نتوقع بداية ساخنة لرمضان.. ودرجات حرارة أعلى من (40) درجة
لا.. أمطار مؤثرة خلال الشهر الكريم.. والموسم سيبدأ من يوليو
التغيرات المناخية قد تؤدي لنضوب كثير من مصادر المياه
لا نملك (رادار) ولا نستخدم أجهزة متخلقة
حوار – نجدة بشارة
يعتبر معرفة احوال المناخ من الأمور التي تهم حياة الناس ويبنون على اثره كثير من خططهم القادمة، ومعاملاتهم وحركتهم وعملهم، (المجهر) التقت مدير قسم التوقعات بالهيئة العامة للأرصاد الجوية بروف “محمد أحمد صباح الخير”وكشف عن كثير التنبؤات التي توصلت لها الهيئة وخاصة خلال شهر رمضان القادم.
وتوقع مدير قسم التوقعات طقساً حاراً إلى حار جداً في معظم أنحاء البلاد منذ منتصف هذا الشهر وحتى آخر الشهر، وعليه فإن بداية شهر رمضان ستكون ساخنة ومتوقع درجات حرارة أعلى من (40) درجة وكشف عن بداية موسم الأمطار ببداية شهر يوليو القادم وحتى شهر سبتمبر، فيما قطع بعدم هطول أمطار بمعدلات مؤثرة خلال شهر رمضان عدا بعض الأمطار القليلة المتفرقة الأجزاء.
{ توقعاتكم بالنسبة لموسم الخريف القادم..؟
– أعتقد أن هنالك مجموعة عوامل نراقبها ويتم من خلالها تحديد نسبة الأمطار للموسم بمنطقة القرن الأفريقي عامة والسودان بصفة خاصة، هذه التأثيرات التي ترصد قد تبدو ظاهرياً كسلب أو إيجاب وتسمى العوامل (المحركة للأمطار) والمسطحات المائية الكبيرة كالمحيط الهادي، الهندي، الأطلسي، هي من أهم المحركات التي تقاس بها كمية الأمطار المتوقعة للموسم.
{ وكيف يتم تحديد كمية الأمطار للموسم قياساً على هذه المسطحات..؟
– بقياس حرارة سطح المحيط بين أدنى أو أعلى من المتوسط، وبناءً على ذلك تحدد كمية الأمطار فمثلاً المحيط الهادي الاستوائي عندما تكون درجة حرارته أعلى من المتوسط وتسمى ظاهرة (النينو) فهذا يشير إلى قلة (أو نثر) الأمطار بالسودان، أما إذا كانت درجة حرارته أدنى من المتوسط فذلك يشير إلى توقع أمطار كثيفة للموسم، أما المحيط الهندي فيتم رصد درجة حرارة المحيط بتقسيمها إلى وجهتين (الوجه الموجب) وهو يعني أن شرق المحيط الهندي ساخن فوق المعدل والغرب بارد فوق المعدل، هذا الوجه داعم لزيادة كمية الأمطار والعكس في (الوجه السالب) يدل على شح الأمطار.
كذلك بالمحيط الأطلسي الوجه الموجب حيث يكون شمال المحيط ساخناً والجنوبي بارداً يدل على ارتفاع كمية الأمطار للموسم والعكس بالنسبة للوجه السالب. وهناك وجه ثالث يمثل مستوى التعادل، وتكون الأمطار به معتدلة.
{ إذن من خلال قراءتك لهذه التأثيرات ورصدكم ما هو توقعكم لهذا الموسم..؟
-بالنسبة لتوقع هذا الموسم لم يجز التقرير الموسمي الذي أتوقع أن يصدر منتصف هذا الشهر بالقرن الأفريقي وسيصدر بالسودان في السابع عشر من هذا الشهر، ولكن بالنسبة لوضع المسطحات المائية بالنسبة لنا عموماً درجة حرارة سطح المحيطات منذ شهر يناير في بداية العام حتى أبريل كانت درجة الحرارة بسطح المحيط الهادي في حدود الوسط إلى أعلى قليلاً وشرق المحيط أعلى من المتوسط، ومعامل الحرارة بالنسبة للمحيط الهندي في وضع التعادل وأتوقع أن يرتفع لأعلى من الوسط نهاية الموسم.
{ حسب قراءتك السابقة هذا يدل على شح الأمطار بالموسم القادم..؟
– لن أقول الآن لأننا حتى الآن لم نجز التقرير النهائي الموسمي بصفة رسمية.
{ ولكنها تظل توقعات..؟
– بالطبع لكن في البداية لا بد أن يعرض التقرير على متخذي القرار والسياسات لمجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية قبل أن يجاز ومن ثم سيعلن عنه رسمياً يوم (17) مايو ثم بعد ذلك سيتم تحديث التقرير شهرياً.
{ من خلال حديثك أشرت أنه حسب متابعتكم ورصدكم أن درجة حرارة المحيط الهادي منذ يناير بداية هذا العام متوسط إلى أعلى من المتوسط وهذا المؤشر على أن الموسم سيكون شحيح الأمطار.
– إذا كان لدينا سيارة وقامت مجموعتان بدفرها من الأمام وأخرى من الخلف فأين ستتجه بالتأكيد ستذهب ناحية الدفع الأقوى.
وهذا ما يحدث بالنسبة للعوامل المناخية الأقوى تأثيراً تقود دفة التوقعات وتفرض الحالة المناخية.. وقد تسفر خلال فترة قصيرة لذلك حتى الآن الشكل النهائي للموسم غير واضح ولكن رغم ذلك فالإشارة تبدأ من منتصف مايو أكثر وضوحاً كما أنه لا بد أن نقيم الوضع المبدئي منتصف مايو.
وأنا أفضل نقل جبل من مكانه بدلاً من تقديم تقرير لثلاثة أيام بالتوقعات المناخية وأعتقد بأنه ليس هنالك درجة تكهن للطقس تفوق (60%) توقعاً.
{ في توقعاتكم متى سيبدأ هطول الأمطار هذا الموسم..؟
– تقريباً ستبدأ بداية شهر يوليو وحتى شهر سبتمبر.
{ هذا يعني أن شهر يونيو الذي يوافق رمضان سيكون جافاً بلا أمطار..؟
– قد تكون هنالك أمطار قليلة متفاوتة وغير مؤثرة ولكنها فعلياً ستبدأ بداية شهر يوليو.
{ توقعات درجات الحرارة في بداية رمضان..؟
– معظم أنحاء البلاد سيكون الطقس ساخناً وحاراً إلى حار جداً، وتوقع درجات الحرارة أعلى من (40) درجة في مناطق الوسط والشرق فيما نتوقع انخفاضاً طفيفاً في غرب البلاد.
{ هنالك اتهام للأرصاد تفشل توقعاتكم.؟
– نحن نسعى لإرضاء الناس، ونتحمل فوق طاقتنا لأننا كهيئة أرصاد نعمل في السودان بإمكانياته وقدراته المحدودة، أعتقد أننا عملنا الواجب.
{ ولكن هنالك من يقول بأنكم تستخدمون أجهزة تقليدية..؟
– هنالك من يقول إننا نستخدم أجهزة متخلفة حقيقة نحن حتى الآن لا نملك رادار ولدينا فقط (26) محطة رصد، رغم أن أمريكا تملك (2,600) محطة وما لا يقل عن (60) قمراً صناعياً وألف رادار.
الهيئة رفضت أن تبيع لنا الرادار لأنه يدخل في صناعته قطع غيار أمريكية وهي ترعى مصالحها، ورغم ذلك ومن يقول أننا نستخدم أجهزة متخلفة فإن معلوماته غير دقيقة، فنحن نستخدم الأجهزة الحديثة للرصد الآلي منذ العام 2012م، حتى الآن ودخلنا الآن في (3) مشاريع لتأهيل محطات وتوفير أجهزة رصد متقدمة، كما أننا حصلنا على الآيزو ونحتفظ به منذ ثلاث سنوات رغم أن دولاً أخرى كمصر سقط عنها الآيزو.
{ في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن التغيرات المناخية وظهور تداخل في الفصول وتقلبات..؟
– السبب المباشر لهذا التغير ناتج من إفراط البشر في استخدام الوقود (الحفري) الفحم، البترول الذي يقود حرقه إلى إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يؤدي بدوره إلى ظاهرة (الاحتباس الحراري).
هذه الظاهرة أحدثت تغيراً في العمليات الحيوية (المناخ) كتمدد سطح المحيطات زيادة نسبة الملوحة في المياه الجوفية تغير أنماط وسلوك الأمطار، وكما تعلمنا في السابق أن مناخ البحر الأبيض المتوسط حار جاف صيفاً دافئ ممطر شتاءً.. حالياً تغيرت حالة المناخ بالبحر الأحمر نسبة للتغيرات المناخية إلى حديثة مثال آخر في أفريقيا قمة جبل كلمنجارو و(جليدي) ومعروف منذ القدم وبالتالي تشكلت البيئة المحيطة بالمنطقة في تضاريسها.
الآن بدأ الجبل في الذوبان نتيجة للتغير المناخي وهذا بالتأكيد سيؤثر سلباً على مناطق البيئة المحيطة بالمنطقة، أيضاً بحيرة تشاد معلم ثابت من خلال الأربعين سنة الأخيرة، انحسرت لأقل من النصف ويتوقع اختفاء البحيرة خلال (40) سنة القادمة وذلك بالتأكيد سيؤدي إلى تغير مناخ المنطقة.
{ في اعتقادك ما هي التأثيرات التي ظهرت نتيجة للتغير المناخي في السودان..؟
– أعتقد أن درجات الحرارة أصبحت في ازدياد بالإضافة إلى ملاحظة انخفاض معدلات الأمطار، وهذا أدى بدوره إلى اختفاء أنواع من النباتات كانت سائدة.
{ مثل ماذا..؟
– مثل نبات (البتر) كان منتشراً بمنطقة الوسط في فصل الخريف حالياً أصبح نموه أقل.
{ هل تتوقع أن تؤثر تغيرات ارتفاع الحرارة على إنتاج القمح بالبلاد..؟
– ربما استمرار ارتفاع الحرارة بفعل التغيرات المناخية قد يؤدي إلى تقليل الإنتاجية، ولكن كنت بداية الموسم السابق أحد أعضاء اللجنة العليا المكلفة للإعداد للموسم الشتوي وكان دوري مختصراً على تقديم التقارير المناخية للموسم، وأرى أن هذه اللجنة في كل عام وبناءً على التقرير الموسمي تقدم أصنافاً حديثة لحزم تقنية تتواءم مع الموسم، فهناك أصناف طورت لزراعتها في الشتاء البارد وأخرى تستخدم كتقاوي للشتاء الدافئ، يعني مواءمة الأوضاع المختلفة، لذلك الاستعدادات التي تجري من قبل البحوث تعمل على زيادة الإنتاجية في مختلف الحالات المناخية، توطين زراعة القمح فقط يتطلب الالتزام بالحزم التقنية بالإضافة لعمليات الزراعة.
{ هل يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية على تقليل موارد المياه مستقبلاً..؟
– طبعاً ستؤثر على مصادر المياه الجوفية والسطحية.
{ كم من السنوات يمكن أن تظهر هذه التغيرات..؟
– حالياً بدأت تظهر نضوب كثير من الموارد الجوفية وحدث خلل في توزيع الأمطار فمثلاً كان المناخ السائد هطول الأمطار بكميات أكبر باتجاه الجنوب وتقل كلما اتجهنا شمالاً، حالياً أصبحت معدلات الأمطار في ازدياد كلما اتجهنا شمالاً وهذا خارق للمألوف.. وتغير في سلوك الأمطار.
{ ما هي الحلول الممكنة للتغلب على هذه التغيرات..؟
– بعملية التكيف وتطبيق حزم تقنية لإنتاج أصناف توائم التغير، ووقف الزحف الصحراوي، لأن هنالك فرقاً بين التقلبات المناخية وبين التغيرات، فالتقلبات تعني بالطقس ذي البرد الشديد والأمطار الشديدة بارتفاع درجات الحرارة من فترة لأخرى.
أما التغيرات فهي حدث يظل في استمرار إذا ارتفعت درجات الحرارة يظل الارتفاع وإذا حدث جفاف يظل الجفاف. وتوقع “صباح الخير” أن تؤدي التغيرات المناخية إلى نضوب بعض مصادر المياه، وأشار إلى أن التغيرات أحدثت خللاً في توزيع الأمطار بالبلاد وتحول سلوك الأمطار شمالاً حيث تكثر معدلات الأمطار شمالاً بدلاً من ما كان سائداً جنوباً. وأشار إلى صعوبة التكهن بالتغير المناخي لأكثر من (60%)، وقال استسهل نقل جبل من مكانه عن تقديم تقرير مناخي لثلاثة أيام، وأرجع ذلك إلى التقلبات التي تحدث بصورة دورية.
المجهر السياسي