جاء قبل الحادية عشرة صباحاً إلى مجلس الولايات بأم درمان ليؤدي القسم أمام رئيس المجلس د.عمر سليمان باعتباره أحد الأعضاء الجدد الذين انضموا للمجلس في حكومة الوفاق الوطني، وبعد بضع دقائق فوجئ بسحبه خارج القاعة لأنه لم يجد مقعداً مخصصاً باسمه، إنه النائب عن حركة اللجان الثورية محمد يوسف محمد.. فـ(كرسي مكتوب عليه اسمك) من أهم الدلائل التي تثبت أنك عضو بمجلس الولايات الذي غاب عن أداء القسم به أمس (5) نواب من (18) تم تعيينهم حديثاً نسبة لوجود واحد خارج البلاد و(4) بالولايات لم يتمكنوا من الحضور.
كيف حدث؟
بمجلس الولايات أمس تم سحب محمد يوسف محمد عضو اللجان الثورية من القاعة لأن اسمه غير موجود في المرسوم الجمهوري.. الرجل غضب ولم يفلح بعض أعضاء المراسم بالمجلس في إطفاء نيران غضبه.. وتم الاتصال بالأمين العام للمجلس د.محمد يعقوب الذي خرج أثناء الجلسة ليوضح له الأمر. د.محمد يعقوب الموصوف بحكيم المجلس لتعامله الحكيم مع ملفات معقدة أمسك بيد الرجل وأخذه إلى صالون الضيافة، وقال له: “اسمك لم يرد في المراسيم الجمهورية كنائب بالمجلس”. وأجرى الأمين العام اتصالات برئاسة الجمهورية لمزيد من التأكيد.
إلا أن يوسف لم يقتنع وأكد أنه سمع اسمه في المؤتمر الصحفي لإعلان تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وقال إن القائمة التي تضم نواب مجلس الولايات الجدد والمتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت اسمه الذي يحمل الرقم (9).. وقال د.محمد يعقوب الأمين العام لمجلس الولايات لـ(السوداني) إن المذكور لم يرد اسمه في المرسوم الجمهوري. وبحسب المرسوم فإن صاحب الرقم (9) هو النائب محمد موسى، وأضاف: “طلبت منه أن يراجع اسم الجهة التي رشحته”، مؤكداً أن ليس للرجل مستند غير الواتساب، وأشار إلى أن المجلس ليس له دخل في هذا الخطأ.
بغض النظر عن حديث الأمين العام للمجلس، إلا أن (السوداني) طالعت اسم الرجل رقم (9) ضمن قائمة المعينين بمجلس الولايات في وكالة الأنباء الرسمية (سونا) أمس في تمام العاشرة إلا ربع مساء، بالإضافة إلى مطابقة حديث النائب المُبعد عن أداء القسم مع ما ورد من قوائم بوسائل التواصل الاجتماعي ووجدت(السوداني) اسم محمد يوسف محمد بالرقم (9) أيضاً..
فيما أورد المرسوم الجمهوري الذي تلاه وزير رئاسة الجمهورية فضل عبد الله فضل، وطالعته (السوداني) على اليوتيوب باسم محمد موسى محمد بالرقم (9).
قائمة معتمدة
في بداية الجلسة تم توزيع استمارات للنواب الجدد لملأها وتم توزيع أقلام لهم، مازحهم رئيس المجلس قائلاً: “بعد تملوا الاستمارة ممكن تشيلوا القلم”، وهنا ضحك النواب. بعدها تم إخراج النائب وحدثت (ربكة). الأمين العام للمجلس قال لـ(السوداني) إنه “لم يتم إجراء اتصالات مباشرة مع النواب الجدد وتم الإعلان في الإذاعة والتلفزيون بأن عليهم الحضور إلى المجلس يوم أمس الاثنين، ولم نكن نتوقع أن يأتي شخص خلاف القائمة المعتمدة لدينا من رئاسة الجمهورية”.
وأشار إلى أن المرسوم الجمهوري وصل اليهم يوم السبت، وعملياً أول جلسة رسمية يوم الاثنين. وتوقعت مصادر أن يكون بالفعل تم ترشيح عضو اللجان الثورية محمد يوسف إلى مجلس الولايات، إلا أن حزبه أخذ نصيبه في المجلس الوطني وبالتالي اكتمل تمثيلهم.. لكن محمد يوسف خرج من المجلس وهو غير مقتنع بالحديث الذي قاله الأمين العام له. وقال رئيس اللجان الثورية محمود عابدين، في تصريح مقتضب لـ(السوداني): “نحن لا نبحث عن السلطة ولا المهاترات.. ويأتي من يأتي ويذهب من يذهب”.
أحداث مماثلة:
الحادثة أعادت للأذهان بواكير الإنقاذ حينما تم استدعاء المحافظين الذين تم تعيينهم لأداء القسم، وكان من ضمنهم أحد أبناء القبائل المعروفة، وأثناء مرور المحافظين، تم سحب ذلك الرجل ليستفسره الزبير محمد صالح (ما الذي أتى بك وأنت تعلم أنك لست مع المحافظين ولست المقصود؟) فأجاب الرجل بسرعة: (أعلم ذلك ولكن أهل القبيلة حينما سمعوا الاسم المطابق لاسمي فرحوا وقالوا إن الإنقاذ عزَّتنا).. فما كان من النائب الأول آنذاك الا وقال له: (أدِّ القسم)..
غضب مستمر:
ما يزال الرأي العام مشغولاً بقضية وزير العدل أبوبكر حمد الذي تم سحبه قبل دقائق من أداء القسم كوزير اتحادي في أول تشكيل حكومي لما بعد الحوار الوطني، وها هي الوزارة تقف مترقّبة لوزيرها الذي حامت حوله الشكوك عما إذا كان سيظل في قمة هرمها؟ أم سيتم تعيين وزير آخر خاصة أن أبوبكر حتى هذه اللحظة ما يزال وزيراً على الورق.. وبالرجوع قليلاً إلى الوراء وتحديداً في العام 2010م تم تعيين عزة عمر وزيرة للاتصالات، وتم إعفاؤها بعد أشهر قليلة من توليها المنصب، وكان الحديث الدائر وقتها أنها (جات غلط) وأنها ليست المقصودة.
تقرير: وجدان طلحة
السوداني