في نهاية مارس الماضي كان ارتفاع بحيرة سد مروي يزيد بمترين عما كان عليه الأمر في مارس 2016م، وبالرغم من هذا قلت مساهمة السد في اجمالي التوليد المائي البالغ (%56.2) من التوليد في الشبكة إلى (%41.8)، بينما كانت في العام 2010م حوالي (%60).. وحتى لا نرسل القول على عواهنه فإننا سنعتمد على الأرقام التي اعتمدتها وزارة الكهرباء لواقع التوليد في الشبكة بشقيها المائي والحراري، وعليه وبمقارنة انتاج محطة كوستي الحرارية (237,569) ميقاواط ساعة في مارس 2016م في حين أنتج سد مروي لذات الفترة (596,967) ميقاواط.
في مارس 2017م انتجت كوستي الحرارية (246,073) ميقاواط وبلغ إنتاج سد مروي من الكهرباء (388,323) ميقاواط، وعليه يتضح ومن خلال الأرقام التي لا تكذب ومن خلال الرصد لبقية أشهر السنة فإن كهرباء كوستي بعد دخول كل وحداتها للانتاج أنتجت تقريباً أكثر من نصف انتاج سد مروي، في حوالي (19) يوماً تم فيها فتح كل البوابات الواجب فتحها.. وفي هذه الفترة بلغ متوسط مساهمة سد مروي (%48) من إجمالي التوليد في الشبكة في 2016م، وانخفضت في مارس من العام 2017م إلى (40%)،، وكانت مساهمة سد مروي في عام 2011م حوالي (70%)من إجمالي التوليد في الشبكة.
نحن نفهم الجرعة المعنوية التي صاحبت تشييد سد مروي باعتباره أكبر صرح قام في عهد الإنقاذ وانه جاء في فترة اشتدت فيها عزلة الحكومة الخارجية وسط تململ شعبي كاد يتحول الى ثورة عارمة في احتجاجات 1996م، وما صاحب افتتاح السد من وعود وآمال أطلقت في الهواء حول اعتزام الحكومة تخيض تعرفة الاستهلاك وكهربة المشاريع الزراعية و شق قنوات لري (٤)مليون فدان منها اثنين مليون تستصلح لأول مرة، وبالرغم من أن التنفيذ توقف بعد إنتاج الكهرباء، إلا أن زفة مولد سد مروي لا تزال مستمرة.. وهناك إصرار غير مبرر على تكرار كلمات أصبحت بلا معنى خاصة في ظل استمرار معاناة الأهالي والمهجرين وعدم اكمتال تعويضاتهم ومماطلة الحكومة في الالتزام بما اتفقت عليه مع أهل المنطقة فيما يتعلق بالخيار المحلي، وتبخرت الوعود الحكومية لكهربة المشاريع الزراعية، وبدلاً من ذلك ازدادت معاناة الأهالي بانحسار النيل عن الجروف وأصبحت المياه على بعد مئات الأمتار، مما يتطلب ضخها مرتين، وتضاعفت تبعاً لذلك تكلفة ضخها، ويبست أشجار النخيل لتلتهمها الحرائق التي تحوم شكوك حول افتعالها..
إرتفعت مساحة سطح البحيرة، وأرتفع المنسوب الجوفي والسطحي للمياه في المنطقة شمال السد حتى البرقيق شمالاً، وزاد التبخر عن المعدل، أما التسرب فالنز شمال السد أكبر دليل على وجود تسرب ضخم دون معرفة حجمه أو مساراته.
على أهمية ذلك و بالرغم من أن لا أحد أفصح عن التكلفة الفعلية لسد مروي، وعما اذا كانت حقيقة قد ارتفعت من (2) مليار في البداية إلى (6)مليار دولار، وحسب تصريحات رئيس الرقابة على الكهرباء التي أكد فيها أن السد ينتج 1250 ميقاواط، مقروءة مع تصريحات وزير الكهرباء معتز موسى في عام 2015م من خلال برنامج حتى تكتمل الصورة الذي بثته قناة النيل الأزرق و قدمه الأستاذ الطاهر حسن التوم، وقال فيه وزير الكهرباء أن سد مروي استرد تكلفة انشائه، ينشأ السؤال، والحال هكذا، لماذا ترتفع تعرفة الاستهلاك؟
كان غريباً أن يحمل رئيس جهاز الرقابة على الكهرباء، الأجهزة الكهربائية الموجودة في السوق مسؤولية إهدار الكهرباء، ويبشر بأنهم بصدد إعداد قانون لتحديد مواصفات هذه الأجهزة، ونحن نحيله إلى قانون الكهرباء لسنة 2001م ففيه كل ما هو مطلوب، والمواصفات محددة وكان التقيد بها أحد شروط توصيل الكهرباء، وفيه تحديد مسؤوليات جهاز رقابة الكهرباءالذي يديره الجنيد شخصياً، وأهمها تحديد مواصفات الأجهزة والمعدات الكهربائية، وإعداد دراسات تكلفة الكهرباء، ومقترحات التعرفة، فهل يفعل جهازك يا جنيد شيئاً من هذا؟
سد مروي ليس معجزة تنموية، والمسخرة هي في التضليل والضجيج وتوهم النجاح، في رأينا أن محطتين مثل محطة كوستي الحرارية كانت تغنينا عن سد مروي، وتكفينا شر نفاياته وأضراره البيئية والاجتماعية، مع كل هذا فإن السيد الجنيد وزملاءه في الوزارة والشركات عليهم بعد البحث والدراسة أن يقدموا لنا الإجابة عن السؤال(لماذا يقول الناس إن السد ماسورة)، وأن يشرحوا لنا ماذا يعني أن السد ماسورة؟هل يعقل أن يتحدث مهندس يدير أهم وأخطر مرفق في الكهرباء لو فهم ذلك، أن يتحدث بلغة المواسير؟؟؟ نواصل مع الجنيد .
ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة آخر لحظة