* كان الوطن يمثل حضوراً طاغياً وهماً أكبر وقضية محورية في أول أغنية كتب كلماتها وصدح بها الفنان محمد سلام في مهرجان الثقافة عام 1982م، لتحرز الأغنية المركز الثاني، وسلام يصدح شادياً:
يا بلد دايماً بشوفك ضحكة في عيون الصبايا.. يا مزارع يا سواعد
شامخة عزة وواقفة تتحدى الشدائد..
* لا يستطيع مدني النخلي إحصاء قصائده التي كتبها، لأن القصيدة بالنسبة له حالة شعورية تترجم إحساس الموقف الذي يعيشه، وكل حالة من حالات الحركة والسكون تمثل عنده نصاً شعرياً، إلا أن القصائد المغناة التي يمتلكها تتجاوز الثمانين أغنية، تغنى بها عدد كبير من الفنانين مثل (مصطفى سيد أحمد، علي السقيد، خالد الصحافة، يوسف الموصلي وغيرهم)..!!
* يعتبر مدني النخلي من الشعراء المُجددين في الأغنية السودانية، فهو صاحب مفردة خاصة، يميل إلى الرمزية في طرحه، ويضع هموم البلد وقضايا الوطن نصب عينيه، كما أن أعماله العاطفية ذات طابع مختلف، ويكفي أن أول أغنية عاطفية من أشعاره تغنى بها الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد، فحفظها الناس عن ظهر قلب، وباتت (علميِ عيوني السفر) من الأعمال الراسخة في الوجدان والكل يردد:
علمي عيوني السفر
ما البسافر في عيونك
سكتو بتبقى السلامة
ينسى أحزانو وبعرف
الدنيا جنبك ابتسامة
ظللي الناس بجناحك
وأبقي ليهم ضل غمامة.
* لم نعد نسمع لصديقنا النخلي جديداً على الرغم من حاجة الساحة للأعمال الوطنية والعاطفية، و(واقف براك والهم عصف)..!!
(إحساس) بالوطن..!!
* سودانيته الخالصة وحبه لتراب بلده وتأكيد الانتماء له، يدفع الفنان المرهف عمر إحساس دائماً للاحتجاج على تسمية (الأغنية الدارفورية)، ويرى أن إطلاق الاسم بهذه الصورة يُبعِد دارفور عن الوجدان السوداني بمختلف تكويناته، ويخلق حالة من العزلة و(الانفصال الجغرافي)، لذا فإنك تجده من أنصار الحديث عن (الأغنية السودانية القادمة من دارفور)..!!
* استطاع إحساس فرض وجوده وصنع لنفسه اسماً في (المركز) متحدياً كل الصعاب التي تجابه القادمين من الولايات التي يُصنِف بعضها ضمن قائمة (الهامش)… ردد (أغنية الوسط) ليثبت علو كعبه الغنائي ونبوغه الأدائي، إلا أن تركيزه الكبير كان على زراعة (أغنية دارفور) في أرض الواقع، فحفظ الناس: (دارفور بلدنا)، ورددوا من خلفه أعمالاً عديدة مثل (زولي هوي)، وغيرها من الأغنيات التي قدمها عمر إحساس بجرأة لا مثيل لها..!!
* نجحت أغنيات دارفورية مؤخراً لأصوات شابه، إلا أن دارفور – ذات الأحداث الصاخبة – لم تقدم أسماء جديدة بعد إحساس وأحمد شارف، فهل فقد (وجدان) دارفور الفني مؤخراً (إحساسه) بالمركز..؟
(كلمة) في حق محمد يوسف..!!
* رهافة حس.. جزالة تعابير.. حُسن بيان.. روعة تصاوير.. خصوبة خيال.. عمق مضامين.. قوافٍ تطرب الأفئدة، ونصوص شعرية تخطف الانتباه، وترسخ في الأذهان وتسكر الوجدان.. لا يمكن أن يذكر الشعر الغنائي السوداني في العصر الجديد دون أن يأتي مقروناً باسم الشاعر القامة محمد يوسف موسى، رئيس اتحاد شعراء الأغنية السودانية، الذي رفد مكتبة الغناء السوداني بأجمل النصوص الشعرية وأعذب القوافي، لتتجاوز أعماله المغناة (80) أغنية منذ بداياته مع زيدان إبراهيم في عام 1963م عبر (آخر حب وأول قلبك ليه تبدل)، لتليها في عام 1964م أغنية (صدفة غريبة) لصلاح بن البادية، تلك الأغنية التي كانت أول عمل يتم تسجيله لمحمد يوسف موسى في الإذاعة، وتواصل المشوار تباعاً لتأتي (عذبني وزيد عذابك) لمحمد وردي، و(كلمة) لابن البادية وغيرها عشرات الأغنيات..!!
* لم يمنع عمل محمد يوسف موسى في وزارة (النقل والمواصلات) تارة، ووزارة المواصلات تارة أخرى من التعاون مع الصحافة التي شكَّل فيها إضافة كبيرة بالعمل في مجال النقد الفني.. تدرج في عمله بالوزارة منذ 1978م حتى وصل منصب مدير العلاقات العامة، ثم ترجل عن صهوة جياد العمل بالوزارة عام 2002م تاركاً مشواراً ناصعاً وسيرة طيبة وعطاءً ثراً ورحلة كفاح طويلة مع الخدمة المدنية..!!
* أكثر من (300) قصيدة سطرها يراع رئيس اتحاد شعراء الأغنية السودانية، يأتي في صدر قائمتها أكثر من (30) عملاً وطنياً، ولم يترك الرجل حدثاً دون أن يعبر عنه بالقوافي، فكانت قصائده تعكس واقع الحال في جنوب كردفان ودارفور، وعندما انفصل الجنوب رسمياً ضخ دماء الأمل في الشرايين وهو يعلن للناس أن السودان سيظل بلداً كبيراً بحجم الرهان وكتب منشداً:
عشت يا وطن الصمود
عشت عنوان للتحدي
إنت ما اتعودت تاخد
إنت اتعودت تدي..
* عزيزي محمد يوسف: لوّنتم الفضاء بإبداع أخضر، فهل من (كلمة) جديدة في هذا الزمن الأغبر؟..
نفس أخير
* واقف براك والهم عصف
واقف براك والهم عصف
ريحاً كسح زهرة صباك
ليلاً فتح شرفة وجع
قمراً رحل فارق سماك
هيثم كابو – ضد التيار
صحيفة اليوم التالي