الركابي.. بسم الله نبدأ..!

لم يكن متوقعاً أن يصر المؤتمر الوطني على وزراء كان أداءهم متواضعاً.. والأهم من ضعف أداءهم.. ضعف إحساسهم بحال البلاد.. وعدم اكتراثهم الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون. وإن كان بدر الدين محمود أحد الأمثلة على هذا النوع من الوزراء، فإن معتز موسى وزير الموارد المائية والكهرباء هو مثال صارخ على تشبث الحزب الحاكم بوزراء يقضون الحاجات لأعضاء الوطني على حساب حاجة المواطن.

لذلك كان صادماً الإبقاء على وزراء لم يكن عليهم إجماع حتى داخل اجتماعات المكتب القيادي، وإن كان بدر الدين قد ترك القرار للحزب، بعدما أعلن في نوفمبر أنه لن يكون وزيراً بعد إجازة الميزانية، فإن أداء معتز موسى لم يكن أفضل من أداء بدر الدين وذلك حسب نتائج برنامج إصلاح أجهزة الدولة الذي يشرف عليه رئيس الوزراء شخصياً، وبغض النظر عن صحة وملاءمة المعايير التي وضعها الحزب الحاكم لتقييم أداء الوزراء، فإن معتز لم يحقق نتائج أفضل من بدر الدين، مثلهم مثل الكاروري الذي تحدى بنتاج شركة سيرين الروسية و كادت روحه تزهق، بقسمه الذي قرنه بأنه يستحق الإعدام لو كان تصريحه غير صحيح لأنه لا يستطيع أن يكذب على الرئيس.

تم تكليف الوزراء وكان متوقعاً أن يتم توجيههم لملء إقرار الذمة قبل أداء القسم، الحكومة فيها ٣١ وزير و٤٣ وزير دولة، ومساعدين ونواب للرئيس، تبدأ بمخالفة الدستور وعدم الالتزام بالقانون، المادة التي تم الاستناد عليها معكوسة، كان على رئيس الوزراء تشكيل الحكومة ومشاورة الرئيس عليها، حدث العكس الحكومة كونها الرئيس وشاور رئيس الوزراء عليها. وهو إجراء غير دستوري، الأعلى لا يشاور الأدنى إلا أن كان مستشاراً بنص الدستور و ملزماً به.
وزير المالية الجديد الفريق الركابي ترأس إدارة صندوق دعم السلع الاستهلاكية، هذا الصندوق وزع كميات من زيت الطعام، وبعد الاشتباه في عدم صلاحيته، تم اخضاعه للفحص في معامل الهيئة السودانية للمواصفات، وقد أكدت النتائج المعملية التي قامت بها الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، على عينة من زيت “…….” الذي وزعه الركابي على أفراد الجيش، أكدت أنه غير مطابق للمواصفة السودانية القياسية بالرقم 1569/2009، وانه غير صالح للاستخدام الآدمي.

الركابي عمم إشارة لكل الوحدات، تعهّد فيها بسحب الزيت الفاسد واستبداله بزيت آخر صالح للاستخدام. وقال الركابي في الإشارة العاجلة الصادرة منه الى “كل الوحدات والإدارات والفرق” (لقد وردت إلينا بعض الملاحظات الهامة حول سلعة الزيت التي تم توزيعها في مشروع السلع الاستهلاكية الثاني.. وذكرت الملاحظات وجود رائحة أشبه برائحة السمك.. ونؤكد على استعدادنا التام لاستلام واستبدال أي كمية بها هذه الملاحظة.. ونشكر كل الذين اشاروا لهذه الملاحظة، ونؤكد على الدور التكاملي بين صندوق دعم السلع الاستهلاكية، والوحدات في إحكام الرقابة على الجودة، الزيت تم توزيعه على منسوبي الجيش، في اطار مشروع الدعم السلعي لأفراد الجيش وقتها.
الفريق الركابي عمم إشارة على الوحدات والإدارات العسكرية مفادها أن الزيت به رائحة سمك، وإن ما ورد إليه ملاحظات، ولم تفصح الإشارة أن المواصفات ذكرت أنه غير مطابق للمواصفات، وغير صالح للاستهلاك الآدمي.

أعتقد أن الفريق الركابي وزير المالية كان عليه أن يجري تحقيقاً في موضوع الزيت، وأن يحاسب الجهات التي استوردته بما يضع حداً لهذا السلوك الخطر، هذه مناسبة نقول فيها أن بعض الأجهزة السيادية تستورد مباشرة سلع استهلاكية وأدوية بكميات كبيرة غير خاضعة للإجراءات الرسمية، وهي تجد طريقها للسوق، وتوزع عشوائياً، مما يزيد من خطورتها.
الركابي وهو يطلع بمسؤولية المال العام مطالب بالكشف عن هذه المعلومات للرأي العام إبراءاً لذمته، ورفعاً للحرج، ونشيد بسلوك المسؤول الذي يصحح الخطأ عند اكتشافه.

الركابي وقد أصبح مسؤول عن المال العام ما كان أن يأتي وزيراً في حصة الوطني، إدارة المال العام تقتضي قدراً من الشفافية يلزم الابتعاد عن الحزب الحاكم، وربما وجد الركابي أن الأفضل له والمنصب أن يعلن براءته من عضوية المؤتمر الوطني.
غريب أمر هذه الحكومة، بها قيادات كبيرة من القوات المسلحة والشرطة لتمثيل المؤتمر الوطني في حصته، بينما الدستور يحظر على القوات النظامية الانتماء للأحزاب، هذه فرصة للفريق بكري رئيس الوزراء القومي وهذا إسم منصبه وفقاً للدستور، أن يمتثل للدستور بإعلان استقالته من حزب المؤتمر الوطني.

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة

Exit mobile version