لا لضبط النفس
أحد الصحفيين الكبار قال لي قبل فترة من الزمن وفي أعقاب كتابتي لعدد من المقالات تحت عنوان أيام في القاهرة… يا سهير هدي اللعب شوية نحنا عندنا مصالح وشقق في مصر.
حديث ذلك الصحفي ليس غريباً في ظل سيطرة لغة المصالح على طقوس ممارساتنا اليومية، كل يقول نفسي نفسي… أو نفسي والطوفان… لا أحد يهتم للوطن أو لمصلحة المواطنين.
المؤسف في الأمر أن البحث عن المصالح الذاتية أصبح سمة الكثيرين رجال ونساء مواطنين على حكومة .
خلال الأسبوع الماضي وعقب أن بدأنا نحصد ثمار التصعيد مع مصر أسرع البعض لنفس العادة القديمة القميئة… ممارسة الانكسار.
الانكسار كان بمجرد وصول وزير خارجية مصر سامح شكري حتى تحول قرار منع المصريين من الدخول بدون الحصول على تأشيرة إلى خبر يقول يسمح للمصريين والسودانيين بالإقامة لفترة ستة أشهر.
بمعنى أن مصر والتي ظلت تفرض تأشيرة على السودانيين منذ 2004 لملمت أطرافها وهرولت إلى الخرطوم بمجرد فرض الأخيرة لتأشيرة دخول للمصريين… لم تستطع احتمال القرار فبادرت إلى الجلوس للخرطوم وتقييده بفترة ستة شهور.
المشكلة ليست في هرولة القاهرة. فالقاهرة متخصصة في الهرولة ودروبها وظلت على الدوام تهرول تجاه أمريكا وتل أبيب والخليج وتعلم جيداً ماهية الهرولة، إنما المشكلة في الخرطوم التي استجابت لتلك الهرولة.
وقبل أن يجف الحبر الذي كتب به الخبر تراجعت الخرطوم وقيدت القرار بستة أشهر، بل أمنت على وجوب إبرام ميثاق شرف إعلامي يكون ديدن المرحلة المقبلة يلتزم فيه الإعلام برأب الصدع وعدم التصعيد.
ولكن ومع الأسف وكما هو متوقع نكصت القاهرة أول ما نكصت في إرجاع معدات المعدنين السودانيين ثم بدأت في تصدير المواطنين المصريين المصابين بالتهاب الكبد الوبائي حتى وصلت الإصابات في السودان إلى مليون إصابة.
يوم أمس استحدثت القاهرة أسلوباً جديداً في التصعيد بمنع الصحفي الطاهر ساتي من دخول أراضيها… حسناً أين الميثاق والمعاهدات التي أبرمت قبل أسبوع؟.
الأمر واضح كالشمس مصر لديها أهداف معينة ترغب في تمريرها وحراستها وهذا جميعه لا علاقة له بالمفاوضات والاجتماعات مع وزارة الخارجية، فتلك لا تعدو أن تكون مناورات وجس نبض وذر للرماد في العيون بينما تمضي بخطى ثابتة نحو أهدافها.
أطرف ما في الأمر قول الوزير المصري إنه يشعر بالألم إزاء موقف مصر المؤيد للعقوبات ضد السودان في مجلس الأمن، لا يا خي صدقناك.
سهير عبدالرحيم
السوداني