* لا أعرف هل سيلتزم مرشح الرئاسة الأسبق حاتم السر بالقسم الذي أداه عقب اختياره وزيراً في حكومة الوفاق الوطني؟ وهل تراجع عن تصريحاته السابقة التي تتهم النظام بالقهر والظلم والشمولية وكبت الحريات، أم أن النظام أصبح غراما في عينيه؟ ولا أعرف لماذا تم ترشيحه تحديدا لوزارة التجارة؟ وهنا يمكنني أن أعبر عن مخاوف كثيرة بأن حاتم مولع بالجارة مصر، وظل يدافع عنها بضراوة، ويتهم السودان بزعزعة استقرارها! وخطورة الرجل في هذا الموقع، تنبع من حظر سلع مصرية لمضارها الصحية، فهل سعادة الوزير سيلتزم بقرار الحكومة، أم أن لديه رأي أخر، يراعي المصالح الخارجية، كما أشار في أول تصريح له .
* المدهش أن الحكومة وافقت عليه بعلاته _أعني حاتم_ مثل ما أنه وافق عليها بعلاتها، ومع ذلك لا يزال يحمل صفة المعارض الذي يضمر الكراهية (للكيزان) دون أن يشعر بالحرج كونه يقاسمهم الطعام والشراب والنثريات الدولارية، ولا يبدو أن الدولة مشغوله بالتمحيص في سيرة المرشحين للوزارة، وما يبدر منهم من تصريحات سالبة ومستفزة.!!
* من هنا، لم يكن محيراً ذلك الاحتشاد المزلزل قبل أشهر بخصوص أزمة حلايب، وهو احتشاد ينكفئ على المقدمات، دون تدارك النتائج .. حاتم السر وزير التجاري المتوج، كان قد خرج بعد حديث الرئيس البشير حول سودانية حلايب، خرج حاتم وقتها بتصريحات تتهم من يسميهم بنافذين فى الحكومة السودانية وقيادات من حزب المؤتمر الشعبى بالوقوف خلف حملة التصعيد ضد مصر وفتح ملف حلايب، وأرجع مطالب الخرطوم المشروعة لعدم ارتياح الإسلاميين في السودان للثورة المصرية وافرازاتها، وهنا يعني صعود السيسي في ثلاثين يونيو وليس ثورة يناير، فيا للعجب !!
* يدق الرجل على طبل الصراع الأيديولجي، دون أن يضع مجمل النقاط على كل الحروف، لائذاً من دلالة التوقيت بعبارة (إنه أمر محير)، لكن حاتم الذي يعيش في مصر منذ سنوات، ويدافع عنها حتى ضد وطنه، لا يحبذ لوم القاهرة على التصعيد المقابل، أو أن يتسلل إلى ظنونه، أن مصر تحشد اعلامها للإساءة للسودان وحضارته، وهو بذلك يشبه سلفه صلاح محمد الحسن الذي اعترض على قرار حظر المنتجات المصرية، وكادت تفضحه همهماته في برنامج تلفزيوني شهير .
* الصحف المصرية من جانبها احتفت بتصريحات حاتم التي قلل فيها من أهمية قضية حلايب، واستهزأ بالذين ينادون بعودتها إلى حضن الوطن، احتفت به لدرجة كادت تسبق عليه العديد من الألقاب البطولية .. وكان سعيداً بذلك، مثل سعادته اليوم بمنصب وزير التجارة، الذي لا يستحق أن يتولاه حتى يعترف بسودانية حلايب .
* الراجح في ذلك أن حاتم السر وغيره يبيعون بضاعتهم للنظام المصري، بسعر الأمس، أو هى بضاعة الحزب في مصدر وجوده، مقابل النيل من النظام السوداني الذي يعارضه حاتم، ويشاركه في الوقت نفسه، بجانب أن بعض الإتحاديين ما انفكوا يحملون على ظهروهم صليب حلم قديم ينشد الوحدة، رغم أن تلك الوحدة انقطع طاريها منذ أيام الملك فاروق، ونمت فوقها أدغال كثيفة، وإلا ما الذي منع مولانا محمد عثمان الميرغني طوال هذه السنوات من اطلاق تصريح صغير يقول فيه أن حلايب سودانية، مجرد تصريح فقط لا أكثر، وما الذي يمنع حاتم أن يقول بسودانية حلايب؟! لكنه لن يفعل ذلك، لأنه يعلم أن مولانا هو الذي فرضه وزيراً للتجارة.
عزمي عبد الرازق