكر من تحمل المسؤولية؟
– لا، الأمر ليس كذلك.. أنا أتحدث عن توقيت تكليفنا بأمر الوزارة ووقوع الحدث، فالدكتور محمد يوسف تم تعيينه والياً على الجزيرة في شهر مايو من العام 2014، فيما أسندت لنا الحقائب الوزارية في السابع عشر من ذات الشهر، وقد تم إعفاؤنا من المناصب في يونيو من العام 2016، أما فيما يتعلق بالقضية التي أثيرت أخيراً فيما تخص امتحانات شهادة الأساس التي كانت في شهر مارس وأعلنت نتيجتها في شهر أبريل أي قبل تكليفي بملف وزارة التربية بشهر وأسبوعين، وقد صاحبتها المشكلة الشهيرة وقتها.
*إذن معنى حديثك هذا أنها وقعت في عهد الوزيرة نعيمة الترابي؟
– نعم.. وقد تم استدعاؤها وقتها من قبل تشريعي الولاية الذي عرض عليها الشكاوى التي تقدم بها عدد من أولياء الأمور مشككين في نتيجة شهادة الأساس، ولكن الأخت نعيمة لم تستمر بعد ذلك في منصبها، وعقب تكليفي واصل المجلس التشريعي تقصيه عن الشكاوى، وقد أحاطني علماً بتفاصيل القضية عبر لقاء جمعني برئيس المجلس في الثاني والعشرين من شهر مايو، أي بعد أيام من تعييني وزيرة للتربية.
*تردد وقتها أن تفاعلك مع الملف كان ضعيفاً؟
– هذا اتهام عار من الصحة، فبخلاف احترامي للمجلس التشريعي فإن الأمر كان محل اهتمامي بوصفي تربوية في المقام الأول بالإضافة إلى مسؤوليتي كوزيرة، وتأسيساً على ذلك فقد أصدرنا قراراً بتكوين لجنة إدارية لتقصي الحقائق حول شكوى أولياء الأمور المتعلقة بشكوكهم حول نتيجة الأساس للعام 2014.
*معذرة ..ألم تجدوا تقريراً جاهزاً من الوزيرة السابقة بخصوص هذه القضية؟
– لا لم نجده، بل لم نعثر على مستند رسمي له علاقة بهذه القضية، وبدأنا عملنا من نقطة الصفر عبر تكوين اللجنة كما أشرت آنفاً التي أوكلت إليها مهام سبر أغوار شكوى بعض أولياء الأمور.
*ماذا حوت شكواهم؟
– كشفوا من خلالها تشكيكهم في النتيجة وأكدوا أن ظلماً حاق بأبنائهم، وقد دفع بها ثلاثة من أولياء الأمور، اثنان منهم تربويون، وثلاثتهم أشاروا إلى أن كريماتهم كان يفترض أن يحرزن الدرجة الكاملة في اللغة الإنجليزية وطالبوا وقتها بمراجعة أوراق الامتحانات، وقد جلست إلى اثنين منهم وأخبرتهما بأن طلب مراجعة الأوراق يصعب تنفيذه لأنه سيفتح ثغرة كبيرة ويشكك في النتيجة كلياً، بل كان من حق أكثر من ستين ألف تلميذ امتحنوا وقتها المطالبة بذلك، وهذا كان سيشكك حال حدوثه في العملية التعليمية التربوية برمتها، واقتنعا بطرحنا وأبعث عبر الصيحة بالتحية لهما لتفهمهما .
*هل التشكيك طال كل المواد أم مادة محددة؟
لا، كانت الشكاوى محصورة في مادة اللغة الإنجليزية ، وهذا جعل لجنة التحقيق تركز عملها على هذه المادة لأنها الوحيدة التي دار حولها لغط، ومن الأساليب التي اتبعتها اللجنة لكشف الحقيقة أنها أخضعت عينات عشوائية من أوراق هذه المادة للتحليل، وقد تكشفت العديد من الحقائق أبرزها عدم وجود ضبط من بعض المصححين، وذلك عبر إنقاص وزيادة بعض الدرجات، وتوصلت اللجنة للكثير من الحقائق .
*ما هي؟
– بخلاف عدم انتهاج بعض من المصححين للضبط المطلوب في درجات مادة اللغة الإنجليزية، وجدت اللجنة أن مدير امتحانات الأساس بمطلق حريته وإرادته الكاملة أضاف لتسع من الطالبات درجة في اللغة الإنجليزية بإيعاز من مدير مدرسة المجلس الأفريقي، وهذا أسفر عن وجود تباين في الشهادات قبل وبعد الإضافة التي ارتكبها مدير مرحلة الأساس وقد اكتشفتها اللجنة والتي بعد الجلوس اليه تأكدت أنه ارتكب هذه المخالفة لمنفعة شخصية .
*وماذا اكتشفت اللجنة أيضاً؟
– وجدنا أيضاً أن نظام الامتحانات الإلكتروني الذي تم إدخاله لأول مرة شابه خلل كبير الذي أشرف عليه المهندس ضياء الدين الموظف بلجنة الاختيار، وكانت تجربته تلك هي الأولى لذا حدثت أخطاء، وبعد تجميع الأجهزة من المحليات والاطلاع على ما تحويه من معلومات عن مادة اللغة الإنجليزية وجدنا أنها ما تزال موجودة وهذا يتنافى تماماً مع سرية الامتحانات .
*هل اكتفى المجلس التشريعي بعمل لجنتكم فقط؟
لا.. فقد شكل لجنة تحقيق مستقلة وكان عمل اللجنتين منفصلاً، وكل لجنة رفعت توصياتها بمعزل عن الأخرى ، ونحن في الوزارة توصلت لجنتنا إلى الحقائق التي أشرت إليها آنفاً ووضعنا لها وقتها حلولاً لعدم تكرارها .
*كم عدد التلاميذ الذين استفادوا من زيادة الدرجات بغير وجه حق؟
– عدد التلاميذ الذين استفادوا من زيادة الدرجات تسعة بواسطة مدير الامتحانات وخمسة عشر آخرين، والخلل الذي حدث تمثل في زيادة درجات ولكن لم يتم إنقاصها من تلميذ إلا عبر عدم التدقيق من قبل المصححين، والزيادة لم يكن لها مسوغ.
*ماذا اتخذتم من قرارات بعد استلام تقرير لجنتكم؟
بعد أن تسلمنا تقرير اللجنة الذي أوضح وجود أخطاء صاحبت نتيجة امتحانات شهادة الأساس للعام 2014 أصدرنا عدداً من القرارات في الوزارة منها إعفاء مدير الامتحانات لإخلاله بالأمانة ولأنه بات غير جدير بإدارة ملف يتعلق بأجيال المستقبل، وأيضًا قررنا وقتها تغيير النظام بعد أن تأكدنا من عدم وجود تعاقد مع ضياء الدين ، وأيضا أوقفنا مصححي اللغة الإنجليزية لمدة عام .
*ولكن يوجد تلاميذ تضرروا من زيادة درجات آخرين؟
الزيادة لم تكن ضرراً للتلاميذ الآخرين، ولكنها أحدثت فوارق في الدرجات، ووقتها تجاوز الزمن نتيجة شهادة الأساس، ولم تكن هناك إمكانية لتعويض التلاميذ الآخرين مثلاً، ولم يتم طرح خيار إعادة الامتحانات وذلك لعدم وجود خلل ارتكبه التلاميذ وإذا فعلنا ذلك لأوقعنا عليهم عقوبة دون ذنب اقترفوه.
*هذه قراراتكم ومعالجاتكم، ماذا عن لجنة المجلس التشريعي؟
– نعم.. تلك كانت قراراتنا في الوزارة لمعالجة ما حدث ، أما توصيات المجلس التشريعي فتمثلت في عدم تكليف الوزيرة نعيمة الترابي بمنصب دستوري، وهذه التوصية تخص الوالي، أما التوصية الثانية فتلخصت في إعفاء المدير العام من منصبه وأيضاً هو يتم تعيينه من قبل الوالي الذي سلك وقتها ما يراه مناسباً من عقاب، والتوصية الثالثة للجنة المجلس التشريعي طالبت بمحاسبة مدير الامتحانات وقد تم ذلك من قبل الوزارة لعدم الأمانة.
*هل كان للوزيرة نعيمة ومدير عام وزارتها وقتها علاقة بما حدث؟
– لا.. لم يثبت لنا من خلال تقصي لجنتنا أن نعيمة الترابي أو مدير عام الوزارة طرف في هذه القضية، وبصفة عامة فإن الوزارة استفادت كثيراً من هذه الأخطاء في امتحانات 2015 التي لم تشهد تجاوزات نسبة للمعالجات التي اجترحناها.
*ألا تعتقدين أن عقوباتكم على مدير الامتحانات والمصححيين لم ترق إلى مستوى المخالفات؟
– العقوبات لم تكن ضعيفة كما يرى البعض، بل جاءت قاسية خاصة على مدير الامتحانات الذي عاد معلماً في مرحلة الأساس والعقوبة الأدبية كانت أشد إيلاماً عليه، والوزارة لم يكن من حقها فصله.
*لماذا تستَّرتِ وقتها على هذه القضية؟
– لم نتستر على ما حدث والدليل على ذلك أننا أوقعنا عقوبة على الذين ارتكبوا المخالفات، بالإضافة إلى ذلك فإن المجلس التشريعي هو من أثار القضية، ونحن نزلنا على رغبته وكونا لجنة تحقيق وأصدرنا قرارات وأوقعنا عقوبات، إذا تسترنا لما أولينا الأمر اهتماماً ولواصل مدير الامتحانات عمله وكذا المصححين، أدرنا ملفنا من ناحية تربوية بحتة وطبيعة هذه المشكلة لم تكن في معاملات تجارية أو مصرفية بل تربوية وكان يجب أن تعالج في هذا الإطار، وقد اتسم عملنا بالشفافية ولم نخفِ معلومة ، وكان هدفنا الأساسي ألا تؤثر هذه القضية على العملية التعليمية التي لا تنحصر في وزير أو مدير امتحانات.
*لماذا رفضتِ المثول أمام تشريعي الولاية؟
– هذا حديث عار تماماً من الصحة، لأن تشريعي الولاية لم يدفع لي باستدعاء، وإذا فعل لمثلت أمامه، وقد نفذنا كل ما يلينا في توصياته فيما يتعلق بمحاسبة مدير الامتحانات.
*إثارة هذا الملف أخيراً جاءت عقب فضيحة وفاجعة مدرسة أولاد يس، من أي زاوية يمكنك قراءته؟
– لا أعرف السبب الأساسي في إثارته بعد مرور ثلاثة أعوام، ولكن يمكن قراءة الأمر من زاويا مختلفة، فمن زاوية تربوية، فإن جهة ما تستهدف إنسان الجزيرة وتريد ضرب التعليم والتشكيك فيه، ولا أعتقد أن في هذا استهدافاً لي وللأخت نعيمة الترابي أو الواليين السابقين “دكتور محمد يوسف والدكتور الزبير بشير”، بل الهدف النيل من الأجيال القادمة للجزيرة، وسؤالك هذا له إجابات متعددة من زوايا أخرى، وأتمنى أن تعفيني من المواصلة في قراءته وتحليله.
*رسوب مدرسة أولاد يس تتحملين بوصفك وزيرة سابقة جزءاً من المسؤولية؟
– نعم نتحمل جزءاً من المسؤولية، بصفة عامة، فإن التعليم في ولاية الجزيرة لا تقع مسؤوليته كاملة على الوزير المختص بل تطال الوالي والمجالس التربوية والأسر، مدرسة أولاد يس في العام الدراسي 2014 ـ 2015 فإن من كانوا في الحلقة الثانية من مرحلة الأساس هم من امتحنوا أخيراً، وفي عهدنا كانت المتابعة من الوزارة دائمة على هذه المدرسة، وبعد وصول التلاميذ إلى الحلقة الثالثة التي تحتاج لمتابعة مختلفة ووسائل قياس وغيرها من مطلوبات فإن الوضع يبدو أنه قد اختلف، حيث لم تتوفر هذه المعطيات لأن المدرسة تعاني نقصاً في المعلمين والكتاب المدرسي، وبوصفي وزيرة سابقة أسأل أين تقييم الامتحانات الشهرية الخمسة التي سبقت امتحانات شهادة الأساس الأخيرة لهذه المدرسة، فإذا كانت خلاصة التقييم بأنه لم ينجح أحد في خمسة امتحانات تجريبية فكان يجب انتهاج أسلوب خاص معها ومنحها رعاية مكثفة، نعم في عهدنا كانت مشكلة المعلمين في هذه المدرسة موجودة، ولكن كان يتم التعاقد مع متعاونين .
*هل أزعجك اللغط الذي دار حول هذه القضية؟
– نحن في الوزارة نفذنا ما يلينا من قرارات المجلس وعملنا بتوصيات لجنتنا الإدارية وصولاً بها تجاه العملية التعليمية ومجلس الامتحانات خاصة ما صاحب نتيجة 2014 من لغط هنا وهناك لم يكن مزعجاً بالنسبة لي لأني ومن سبقتني على هذة الوزارة معنية بتنفيذ إستراتيجية دولة وليس هوى نفس حتى تكون هناك ملفات سرية توصف بالفضيحة، ولو كانت كذلك لحرقتها أو حملتها حين ذهبت. بل تركتها لتظل أرشيفاً في أضابير الدولة.
*ما تودين قوله أخيراً…؟
– أنتهز هذة السانحة لأشكر فيها صحيفة الصيحة وأشكر ابنتي التلميذة عالية عكود التي أدارت الأزمة بحكمة وبصيرة نافذة وعبارة مختصرة إذ أثبتت لي الاجتهاد وبرأتني من الذي لا يد فية إذ قالت لأسرتها (الوزيرة عرفة جاءت بعد إعلان النتيجة بفترة وأما كان لنا شكرها بدلاً من أن نحملها عبء الحل، فأنا عفوت عن حقي) فهي بهذا تؤسس لمنهج التسامح والعفو الذي أقرته الشريعة والذي لنا أن نكون رعاية واهتدينا برضاء والديها وأسرة د. هشام له التحية أيضاً وتم طي الملف دون الرجوع لأوارق الأسئلة.
الصيحة