*كالعادة يصادفني الزميل عطاف أمام الصحيفة..
*وكالعادة يأتيني مهرولاً ليقول لي (فلانة زعلانة منك جداً)..
*وكالعادة لا يجد عندي سوى ابتسامة لا معنى لها..
*أو ربما كان لها معانٍ ولكني لا أدري كنهها على وجه التحديد..
*فقد يكون سرها كامناً في ثنايا أحد هذه التساؤلات:
*يعني مثلاً: يا (راجل) ألا تنقل لي إلا غضب (النساء)؟..
*أو: طيب شكراً؛ ولكن ما المطلوب مني بالضبط الآن؟..
*أو: لماذا يخترنك أنت بالذات لتكون (سريع التوصيل لحرارة غضبهن)؟..
*أو- وهذا هو الأرجح-(ياخي بقت عليها يعني؟)..
*والسؤال الأخير هذا يناسب أكثر حالة آخر (زعلة) نقلها لي وهو (سعيد)..
*فأصدقاء نانسي في (القروب) غضبوا كلهم لغضبها..
*ثم فعلوا الذي يجيده غالب أبناء جنسي الآن- بدرجة امتيا- وهو (الشتم)..
*وهذه ظاهرة تحتاج إلى ألف (دكتور بلدو) كي يفهموها..
*ثم يفهِّمونا نحن- من بعدهم-إن عثروا على تفسير لها في عوالم علم النفس..
*فربما يكون السبب هو ذيوع آفة (العنف اللفظي السياسي)..
*أو الوضع الاقتصادي الذي أحدث (شروخاً) في ذهنية سودانية كانت (سليمة)..
*أو حالة اليأس والإحباط و(القرف) التي اجتاحت الجميع..
*فالكل صار يشتم الآن: موالون ومعارضون ومحايدون و(مناضلون) عبر الأسافير..
*وصفحنا الأسفيرية تئن- هذه الأيام- من وطأة الشتائم..
*شتائم تخطى أكثرها حاجز الخطوط الحمراء بمراحل..
*وأحس أن مبادئي الديمقراطية تواجه امتحاناً هو الأصعب طوال حياتي..
*فإما أن ألجأ إلى (المقص) فأتشبه بالأنظمة الشمولية..
*وإما أن أتقبل- برحابة صدر- فتضيق صدور الذين تؤذيهم البذاءات..
*وإما أن أرد بالمثل فأنزلق إلى مستنقع آسن أحذر منه..
*وكتبت- قبل فترة-عن أن (هياجنا الانفعالي) بات يسبق (تفكيرنا العقلاني)..
*هياج يفرز شتائم (مقززة) في كل الاتجاهات ..
*تجاه رموز سياسية ووطنية ورياضية واقتصادية واجتماعية وصحفية..
*ثم تجاه المصريين- الآن- بسبب حلايب..
*حتى الذين تداخلوا في صفحتنا بأدب- من شمال الوادي- شُتموا (شتيمة الأراذل)..
*ولو كانت الشتائم تحل مشكلة لأرجعت لنا حلايب هذه..
*ولأسقطت حكومة الإنقاذ شر إسقاط..
*ولبدلت بؤسنا المعيشي رخاءً ووفرة وفاكهة- من الخارج-(غير ذات تلوث)..
*ولجعلت معارضينا يرتقون إلى مستوى المسؤولية السياسية..
*لفعلت لنا الكثير-الشتائم-إن كان لها نفع..
*أو ربما كان لها- ولا نعلم- وهو التنفيس عن احتقان عاطفي جراء (العجز)..
*وفي الحالة هذه فليكن حائطنا الإلكتروني (حائط مبكى)..
*ويا عزيزنا عطاف: بما أنك (سريع التوصيل للحرارة) فبلغ نانسي دعوة (حارة) منا..
*دعوة بأن تنضم هي وأصدقاؤها إلى حائط مبكانا (الخيري)..
*ثم يغنوا جميعاً معها (أشكي وأبكي آلامي !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة