تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن النساء أكثر عرضة من ضعفين إلى 3 أضعاف في أرجحية تشخيص أحوالهن بالاكتئاب، ما يؤدي إلى انطباع مشترك أن الاكتئاب هو عموماً من الأمراض التي تصيب المرأة.
أما المفاجأة التي كشفها عدد من العلماء، بل يجادلون بشأنها مؤخراً بقوة، فهي أن معدلات #الاكتئاب قد تكون متشابهة جداً بين الرجال والنساء، وأن الاكتئاب لدى الذكور غير مشخص، وغير معترف به على الإطلاق، بسبب عدة عوامل متنوعة.
عام 2017
يستعرض مقال للبروفيسور، روب ويتلي، بمجلة “سايكولوجي توداي”، تلك العوامل، مواكباً لقرار #منظمة_الصحة_العالمية باختيار مرض الاكتئاب “مرض عام 2017″، بهدف رفع مستوى الوعي به.
والاكتئاب هو أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة وسوء الصحة في جميع أنحاء العالم. ويمكن أن يكون له تأثير مدمر على نوعية حياة الشخص المصاب، والتي تنطوي على معاناة نفسية شديدة، فضلاً عن ضعف وظيفي حاد.
وتشير البحوث إلى أن ما يقرب من 1 من كل 5 أشخاص سوف يواجه حالة اكتئاب خلال حياته. ومن المثير للاهتمام أن الدراسات الاستقصائية الوبائية تشير بشكل روتيني إلى أن نسبة انتشار الاكتئاب لدى الرجال أقل بكثير من النساء.
يجادل بعض الباحثين بأن معدلات الاكتئاب قد تكون متشابهة جداً بين الرجال والنساء، وأن الاكتئاب لدى الذكور غير مشخص، وغير معترف به على الإطلاق، بسبب عدة عوامل متنوعة.
أقل اعترافاً
أولاً، تشير البحوث إلى أن الرجال أقل احتمالا بكثير للاعتراف بالاكتئاب والإبلاغ عن أعراضه المحتملة. وبالمثل، غالباً ما يحكم الرجال بأن أعراض الاكتئاب عندهم أقل حدة، مقارنة بالنساء.
وهذا ما دفع بروفيسور ييل سوزان نولين-هوكسيما إلى إعلان أن النساء يقمن “بتضخيم” الأعراض المحتملة للاكتئاب، بينما يقلل الرجال من “حدة” تلك الأعراض.
أو بعبارة أخرى، يرجح أن يقلل الرجال من حدة معاناتهم، سواء كانوا يحكون لأنفسهم أو لغيرهم.
وهذا يعني أن الأطباء، فضلاً عن علماء #الأوبئة، قد يخفقون في الكشف عن وجود الاكتئاب عند الرجال. ويمكن لهذا الإخفاق أن يسفر عن معدلات انتشار منخفضة بشكل غير دقيق، فضلاً عن العديد من “السلبيات الكاذبة”، حيث يتم تشخيص الرجال الذين يعانون من الاكتئاب الفعلي على أنهم أصحاء عقلياً.
التصرف “داخلياً”
ثانياً هناك ترجيح أن الاكتئاب يمكن أن يظهر نفسه بشكل مختلف تماماً بين الرجال، وبطريقة لا تكشفها أساليب التشخيص المتاحة حالياً. ويستند ذلك إلى بيانات تشير إلى أن النساء يعمدن إلى “التصرف داخلياً بطريقة ما” عندما يتعرضن لمعاناة شخصية عميقة، بينما يفرج الرجال عن أنفسهم.
والتصرف داخلياً عبارة عن حالة نفسية، حيث يعاني المتضرر من الشعور بالذنب، وفقد القيمة، واليأس، والعجز والفراغ. أما التفريج عن النفس فهو حالة سلوكية غالبا ما تنطوي على مستويات مرتفعة من تناول الكحول وسوء استخدام الأدوية، وزيادة المخاطرة وضعف القدرة على جمح النفس، وزيادة الغضب والتهيج.
وقيل إن هذه المتغيرات في التفريج عن النفس إنما هي “مكافآت اكتئابية” تخفف من الحزن المرضي والوحدة والاغتراب عند الرجال المصابين. ويرتبط هذا بمفهوم “الاكتئاب المقنع”.
التناقض بين الجنسين
ثالثاً لا يزال الارتباك يسيطر على العلماء فيما يسمى “التناقض بين الجنسين” بالنسبة لمعدلات #الانتحار. فالاكتئاب يعتبر أحد أقوى العوامل الممهدة بالانتحار، ويشكل الرجال حوالي 75% من حالات الانتحار المكتملة.
ويعد الانفصال بين انخفاض معدلات تشخيص الاكتئاب وارتفاع معدلات الانتحار لدى الرجال دليلاً آخر على أن التدابير التقليدية للاكتئاب قد تضل طريقها عندما يتعلق الأمر بتحديد حالات الاكتئاب لدى الذكور.
العربية نت