في “برلين” عام 2014م، كنت مبهوراً وحزيناً في ذات الوقت وأنا أزور حديقة الحيوان (Zoo Berlin)، بصحبة حرمنا وكريمتنا الأميرة “رتاج” التي وثقنا لرحلتها الملكية صوراً لن تجدها في الخرطوم وخلفها يمرح “الزراف”، وتقدل “الأفيال”.. وتحوم وراءها “النمور” و”القرود” و”الغزلان” بالإضافة إلى السيدة “القرنتية” التي ظهرت قبل عدة سنوات على ضفاف النيل بأم درمان.. ثم اختفت في ظروف غامضة، غير أنها موجودة في عاصمة الألمان!!
{ حديقة الحيوان في “برلين” تمتد على مساحة تزيد عن (500) فدان، وصممت بحيث يجد كل حيوان بيئة مناسبة أو مقاربة لحياته الأولى في الغابات الاستوائية وأدغال جنوب شرق آسيا، وشواطئ الأنهار وسواحل المحيطات والبحار.
{ في الخرطوم.. حيث أنشأ السادة (الإنجليز) حديقة رائعة للحيوان قبل أكثر من (مائة عام).. وكنا نزورها بانتظام في طفولتنا وأيام صبانا، لم يعد فيها- الآن- حديقة تشمخ فيها “الأفيال” بخراطيمها العجيبة، وتزأر داخلها “الأسود”، ويصول على أرضها “وحيد القرن”!!
{ في السودان الذي يحتضن في ولاية “سنار” المحمية الطبيعية الوحيدة في العالم شمال خط الاستواء “محمية الدندر”، أزالت الحكومة حديقة الحيوان الوحيدة، بزعم نقلها إلى منطقة “جبل الأولياء”، بينما حديقة الحيوان في “برلين” قريبة من وسط المدينة، وجوار محطة المترو، وقبالة أكبر محطات السكة الحديد!!
{ وبنى “القذافي” عبر شركة إيطالية فندق “برج الفاتح” في موقع حديقتنا القديمة، ولا عزاء لنا.. ولا عزاء للإنجليز!!
{ ليس هذا فحسب، بل إن الأدهى والأمرّ أن السيد والي سنار “الضو الماحي” وقف قبل عدة أيام في ملتقى سياحي ضم عدداً من الولاة بالخرطوم، ليكشف للناس وسط عجبهم ودهشتهم، أنه لم يتمكن منذ تسلمه مقاليد الحكم في الولاية قبل أكثر من عامين، لم يتمكن سيادته من زيارة “محمية الدندر” الواقعة في حدود حكمه وسلطانه، وقبلها يكشف أحد ضباط الحياة البرية- حسبما حدثني الخبير السياحي المخضرم الأستاذ “عثمان إبراهيم البيه”- أن الكثير من الحيوانات البرية في محمية الدندر (شردت) إلى داخل الأراضي الإثيوبية!!
{ شنو قصة أخوانا (الأحباش) معانا؟ سد النهضة وقالوا من مصلحة السودان.. قلنا كويس نشوف.. وأكثر من (600) مشروع استثماري في السودان انتقل إلى إثيوبيا في العام 2015 م بسبب بيروقراطيتنا وفسادنا، طيب.. خليناها المصانع والمطاعم والشركات، حتى الحيوانات شردت هناك؟!!
{ أليست فضيحة يا عباد الله.. أن ينشئ لنا “الإنجليز” قبل (100) عام حديقة حيوان لا مثيل لها في أفريقيا، فنأتي بعد (قرن) لنمسحها من الوجود، ونستبدلها بأقفاص موزعة على عدة حدائق!!
{ أليست فضيحة.. ألا يزور والي سنار محمية الدندر التي زارها في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات عدد من رؤساء دول وحكومات العالم؟!!
{ عاوزين (أمير) يزور “الدندر”.. عشان نكتشف إنو عندنا (محمية) زي ما اكتشفنا إنو عندنا (بجراوية)..!!
الهندي عزالدين
المجهر