محمد الطاهر العيسابي

آهـٍ .. لطِفلة ود بانقا !!

-1-
في إحدى حواضر دولة ( السويد ) ذهب تلاميذ في رفقة معلمتهم لزيارة حديقة الحيوان ، وهناك أصاب تلميذاً صغيراً ( بطة ) كان يلاعبها بحجر مما أدى لموتها ، إستقال على خلفية هذه الحادثة وزير التربية بالسويد ومدير التعليم ومدير المدرسة التي قتل أحد تلاميذها البطة دون قصد !
وعندما سُئل الوزير عن دواعي استقالته قال لاننا أخفقنا في إعداد منهج يُربي هذا التلميذ على ( الرأفة ) بالحيوان !
منتهى المسؤولية بالإخفاق ، والشعور بالذنب تجاه موت ( طائر ) من غير قصد ، من قِبل تلميذ يافع لم يبلغ الحلم !

-2-
صُدمت صباح أمس كما صُدم غيري بوفاة الطفلة ( شهد صالح ) ذات السبع سنوات ، نتيجة الإهمال والقصور الواضح من قِبل المسؤولين بوزارة الصحة ابتداءًا من الاتحادية ثم الولائية ثم المستشفى ، دون أن يحرك فيهم ساكناً ، جيوش جرارة من وزراء صحة ووزراء دولة ووكلاء وزارة ومدراء ، تستنجد بهم ( طفلة ) وهي تصرخ وهم نيام كأن على آذانهم وقر !
سيقفون بلاشك في يومٍ ، أمام رب عادل حرّم الظلم على نفسه لايظلم أحداً ، وليست لجان تحقيق معدومة الضمير ، وستقف ( شهد ) أمامهم ، ماذا قائلون وهم الذين ولّوا عليها ، يتقاضون أجورهم ويتقلبون في نعيم مخصصاتهم ثم يذهبون ليغطوا في فراشهم الوثير !

الخبر الصادم الذي نحكي عنه ، فقدت يوم أمس منطقة ( بانقا المحطة ) 50 كيلومتر جنوبي مدينة شندي بولاية نهر النيل ، الطفلة ( شهد صالح ) ذات السبع سنوات ، نتيجة لسعة عقرب سامة أودت بحياتها ، ليخيم الحزن والأسى على أسرتها و يعتصر الألم أهلها و تفجع البلدة على فقدها .
وكانت الطفلة ( شهد ) قد أصيبت بلسعة عقرب سامة بعد انقطاع التيار الكهربائي بمنزلها ، وتم اسعافها الى مركز صحي بالمنطقة اعتذر للأسف عن عدم وجود مصل لاتزيد قيمته عن ( 50 ) جنيها !! ً .

مما إضطر أهلها لنقلها لمستشفى ( د . مجذوب الخليفة ) بمدينة شندي ، الذي اعتذر الاطباء فيه عن توفر المصل هو الآخر ، مما اضطرهم لاعطائها حقنة مخدرة ، لحين بحث والدها عن مصل ، وظل الوالد يجوب صيدليات المدينة هائماً على وجهه ، والطفلة تصارع الألم ، لتفارق الحياة في اليوم الثاني من الإصابة ، وتترك غُصة في الحلق ، و دموعاً على خد والديها ، وتشكو لله ذلك القصور ممن ولّوا عليها .

-4-
هذا الحال ليس قاصراً على الطفلة ( شهد ) لحالها وإنما العشرات يموتون في أريافنا في ( صمت ) لعدم توفر المصل ، ويضطر بعضهم ( لقرش ) الليمون والبصل وهم يعتصرون الألم ويرفعون أيديهم إلى الله يشكون له قلة ضعفهم وهوانهم على المسؤولين عنهم !
فأن توفر الدولة سيارات الدفع الرباعي لهؤلاء ، أهم و أكثر إلحاحاً لمصل عقرب لايتجاوز بضع جنيهات ، فنحن للأسف لانحسِن ترتيب الأولويات ، كما لايبدو اكتراثنا بمعاناة أهلنا في القرى والأرياف ، و إحساسهم بفلذات الأكباد والضعفاء الذين بهم تُرزقون !
ذهبت ( شهد ) إلى ربها موجوعة باكية ودموعها لم تجف من على خديها ، وهي تبث حُزنها وألمها لله رب العالمين ، وتركت قلوب ذويها تتقطع ، راضية بأمر الله وقدره ، حزينة لما آل إليه الحال ، لمن لم يطرف لهم جفن ، فقد ذهبت ( شهد ) ياهؤلاء ، فهل أنقذتم أخواتها في الريف والأمصار !!
والله المستعان .
وإلى لقاء ..

من الآخر
بقلم : محمد الطاهر العيسابي
motahir222@hotmail.com
صحيفة السوداني