طالعت يوم صدور الحكم، نص قرار دائرة المراجعة بالمحكمة الإدارية العليا حول الطعن المقدم من محامي السيد “صلاح إدريس” ضد السيد “أشرف سيد أحمد الكاردينال” حول أهلية ترشحه لرئاسة نادي الهلال، وقد نشرت (المجهر) النص الكامل لحكم المحكمة، وهي آخر درجة في التقاضي المدني .
{ولست هنا بصدد الخوض في تفاصيل القرار، لكني كنت حريصاً منذ ذلك اليوم على أهمية التنويه والإشارة للمستوى المهني الرفيع الذي يتمتع به أعضاء هذه الدائرة العليا برئاسة مولانا “سوسن شندي”.
{لقد كانت بحق مرافعات رصينة وراقية بين الطرفين المختلفين على القرار (4 قضاة أيدوا الطعن بعدم أهلية الكاردينال، بينما القاضي الخامس رفض القرار بحيثيات مطولة).
{القاضي “أحمد البشير الهادي” هو الذي صاغ حيثيات الحكم وأيده ثلاثة قضاة بمن فيهم رئيس الدائرة، واستند بصورة أساسية على أن قانون هيئات الشباب والرياضة لم يحدد مدة زمنية لسقوط الإدانة، بينما محكمتا الاستئناف والعليا، رفضتا الطعن ضد “الكاردينال” بالاعتماد على قانون الإجراءات الجنائية باعتباره حاكماً لجميع القوانين وهذا القانون يسقط الإدانة في جرائم الشرف والأمانة بعد (7) سنوات من صدور الحكم، لكن مولانا “أحمد البشير” يرى ما رآه زملاؤه أن القضية إدارية مدنية وليست جنائية ليحكمها قانون الإجراءات الجنائية.
{غير أن مولانا “أحمد عبد المطلب” الوحيد الذي خالف زملاءه قدم مرافعة راقية استخدم فيها كل عضلاته (القانونية واللغوية) في دحض الفكرة الأولى، ورغم استفاضته بلغة رفيعة في دعم رأيه القانوني، إلا أن مركزية ووجاهة منطقه – بالنسبة لي كقارئ – تتركز في نقطة واحدة مهمة، هي أن دائرة المراجعة معنية تحديداً بالإجابة على سؤال: (هل الحكم الصادر من العليا مخالف للشريعة الإسلامية أم لا؟). وطبعاً هو قرر أن الحكم غير مخالف للشريعة وأن الله تعالى لم يوصد باب التوبة حتى تقوم الساعة، بينما قرر الفريق الأول أن مخالفة القوانين تعتبر في رأي بعض الفقهاء مخالفة للشريعة .
{المهم أن القرار صدر بالأغلبية، كما جرت العادة في مثل هذه الدوائر القضائية العليا، ولا بد أن أسجل هنا إعجابي واحترامي لهذه الكفاءات القانونية التي يحق لكل سوداني أن يفاخر بها، وقبل ذلك أن يطمئن إلى أن العدالة في بلادنا بخير .
{وإن كان لدي ملاحظة .. فأرجو أن ينتبه سادتنا القضاة وعلى رأسهم مولانا العالم البروفيسور “حيدر أحمد دفع الله” رئيس القضاء، أن بعض هذه الأحكام تصدر في وقت متأخر جداً، بعد أن يصبح الطرف المطعون فيه، واقعاً حقيقياً يتعذر القبول بتغييره بغتة، لطول الفترة وما جرى خلالها من متغيرات كبيرة وخسائر مالية بملايين الدولارات، كما هو المشهد في حالة رئاسة “الكاردينال” لنادي “الهلال” .. فلو أن نتائج الطعون تظهر خلال شهرين إلى ستة أشهر في كافة مراحل الطعون، لجاء الحكم أقل صدمة وضرراً نفسياً ومادياً على المطعون ضده من أن يصدر بعد أكثر من عامين من تسلمه رئاسة النادي وإنفاقه الكثير جداً من ماله الخاص عليه .
{وإذا كان في القضائية كفاءات كثيرة بمستوى مولانا “أحمد عبد المطلب” و”أحمد البشير” وغيرهم، فلم يبحث (المؤتمر الوطني) عن وزير عدل من لجان الحوار الوطني، جاء من “قطر” أو من “أمريكا” ؟!
{في رأيي .. أن وزير العدل يفترض أن يتم اختياره من أحد قضاة المحكمة العليا، خاصة بعد فصل النائب العام عن وزارة العدل، وتعيين النائب العام مولانا «عمر أحمد» من بين مستشاري الديوان .
{الخبرات والكفاءات عندكم هنا تكوسوا ليها في لجان الحوار وجلسات قاعة الصداقة؟
{وبعدين هل كل من عمل في رئاسات لجان الحوار بالضرورة أن يكون وزيراً؟ مكافآت يعني؟!
الهندي عزالدين
المجهر