نفى خبير سوداني في القانون الدولي ومنازعات الحدود بشدة، ما ذكره المحكم الدولي في الحدود البحرية عثمان محمد الشريف من قدرة السودان على جر مصر إلى التحكيم أمام محكمة قانون البحار على اثر إيداع الخرطوم الشهر الماضي لدى الأمم المتحدة قرارا جمهوريا يتعلق بإحداثيات خطوط الأساس لمناطقه البحرية والتي شملت مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر.
وارفق السودان ايضا اعتراضا على إحداثيات مماثلة أودعتها حكومة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك عام 1990 بزعم أنها تتعدى على سيادة السودان في منطقة حلايب.
ويقع مثلث حلايب في أقصى المنطقة الشمالية الشرقية للسودان على ساحل البحر الأحمر وتسكن المنطقة قبائل البجا السودانية المعروفة ومنذ 1958 يتنازع السودان ومصر السيادة على المثلث الذي فرضت مصر سيطرتها العسكرية عليه عام 1995.
ويضم المثلث 3 بلدات كبرى هي: حلايب وأبو رماد وشلاتين.
وكان الشريف ذكر في تصريحات لـ (سودان تربيون) يوم الجمعة، أن الإعلان الذي أودعته الخارجية السودانية لدى الأمم المتحدة أرادت الخرطوم من خلاله سلوك طريق ثالث بعد أن رفضت القاهرة خياري التفاوض المباشر والتحكيم الدولي.
وقال أن اتفاقية قانون الأمم المتحدة لقانون البحار الدولية ملزمة وأنه بعد إيداع السودان لهذا الاعتراض مضمنا بإحداثيات وخطوط الطول والعرض وفقا للخريطة الدولية، فإن الأمين العام للأمم المتحدة سيخطر مصر بأن “إيداعها في 1990 مخالف وهناك اعتراض عليه بإحداثيات وينتظر الرد وبعدها يمكن التقاضي”.
وقال “الدولتان المصرية والسودانية ملزمتان بالتحكيم وفق اتفاقية قانون البحار أمام المحكمة الدولية لقانون البحار وهي محكمة لديها هيئة قضاة وقانون ومواد منصوص عليها.. الأمين العام للأمم المتحدة ربما يحيل النزاع للتحكيم وحال رفضت مصر يمكنه التدخل بإجبارها على الخضوع. إذا مضينا في القضية كنزاع بحري سيكون لدينا وسائل للتحكيم الملزم.. لكن بريا لا يوجد قانون تحكيم ملزم. الأمين العام للأمم المتحدة بحكم أنه الضامن للاتفاقية يمكنه منع الأمر الواقع الذي كرسته مصر في عام 1995 بوضع اليد على مثلث حلايب لأن الحدود البحرية للسودان في حلايب ثابتة وهي مكملة للحدود البرية”.
لكن خبير القانون الدولي الدكتور فيصل عبد الرحمن على طه قال في مقابلة مع (سودان تربيون) السبت، إن المحاكم المنشأة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لن تستطيع ممارسة أي اختصاص بشأن المنطقة البحرية لحلايب طالما أن النزاع البري حول المنطقة لم يسوى بعد.
وأضاف ” افردت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار احد أجزائها لنظام تسوية المنازعات المتعلقة بتطبيق أو تفسير الاتفاقية، يحفظ هذا النظام حق الدول الأطراف في أن تتفق في أي وقت على تسوية منازعاتها بأي وسيلة تختارها.. وفي غياب ذلك أو إذا لم تتم التسوية بالوسيلة التي اختارتها أطراف النزاع يكون عندئذ اللجوء إلى الإجراءات الإلزامية التي تؤدي إلى قرارات ملزمة،وتتيح الاتفاقية للدول الأطراف أن تختار بإعلان بين المحكمة الدولية لقانون البحار التي أنشاتها أو محكمة العدل الدولية أو محكمه التحكيم المنشأة بموجب المرفق السابع للاتفاقية”.
وتابع “لقد اختارت مصر التحكيم وفقا للمرفق السابع كوسيلة أو إجراء لتسوية المنازعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ويعتبر السودان قانونا قد قبل بالتحكيم بموجب المرفق السابع لأنه لم يصدر بعد إعلانا حدد بموجبه وسيلة التسوية السلمية التي يفضلها”.
غير أن طه شدد على أن محكمة التحكيم التي قد تشكل بموجب المرفق السابع لاتفاقية قانون البحار “لن تنظر في نزاع يتعلق بمنطقة حلايب البحرية لأن ذلك سيستدعي بالضرورة النظر في نزاع السيادة على إقليم حلايب البري وهو أمر لا يتعلق بتطبيق أو تفسير اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بل تحكمه قواعد أخري من القانون الدولي”.
ونوه إلي أن الحقوق البحرية تستمد من سيادة الدولة الساحلية على إقليمها البري لأن الأرض تسيطر على البحر.
وفند دكتور فيصل ما ذكره الشريف من أن ايداع السودان لخطوط الأساس المستقيمة هو إجراء قصد منه خلق طريق ثالث بعد أن رفضت القاهرة خيار التفاوض المباشر أو التحكيم.
وقال” الدولة الساحلية التي تستخدم طريقة خطوط الأساس المستقيمة ملزمة بموجب المادة (2) 16 من الاتفاقية بأن تودع لدى الأمين العام للأمم المتحدة خرائط خطوط الأساس المستقيمة التي تستخدمها و يمكن الاستعاضة عن الخرائط بقوائم إحداثيات جغرافية و هذا ما فعله السودان مؤخرا و يجوز للدول المتضررة من طريقة خطوط الأساس المستقيمة التي استخدمتها دولة ما أن تحتج على ذلك بمذكرات احتجاج دبلوماسية إلى الدولة المعنية و تودع نسخا منها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة وكل ما تفعله الأخيرة في هذا الصدد هو نشر تحفظات أو احتجاجات هذه الدول في موقع المحيطات و قانون البحار للأمم المتحدة”.
واكد دكتور فيصل أن الأمانة العامة للأمم المتحدة “ليست لديها أي اختصاصات أخرى في هذا الشأن” وأن الأمين العام للأمم المتحدة “ليست لديه سلطة إحالة النزاع حول خطوط الأساس المستقيمة للتحكيم أو إجبار الدول المعنية على ذلك”.
وأضاف ” الأمين العام للأمم المتحدة هو الوديع لاتفاقية قانون البحار بموجب المادة 319 أما ما ذكر بشأن أنه ضامن للاتفاقية فلا يوجد لذلك نص أو حكم في الاتفاقية”.
و تابع “في كل الأحوال لا تستطيع دولة أن تلزم الأخرى بقبول خطوط الأساس المستقيمة التي أعلنتها. فمثلا إذا قرر السودان و السعودية أن يجلسا معا لتحديد الحدود البحرية المشتركة في البحر الأحمر فلن تلزم إحداهما الأخري بقبول خطوط أساسها المستقيمة وسيتم التحديد من الساحل إلى الساحل مع تجاهل أي خطوط أساس مستقيمة للبلدين”.
سودان تربيون
*الصور أعلاه
د. فيصل عبدالرحمن على طه